العزل المنزلي يفاقم معاناة أطفال الاحتياجات الخاصة

  • 4/28/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أدت الظروف الاستثنائية التي تمر بها أغلب المجتمعات إلى تغيير مفاجئ في نمط حياة جميع الأشخاص، وأثرت على الأطفال والبالغين من ذوي الإعاقة بالخصوص ووضعت العديد من الأسر أمام تحديات جديدة وضغوط شديدة، جعلت العديد منها في حاجة إلى التوجيه من قبل أخصائيي التربية الخاصة والتأهيل بشكل سريع. لندن - تعتبر الاضطرابات التي أدخلها تفشي فايروس كورونا على روتين حياة الأفراد اليومي محنة مرهقة للجميع خاصة بالنسبة للأطفال المعاقين ولأسرهم التي تكافح من أجل رعايتهم في المنزل بعد أن تم إغلاق المدارس وبرامج الدعم الخاصة بهم في أغلب دول العالم، وفق وكالة أسوشيتد برس. وأشار الخبراء إلى أنه في سياق التدابير الاحترازية للوقاية من فايروس كورونا خاصة، يغيب الحديث عن الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة. وقال أحد الآباء على منصة “حبايبنا الإلكترونية” التي تساعد في التوجيه عن بعد وإرشاد الأسر للأساليب والطرق المتاحة للتخفيف من أثر الظرف الراهن وما يفرضه من قيود في الحركة والتنقل على الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية وأسرهم، “كأهالي الأطفال الذين لديهم تأخر تطوري أو أي مشكلة أخرى، يشكل العزل الذي يعيشه العالم تحد أكبر بالنسبة إلينا وتنهال علينا المشاعر والأفكار السلبية في معظم الأوقات، أحياناً نتغلب عليها لكن أحياناً أخرى لا نعرف ماذا نفعل!”. وأخذ محمد، البالغ من العمر 14 عاما المصاب بالتوحد، بعد أسابيع من الإغلاق الصارم في فرنسا، معولاً وبدأ في ضرب جدران البيت، آملا في الخروج في نهاية المطاف. معللا ذلك “بقيت طويلاً في المنزل، ومن الصعب جدا الانتظار أكثر”. وقال والده صلاح بارتياح إن محمد لم يمسك المعول مرة أخرى منذ الحادث الذي وقع في الشهر الماضي، لكنه لا يزال يشعر بالإحباط جراء المكوث المستمر في المنزل، مرددا “أريد أن أهدم المنزل”. وكانت والدة محمد، التي تعمل في دار رعاية مسنين، في إجازة مرضية بعد إصابتها بمرض كوفيد – 19، وكان عليها أن تعيش لعدة أسابيع معزولة في الطابق العلوي من منزل العائلة في ضاحية “مانت لا جولي” في باريس، مما زاد الأمر سوءا بالنسبة لمحمد، الذي تربطه علاقة وثيقة بوالدته، ويحتاج محمد في المنزل إلى اهتمام متواصل حتى لا يعرض نفسه للخطر. ويستطيع صلاح الكشف عن العلامات التي تظهر على وجه محمد عندما يتعرض لضغوط شديدة وتجعله يغضب. وأوضح “أن الوضع صعب بالنسبة إليه، يتعرض إلى التوبيخ، ودائما نقول له لا، ويجب علينا أن نعيد ذلك مرارا”. معترفا بالإرهاق الذي يعاني منه، حيث يعمل في المنزل كمهندس اتصالات بينما يرعى محمد وأخويه، الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و8 سنوات. ويبذل معلم محمد، كورينتين سانت فير غارنوت، قصارى جهده للمساعدة، وأوضح “إذا قمت بإزالة الركائز من شخص يحتاجها من يوم إلى آخر، فسوف تتعقد الأمور للغاية”. وتابع “الشعور بالوحدة وقلة النشاط يمكن أن يكون عميقا جدا عند الأشخاص المصابين بالتوحد”. الشعور بالوحدة والعزلة وقلة النشاط يمكن أن يكون عميقا جدا عند الأشخاص المصابين بالتوحد الشعور بالوحدة والعزلة وقلة النشاط يمكن أن يكون عميقا جدا عند الأشخاص المصابين بالتوحد وأكدت منظمة الأمم المتحدة أن أزمة كورونا عرضت الأشخاص المصابين بالتوحد لخطر لا يتناسب مع وضعهم ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى أخذ حقوق هؤلاء الأشخاص في الاعتبار عند صياغة جميع الاستجابات لمرض فايروس كورونا المستجد. وقال إن انهيار نُظم وشبكات الدعم الحيوي نتيجة لمرض كـوفيد - 19 يزيد من صعوبة العقبات التي يواجهها الأشخاص المصابون بالتوحد في سياق ممارسة هذه الحقوق، داعيا إلى أن نضمن ألا يؤدي أي تعطيل مطول ناجم عن حالة الطوارئ إلى انتكاسات في الحقوق التي جهد الأشخاص المصابون بالتوحد والمنظمات الممثلة لهم للنهوض بها. وأضاف الأمين العام “يجب عدم انتهاك حقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، عندما تتفشى الأوبئة. وتقع على عاتق الحكومات مسؤولية ضمان أن تشمل استجابتها مراعاة الأشخاص المصابين بالتوحد. وينبغي ألا يواجه الأشخاص المصابون بالتوحد أبدا التمييز عند التماس الرعاية الطبية”. وأكد المختصون أن أولياء أمور الأطفال ذوي الإعاقة لا يقومون بالتعليم في المنزل فحسب، بل يضيفون أيضاً العلاج والدروس العملية والإدارة السلوكية إلى مسؤولياتهم. ويخشى المعلمون من أن يقضي بعض الأطفال المصابين بالتوحد أشهراً في إعادة تعلم المهارات التي ربما فقدوها خلال فترة الإغلاق. وذكر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أن ذوي الاحتياجات الخاصة، أكثر عرضة لخطر فايروس كورونا المستجد، الذي تحول إلى جائحة عالمية، أودت بحياة عشرات الآلاف. وغرد غوتيريش على “تويتر”، “ذوو الاحتياجات الخاصة يتعرضون لخطر أكبر من التعرض لوباء كورونا”، مضيفا “يجب علينا أن نؤكد على حصولهم على الأمان والرعاية الصحية المتكاملة”. وجاء بيان غوتيريش تعليقا على بيان للأمم المتحدة، قالت فيه إن فايروس كورونا يمثل تحديا كبيرا لذوي الاحتياجات الخاصة، وحددت منظمة الصحة العالمية مجموعة من التحديات التي تواجه ذوي الاحتياجات الخاصة في ظل انتشار فايروس كورونا المستجد، مشيرة إلى أن تلك التحديات تجعل محاربتهم للوباء أكثر صعوبة، وتتطلب تعاونا كبيرا لحمايتهم بتكاتف الجميع. ويحتاج ذوو الاحتياجات الخاصة لاهتمام أكبر في هذه الأزمة، لأن بعضهم لا يصل إلى المعلومات التي يحتاج إليها في هذه الأوقات الصعبة، بينما تكون شروط حركة آخرين أن يكون هناك ملامسة للأسطح بصورة أكبر من الأشخاص العاديين. انهيار نُظم وشبكات الدعم الحيوي نتيجة لمرض كـوفيد - 19 يزيد من صعوبة العقبات والحواجز التي يواجهها ذوي الاحتياجات الخاصة وقال بيان أصدرته الجمعية التونسية للأشخاص ذوي الاعاقة، إن تونس تعيش منذ 20 مارس الماضي تحت الحجر الصحي الشامل، وحيث أن حوالي نصف مليون مواطن تونسي يمثلون فئة الأشخاص ذوي الإعاقة، فإن أغلبهم يواجه حواجز تحد من قدرته على ممارسة حياته اليومية بصورة طبيعية وتحرمه من الحصول على الرعاية الصحية المناسبة في ظل انتشار كوفيد – 19 والاحتياطات اللازمة التي اتخذت بشأنه، وعليه فإن الدولة التونسية ملزمة بأن تراعي متطلبات هذه الفئة من كل الجوانب عند اتخاذها للتدابير الوقائية والصحية في مكافحة الفايروس المستجد وذلك باتخاذ ترتيبات تيسيرية معقولة تتماشى وطبيعة كل نوع من أنواع الإعاقة. وشدد البيان على ضرورة أن تكون حالات الحجر الصحي الذاتي للأشخاص ذوي الإعاقة مصحوبة بوسائل الدعم والإسناد الشخصي وسهولة الوصول وتوفير وسائل التواصل. وشدد غوتيريش على ضرورة الاستمرار بإتاحة إمكانية وصولهم إلى نظم الدعم اللازمة لبقائهم في بيوتهم ومجتمعاتهم المحلية طوال فترات الأزمات، بدلا عن مواجهة احتمال الإيداع القسري في المؤسسات. ودعا الجميع إلى ضرورة القيام بدور في كفالة تلبية احتياجات الأشخاص الذين يتأثرون أكثر من غيرهم بمرض فايروس كورونا خلال هذه الفترة الصعبة، وتقديم معلومات عن التدابير الوقائية في أشكال يسهل الوصول إليها. وقال إنه يجب علينا أيضا أن نعترف بأنه عندما تستخدم مدارس التعليم عبر الإنترنت، فإن الطلاب الذين يستخدمون طرقا غير معيارية للتعلم يمكن أن يكونوا في وضع غير موات. وينطبق الأمر نفسه على مكان العمل وعلى العمل من بعد. ونبّه إلى ضرورة الالتزام بالتشاور مع الأشخاص ذوي الإعاقة والمنظمات التي تمثلهم، وضمان أن تكون أساليبنا غير التقليدية في العمل، والتعلم والتواصل بعضنا مع بعض، وكذلك استجابتنا العالمية لفايروس كورونا، شاملة للجميع وفي متناول الناس كافة، بمن فيهم الأشخاص المصابون بالتوحد. وأضاف “يجب أن تؤخذ حقوق الأشخاص من المصابين بالتوحد في الاعتبار عند صياغة جميع الاستجابات لمرض فايروس كورونا”. يذكر أن إحصائيات حديثة أظهرت أن هناك ما يزيد عن 40 مليون شخص، في المنطقة العربية وحدها من المصابين بشكل من أشكال بالإعاقة، أكثر من نصفهم من الأطفال والمراهقين.

مشاركة :