شهدت المملكة مؤخراً توقيع مجموعة اتفاقيات مشتركة مع روسيا، وتشمل عدة مجالات مهمة وحيوية، أبرزها التعاون النووي الذي يؤكد رغبة المملكة بإنشاء مفاعلات نووية لأغراض سلمية، بالإضافة لأبحاث الفضاء.. بالطبع هذا التقارب الأخير بين البلدين كان سببه دوافع تنموية واقتصادية صرفة بسبب احتياجات المملكة المستقبلية.. وهنا يتضح للعالم كله بأن المملكة دولة ترسم سياستها الخارجية على أساس وطني لدولة ذات سيادة وليست دولة تتبع سياسة الدول الكبرى.. منذ سنوات نقرأ أحياناً كلمات مضحكة في الصحافة العالمية بأن المملكة لن تقيم علاقات اقتصادية مع روسيا بحجة أن الدول الغربية لا تسمح بذلك لغيرها.. وهذا الكلام يخلو من المنطق تماماً، حيث إنه من الطبيعي أن تكون علاقات المملكة الاقتصادية متركزة مع دول الغرب بفضل تقدمه التقني والعلمي.. وعندما طرحت اليابان نفسها كقطب صناعي في السبعينيات لم تتأخر المملكة لتوثيق علاقاتها الاقتصادية معها، وكذلك فيما بعد الصين؛ والتي كانت تلقّب بالصين الشيوعية، أقامت معها المملكة علاقات رسمية، وتعد الآن الشريك التجاري الأكبر للمملكة بعد الولايات المتحدة.. من ناحية أخرى ستظل الدول الغربية محل الاهتمام والتقارب الاقتصادي الأكبر للمملكة بفضل تقدمها التقني والذي سوف يستمر طويلاً دون تدخل أو مساس بسيادة المملكة، وبفضل هذه السياسة السعودية لبناء شراكات اقتصادية صنعت المملكة لنفسها مكاناً رفيعاً بين الدول المتقدمة والتي تحرص على صنع شراكة مع المملكة مثل كوريا الجنوبية وألمانيا مؤخراً.. العالم يحترم المملكة ليس لأنها تقيم علاقات من أجل أجندة سياسية، بل لأنها تستثمر في علاقاتها الدولية من أجل تنمية مؤسساتها واحتياجاتها الاقتصادية عبر ما طرحته من احترام دولي لواقعها المحترم عند كل الآخرين، عكس ما هو يحدث في الكثير من العالم العربي.. لمراسلة الكاتب: turki@alriyadh.net
مشاركة :