من بين أكثر معالم الواقع الجديد الذي أفرزته أزمة كورونا في أنحاء العالم، كانت تلك السطوة الهائلة لوسائل التواصل الاجتماعي، التي باتت سمة إيجابية واضحة لا ينكرها أحد في وقتنا الحاضر، حيث تمثل قفزة كبيرة للتواصل بشكل تفاعلي أكبر، وبقدر ما أسهمت تلك الوسائل في تخفيف وطأة أزمة التواصل المباشر بين الناس، بفعل المخاوف من تفشي الفيروس، بقدر ما بدا من وجهة نظر كثيرين أنها لم تنجح مع العديد من كبار السن، رغم أنهم الفئة الأضعف والأكثر احتياجاً في هذه الأزمة، حيث إنهم معرضون بشكل خاص للوحدة والعزلة الاجتماعية، والتي يمكن أن يكون لها تأثير خطير على الصحة الجسدية والنفسية، بل على العكس من ذلك نلاحظ أن كبار السن في مجتمعنا السعودي يتصفون بالعزوف الشديد عن استخدام الإنترنت وتطبيقاته، ويعللون تجنبهم استخدام الإنترنت بعبارة "أنا لا أحتاج للإنترنت"، أو "لقد عشت 60 أو 70 سنة من العمر من دون الإنترنت، فلماذا أهتم به الآن؟". وتطرقت إيمان العمر - اختصاصية علم النفس - لكيفية مساعدة أفراد الأسرة المسنين على تبني التكنولوجيا لمكافحة الوحدة، والبقاء على اتصال مع أسرهم وأصدقائهم خلال هذه الفترة الصعبة وما بعدها بقولها: إنه من البر أن نساعد كبار السن على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ليتعايشوا بقرب أكثر مع الواقع الجديد، لأهمية وفعالية أنشطة مواقع التواصل في تقليل الشعور بالوحدة، فضلاً عن مساعدة كبار السن على مكافحة البعض من الأمراض المزمنة مثل مرض السكري أو ضغط الدم المرتفع. وأكدت على أن العديد من الأبحاث أثبتت قدرة التكنولوجيا ووسائل الإعلام الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي على بناء علاقات ناجحة بين كبار السن، حيث إنها نجحت في التقليل من المشكلات النفسية والجسدية الناجمة عن شعورهم بالوحدة، وقللت أعراض الاكتئاب وأسهمت في تقليص عدد من الأمراض المزمنة مثل ضغط الدم المرتفع والسكري، حيث ساعدت التكنولوجيا في التقليل بنسبة 72 بالمئة من شعورهم بالوحدة والاكتئاب والإهمال وعدم الجدوى، وغيرها من المشاعر السلبية الكثيرة. وأشارت إلى أن كبار السن يعتبرون مواقع التواصل الاجتماعي منصة لكي يبثوا من خلالها أفكارهم وآراءهم الشخصية، حيث يرون أن لديهم خبرات وتجارب لا بد من بثها لجيل الشباب، حيث إنهم يشعرون بالتقدير كلما لاقت هذه الآراء إعجاباً أو تعليقاً. وبيّنت أنه يمكن لمحادثات الفيديو التي تستخدم خدمات مثل Skype أو FaceTime مساعدة كبار السن على البقاء على اتصالهم بأفراد الأسرة والأصدقاء، كما يمكن لمنصات وسائل التواصل الاجتماعي مثل telegram و Twitter ومنتديات مواقع الويب الأخرى تعريف كبار السن على المجتمعات عبر الإنترنت التي تشارك اهتماماتهم كمواقع التراث أو التاريخ أو الصيد على سبيل المثال، أو تساعدهم على إعادة التواصل مع الأصدقاء القدامى. وأوصت بتوفير الأدوات المناسبة نظرًا لأن العديد من تقنيات الاتصالات تصبح أصغر حجمًا، لذا يمكن أن يكون الكمبيوتر اللوحي مفيدًا بشكل خاص لكبار السن الذين لا يمكنهم التجول بسهولة؛ لأنه خفيف ومحمول، والشاشة كبيرة وواضحة، كما قد يساعد قلم حبر أو قلم التعرف على الكلام إذا كانت شاشة اللمس صعبة على اليد أو كانت الأصابع مصابة بالتهاب المفاصل الرديء.
مشاركة :