أعيش صراعاً دائماً بين مسؤولية القلم وهاجس الإبداع؛ فعملي فرض علي أن أكتب بجزالة معتمدة على اختزال الكلمات الواضحة المباشرة؛ ومن المهم جداً إتقان فن الرسالة في حضور الجمهور باختلاف الفئات والأجناس، وأن يكون الاتصال والتواصل حاضراً وفقاً لحيثيات وأسباب محددة. بينما تتوقد في ذهني رغبة الكتابة في إبداع المنطلق من المسؤولية في جودة وإتقان الخطاب تعتمد على فن المقال، فإتقان اللغة المكتوبة والمنطوقة في ظل ممارسة الكتابة والقراءة التي تجعل للإبداع حضوره. بدءًا بمسك القلم ومروراً بترجمة الفكرة وصياغة العبارة وانتهاءً بالتأثير في الآخرين وكيفية إيصال المراد بفكر إيجابي وجزالة عبارة وفهم للمقصود.. كمرشد وموجه وعضو هيئة تدريس لا جديد في عملي.. دائماً أبحث عن الفكرة الجديدة وأقبع في النمطية والتقليدية. (هي هكذا) هكذا ذكر أ.د عبدالكريم بكار ما مفاده (إن الكاتب إذا ذكر في بحثه أو كتابة شيئاً وهو موضع اتفاق، وهو مشهور قلنا إنه لم يأت بجديد ولم نستفد مما ذكره شيئاً.. وإذا اجتهد وجاء بشيء غير معروف من قبل فإننا ننكر عليه حق الاجتهاد ونتحفز لالتقاط هفواته والتشنيع عليها وهذا من قلة الإنصاف.. إن الفكرة الجديدة تستحق الاحتفال والابتهاج ولو أثارت شيئاً من الجدل فكم من قول تلقاه الناس بالتحفظ والتوجس ثم صاروا إليه وأثنوا على قائله، وكم من قول رحبوا به في أول الأمر ثم أعرضوا عنه). وهكذا إلى أن قال: إن الفكرة إذا كانت اليوم شيئاً رائداً وعظيماً فستصبح في يوم من الأيام شيئاً قديماً .. ولهذا فإن علينا الإنصاب بداء الغرور أولاً. وألا نتشبث بها ثانياً. ونرحب بالنقد الموجه إليها ثالثاً. وأن نعمل على تجاوزها رابعاً.. لنمارس الإبداع في حياتنا.. كتاباتنا.. وخطابات.. توجيهنا وإرشادنا . لنكتب إذا كنا نمتلك القدرة على الكتابة ولنشجع أنفسنا على القراءة، وتنمية قدراتنا، واكتشاف مواهبنا. موجهين ومرشدين لا منفذين ونمطيين. بالخروج من التقليدية والرتابة، ولا يكون ذلك بأداء العمل بصورة آلية إنما بممارسة الإبداع والشغف والفضول والمرونة والحداثة والاستفادة من الخبرات السابقة المميزة وفاعلية الممارسات محققين توافق وسعادة وتمكين. هنا تذكرت ما قاله هرقليطس وهو أحد فلاسفة اليونان ( أنه لو خير بين فكرة جديدة يقع عليها، وبين التربع على عرش فارس لاختار الفكرة الجديدة).
مشاركة :