تعيش مياه بحيرة البندقية هذه الفترة هدوءا كانت له فوائد كثيرة على النظام البيئي الذي تخلّص من ضوضاء قوارب الغوندولا والقوارب السياحية، ما شكّل فرصة لإعادة اكتشاف النظام البيئي المتنوع للغاية الذي يعيش في بحيرة البندقية، فباتت الحيوانات البحرية تظهر على سطح المياه الشفافة أو تلتصق بالأرصفة. البندقية (إيطاليا) – هجر السياح البندقية منذ مطلع مارس في ظل تدابير الحجر المنزلي لمكافحة وباء كوفيد – 19، ما أعطى متنفسا للثروة المائية والنباتية في بحيرة المدينة الإيطالية لتعود بأبهى حللها. يحاول سرطان البحر الإمساك بعدسة الكاميرا المتطفلة لعالم الحيوانات أندريا مانغوني وتدفع قناديل البحر بنفسها إلى السطح فيما تسبح الأسماك بهدوء تحتها، كما تلتصق القشريات بأرصفة المدينة الشهيرة، وتتدفق الأعشاب البحرية الملونة مع التيارات المائية. فقد أفرغ فايروس كورونا البندقية من ملايين السياح منذ بداية مارس، ولم تعد مياهها تضطرب بالآلاف من القوارب السياحية وتلك المخصصة للأجرة وقوارب الغوندولا الشهيرة التي تعبرها عادة. بالنسبة إلى أندريا مانغوني، يعدّ هذا الأمر فرصة لإعادة اكتشاف النظام البيئي المتنوع للغاية الذي يعيش في بحيرة البندقية، وقد انتشر مقطع الفيديو لقنديل بحر يسبح بهدوء في مياه البحيرة الشفافة الذي صوّره هذا العالم على وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع. وقال مانغوني “أصبح بإمكاننا الآن رؤية 50 أو 60 سنتيمترا وأحيانا ما يصل إلى متر تحت المياه. ونتيجة لذلك، يمكننا أن نرى الحيوانات التي أخفيت حرفيا في المياه العكرة”. وأوضح مانغوني أنه لم ير مثل هذه المياه الصافية في العشرين عاما التي عمل فيها في البندقية. PreviousNext وأضاف “الاختلاف الوحيد هو أن البعض من الحيوانات التي ابتعدت في وقت سابق وانتقلت إلى قنوات أكبر وأوسع في البحيرة، يمكنها الآن أن تصل إلى مركز المدينة منذ توقف حركة القوارب فيها”. وقال ماركو سيغوفيني، الباحث في معهد علوم البحار في البندقية، إنه شاهد أنواعا بحرية جديدة في وسط المدينة للمرة الأولى. وتابع “الحيوانات والنباتات في بحيرة البندقية أكثر تنوعا وإثارة مما قد يعتقده المرء”. وأضاف “ما انخفض في المدينة ليس فقط حركة المرور والتلوث الناتج عن القوارب فحسب بل أيضا الضوضاء، وهو نوع آخر من التلوث ويزعج العديد من قاطني البحيرة”. ومع ذلك، فهو لم يفاجأ بعدد قناديل البحر التي رُصدت في المكان. وقال “على مدى السنوات العشرين أو الثلاثين الماضية، ازدادت أعداد قناديل البحر بشكل عام. هي تأتي إلى البحيرة بشكل متكرر أكثر خصوصا في أوقات معيّنة من السنة، ربما بدفع من التيار”. وشرح “عادة، هناك حركة المرور دائمة، لذلك من المرجّح أنه غالبا ما تقتل أعداد كبيرة منها”. ويلتقط مانغوني الصور ومقاطع الفيديو وهو في طريقه إلى العمل ويقول إن الحياة في البندقية هذه الأيام “مشابه لوجودك في الشعاب المرجانية”، مضيفا “اختلاف في الألوان وأشكال الحياة استثنائية، ما يجعل البحيرة فريدة من نوعها”. لكن سيغوفيني لا يعتقد أن الكثير سيتغير على المدى الطويل بالنسبة إلى الثروة المائية والنباتية في بحيرة البندقية. وقال “على الأرجح أن هذه الأشهر القليلة من الإغلاق لن تكفي لتغيير جودة نظامنا البيئي”.
مشاركة :