بكين 30 إبريل 2020 (شينخوا) "أعتقد أن النموذج الذي قدمه معرض بكين الدولي للبستنة (إكسبو بكين 2019) بشأن المستقبل الأخضر والتعاون الدولي سيكون له تأثير عميق"، هكذا قالت الدكتورة نادية المضاحكة مديرة إدارة البحوث والدراسات في مؤسسة الحي الثقافي في دولة قطر (كتارا)، بمناسبة مرور عام على افتتاح المعرض. فقد شاركت في المعرض، الذي أفتتح فى 28 أبريل 2019 بالعاصمة الصينية بكين تحت شعار "عِشْ أخضر، تعش أفضل"، حوالي 110 دول ومناطق ومنظمات دولية، لتصبح هذه أكبر مشاركة من نوعها في التاريخ. وقد أشاد به خبراء عرب خلال مقابلات معهم، معربين عن اعتقادهم بأن مفهوم التنمية الخضراء يقدم نموذجا متميزا لدفع التنمية المستدامة في الدول العربية وإن آفاق التعاون مع الصين في شتي المجالات مثل مكافحة التصحر والطاقة الجديدة رحبة للغاية. -- مفهوم التنمية الخضراء لحياة أفضل أكدت الدكتورة المضاحكة أن معرض بكين الدولي للبستنة يتيح فرصا قيمة لعرض تقدم الحضارة البيئية في الصين وتعزيز مسارات التنمية الخضراء منخفضة الكربون، كما يعد منصة لتقاسم الخبرات في مجال التنمية المستدامة بين الصين وبلدان العالم بما فيها الدول العربية. وأضافت أن الصين أثبتت من خلال استضافة المعرض دورها الكبير في حماية البيئة وتعزيز مسيرة التنمية الخضراء، مشيرة إلى أن المعرض أبرز جمال الطبيعة وكان فرصة لعرض الجديد من التكنولوجيا الخضراء كما وفر فرصة لتلاقي مشاركين من مختلف الحضارات، وهو ما سيعزز من التعاون الدولي في مجال السيطرة على التلوث البيئي. وقالت المضاحكة، في مقابلة خاصة أجرتها معها وكالة أنباء ((شينخوا))، إن هناك جهودا واضحة للعيان تبذلها الصين في سبيل تحقيق تنمية خضراء منخفضة الكربون، وإن بكين أرادت أن ترسل من خلال هذا المعرض وغيره من المعارض رسائل واضحة. ومن جانبه، ذكر ياسر رزق رئيس مجلس إدارة مؤسسة ((أخبار اليوم)) المصرية، الذي قام بزيارات عديدة للصين، أن الإنجازات العظيمة التي حققتها الصين في مجال حماية البيئة والإيكولوجيا واضحة، لافتا إلى أن "المناطق الحضرية والريفية في الصين تظهر صورة جميلة عن البيئة الجميلة، وتقدم مساهمات إيجابية في الإدارة البيئية العالمية، حازت على إشادة واسعة من المجتمع الدولي". ويرى أن تجربة الصين في الحد من التلوث البيئي وإدارة البيئة الأيكولوجية تجد حرصا من البلدان العربية على دراستها والاستفادة منها، وأن التعاون مع الشركات الصينية والتعلم من خبرات الصين في الإدارة البيئية يمكن أن يساعد الشعوب العربية على حل مشكلاتها البيئية بشكل أفضل. -- خبرات صينية في مكافحة التصحر تواجه الصين والدول العربية مشاكل التصحر، وبذل الصينيون جهودا كبيرة جيلا بعد جيل، لتشجير آراضي بلادهم ومكافحة التصحر، ونجحوا في تحويل آلاف الهكتارات من الصحاري والكثبان الرملية إلى غابات خضراء، ما ساهم في تشكيل نموذج وخبرات ذات خصائص صينية. ومن جانبها، تتبادل الحكومة الصينية خبراتها وتقنياتها في مكافحة التصحر مع الدول العربية عبر إقامة برامج تدريبية خاصة بمكافحة التصحر، ويأتي المزيد من الخبراء من الدول العربية إلى الصين لإجراء تبادلات وتشاورات ودراسة التقنيات والتكنولوجيات والأفكار المتعلقة بمكافحة التصحر من خلال المشاركة في البرامج التدريبية التي تقام في الصين حول السيطرة على التصحر. وقد قال سرمد الأمين الخبير العراقي في مجال مكافحة التصحر "يحدوني الأمل في نقل الخبرات الصينية في مجال مكافحة التصحر إلى العراق الذي يعاني من مشاكل كبيرة في التصحر". ويعد الأمين أحد الخبراء الأجانب الذين شاركوا في تبادلات بالصين تتعلق بمكافحة التصحر ودرسوا نظريا وعمليا مجالات الزراعة في المناطق الصحراوية وتجربة التنمية المستدامة مثل تربية المواشي في المناطق الصحراوية. كما أشار خلود البغوري رئيس لجنة التغير المناخي وحماية البيئة في الجمعية التونسية إلى أن "خبرة الصين لا تصدق في تخضير الصحراء. وإذا كان بإمكان بلادنا أيضا إدخال تكنولوجيا متقدمة لمكافحة التصحر، أعتقد أنها يمكن أن تجعل الصحراء واحة". -- آفاق التعاون فى الطاقة الجديدة يلعب التعاون في مجال الطاقة الجديدة دورا هاما في التعاون الثنائي الصيني-العربي حيث يتخذ إطار التعاون "1+2+3" بين الجانبين الصيني والعربي، من مجال الطاقة محورا رئيسيا. وخلال هذه الأعوام، تعد محطة حصيان لتوليد الكهرباء بالفحم النظيف في دبي، أول محطة بالفحم النظيف في منطقة الشرق الأوسط وأيضا أول مشروع محطة طاقة في المنطقة، في إطار مبادرة الحزام والطريق. ومنذ العام 2015، تعمل الشركة الصينية ((شاندونغ إليكتريك باور المحدودة)) (سيبكو3) على إنجاز المشروعين الثاني والثالث لمجمع ((نور)) للطاقة الشمسية المركزة في وارزازات المغربية، وهو ما يساعد المغرب على تقليل اعتماده على واردات الطاقة وتطوير قطاع الطاقات المتجددة في البلاد. ومن ناحية أخرى، تتعاون الحكومتان الصينية والمصرية ومؤسساتهما بشكل وثيق في تطبيق التكنولوجيا الفائقة في المجال التجاري لتحسين تطور المجتمع ونموه. وفي هذا الصدد، كان استخدام حافلات كهربائية صينية الصنع في الإسكندرية بمثابة بداية ومحاولة جديدتين، أصبحت بهما المدينة رائدة في تطبيق استخدام سيارات الطاقة الجديدة في مصر، بما يعزز تضافر جهود أطراف متعددة في معالجة التلوث البيئي وتحسين بيئة النقل العام بمصر، كما يشجع على تطبيق فكرة التنمية الخضراء المستدامة في البلاد. ويرى الخبراء أن معظم الدول العربية بها مناطق صحراوية شاسعة تسطع عليها أشعة الشمس المشرقة لفترات طويلة، ومن هنا يمكن القول أن تعاون الصين، وهي أكبر منتج للمعدات والتكنولوجيا والمنتجات الكهروضوئية، مع السوق العربية في هذا المجال يحمل آفاقا كبيرة. وبالإضافة إلى التعاون التقليدي في مجال الطاقة، تتمتع الصين والدول العربية بفرص متكاملة في استخدام الطاقة المتجددة، لاسيما طاقة الرياح والطاقة الشمسية. فعلي سبيل المثال، تعمل مصر جاهدة على تسريع استخدام الطاقة المتجددة وتنخرط في تعاون نشط مع شركات صينية متخصصة في هذا المجال. ومن خلال ما سبق يتبين أن خبرات الصين في التنمية الخضراء تجد حرصا من البلدان العربية على دراستها والاستفادة منها وتعزيز أطر التعاون مع الشركات الصينية في تطبيقها من أجل تحقيق التنمية المستدامة.