قال الباحث الأثري أحمد عامر، إن المصريين القدماء أول من قدسوا العمل بل وحققوا اكتفاءهم الذاتي من الطعام، كما نجحوا في في بناء حضاراتهم فنجد الأهرامات والمعابد والمسلات والمقابر خير دليل على مهاراتهم وتقدمهم، فقد تعددت المهن والحرف وبفضل هؤلاء المهرة من الصُناع والفنانين والمثالين والنحاتين الذين كانوا يعملون في الخدمات العامة فقد شيدت وقامت روائع الأعمال المعمارية من العمائر الدينية والجنائزية والتي تُعد من أهم خصائص الحضارة المصرية القديمة، وتمثل فئة العمال والمزارعين الكثرة الغالبة من الشعب، فنجد تقسيم المجتمع المصري في تلك الفترة كان ينقسم لطبقة عليا تكونت من الملك وحاشيته من أمراء وأسرة حاكمة وحكام أقاليم ووزراء وكبار ملاك وموظفين وقادة الجيش وكبار الكهنة وقيادات الشرطة، أما الطبقة الوسطى فتكونت من موظفين ومهندسين ورؤساء عمال وأصحاب حرف وصناع مهرة، وطبقة دنيا تكونت من صغار موظفين وأفراد جيش وشرطة وعمال وصيادين وفنانين ونحاتين وأصحاب حرف بجانب طبقة من الخدم.وأشار"عامر" إلى أن الحضارة المصرية القديمة أعطت للعامل العديد من الحقوق في أثناء العمل المُكلف به، فكان فريق العمل الذي عمل على بناء مدفن الفرعون كان يتألف من ما بين أربعين إلى ستين شخصا وكانوا مقسمين إلى مجموعتين كل واحدة منهم تعمل في طرفها الخاص من المدفن، على رأس كل مجموعة كان يقف "المعلم"، المعلمين والخطاطين كانوا يشكلون "القيادة العليا" ويقدمون تقاريرهم مباشرة إلى مساعد الفرعون "الوزير" الذي كان يزور الوادي دوريا للتفتيش، وكانت مدة العمل ثمانية ساعات يوميًا، وكانت مرتباتهم في شكل مواد غذائية من الصوامع والمخازن الملكية ومنها خضار وأسماك وقطع من النحاس والقماش وحبوب وبقول وزيوت ودهون وجعة، بجانب مكافأة تشجيعية تصرف في المناسبات مثل أعياد دينية وجلوس الملك، منها الجعة المستوردة وملح النطرون.وتابع "عامر" أن العمال في مصر القديمة قد عرفوا عطلات العمل في الأعياد والمناسبات الدينية، وهي حقوق عرفها وطالب بها وحصل عليها عمال مصر القديمة، الذين عرفوا حق تشكيل النقابات وتنظيم الإحتجاجات العمالية قبيل آلاف السنين، وتعتبر قرية "دير المدينة" والتي يرجع إسمها إلى "الدير القبطي" الذي أُنشئ في القرن السابع الميلادي أما الأسم القديم لها فكان "مكان الحق" أو "دار الحق"، ويبدو أن أقدم قرية في دير المدينة قد شُيدت في عهد "تحوتمس الأول" الذي عُثر على إسمه مختومًا على قوالب من الطوب اللبن التي إستُخدمت في بناء السور الذي أحاط بأول قرية.وأكد "عامر" أن الملك "أمنحوتب الأول" هو من قام بتأسيس أول نقابه عماليه خاصة من العمال والنحاتين، ولا يوجد ما يشير إلى إنهم كانوا يجبرون على أعمال قاسية، وتقارير العمل تشير إلى أنه من النادر وجود جميع العمال في وقت واحد بمكان العمل، كما أن التقارير تشير إلى أن الغياب عن العمل كان يملك العديد من الاسباب، منها المرض لأوقات قصيرة أو طويلة، وبعض العمال كانت لديهم ما يشبه نوع من التدريب الطبي وكان من مهمتهم معالجة المرضى، غير ان المرض ليس السبب الوحيد للغياب، إذ نجد شرب الجعة من بين الأسباب المسببة للغياب.
مشاركة :