يأتي الأوّل من مايو اليوم عابقًا بالعطر المريمي إذ يرفع الأبناء ابتهالاتهم إلى الأمّ التي حضنت البشريّة بحبّها الفائق الوصف.لنتشارك مقاطع من قصيدة “لماذا أحبّك، يا مريم!”، أجمل القصائد التي كتبتها معلّمة الكنيسة القديسة تريزيا الطفل يسوع، رافعين قلبنا إلى أمّنا مريم، وقائلين: “عانقي قلبنا يا أمّنا وصلّي معنا ومن أجلنا كي تُشفى جراحنا!”لماذا أحبّك، يا مريم!أريد أن أنشد، لماذا أحبّك، يا مريم!لماذا يهتزّ قلبي لدى سماع اسمك الشديد العذوبةولماذا التفكير بعظمتك الفائقةلا يبعث في نفسي الخوف.إذا تأمّلتك، في مجدك السامي، تفوقين إشراقًا جميع الطوباويين،لا أستطيع التصديق أنني ابنتك،بل أمامك، يا مريم، أخفض عينيّ!…حتى يستطيع طفل أن يحبّ أمّهيجب أن تبكي معه، وأن تقاسمه أوجاعه.يا أمّي الحبيبة، على الضفّة الغريبة،كم ذرفت دموعًا لتجذبيني إليكِ!…أتأمّل حياتك في الإنجيل المقدّس،فأتجرّأ على النظر إليك والاقتراب منك.لا يصعب عليّ التصديق أنني ابنتك،لأنني أراك تموتين ومثلي تتألمين…أحبّك، يا مريم، عندما تسمّين ذاتكأمة الربّ الذي تسحرينه باتّضاعك.هذه الفضيلة المحجوبة، تجعلك كليّة القدرةوتجذب إلى نفسك الثالوث القدوس.وعندها ظلّلك روح الحبّ،فتجسّد فيكِ الابن المساوي للآب…أيتها الأمّ الحبيبة، بالرغم من حقارتي،مثلك أمتلك فيّ الكليّ القدرة.لكنني لا أرتجف لرؤيتي ضعفي،فكنز الأمّ يؤول إلى ابنتها.وأنا، ابنتك، يا أمّي الحبيبة،ففضائلك، وحبّك، أليست لي جميعها؟!وعندما تنزل في قلبي القربانة البيضاءيعتقد يسوع، حملك الوديع، أنه يرتاح فيكِ!…بانتظار السماء، يا أمّي الحبيبة،أريد أن أحيا معك، أن أتبعك كل يوم.وإذ أتأمّلك، يا أمّ، أغوص مذهولة،وأكتشف في قلبك أغوارًا من الحبّ.نظرتك الوالديّة تطرد كل خوف،تعلّمني أن أبكي، تعلّمني أن أفرح.وبدل أن تحتقري الأفراح النقيّة والمقدّسة،تريدين المشاركة فيها، وتتنازلين بمباركتها.تحبّيننا، يا مريم، كما يحبّنا يسوع،وتقبلين بأن تبتعدي عنه لأجلنا.من يحبّ يعطي كل شيء، بل يعطي ذاته.وشئتِ أن تبرهني على ذلك ببقائك لنا سندًا.لقد كان المخلّص يعرف حنانك الفائق،وكان يعرف أسرار قلبك الوالدي.يا ملجأ الخطأة، إليك عهد بنا،عندما ترك الصليب لينتظرنا في السماء.يا مريم، تبدين لي، على قمّة الجلجثةواقفة عند الصليب مثل كاهن على المذبح؛تقدّمين حبيبك يسوع، عمانوئيل الوديع…حتى تسكّني عدالة الآب…ذاك ما قد قاله أحد الأنبياء، أيتها الأمّ الملتاعة،ما من وجع يضاهي وجعك!يا ملكة الشهداء، ببقائك منفيّةتريقين لأجلنا كل دم قلبك!عمّا قليل، سأسمع تلك النغمة الشجيّة،عمّا قليل، سأذهب لأراكِ في بهاء السماء،يا من جاءت وابتسمت لي في صباح الحياة،تعالي، وابتسمي لي أيضًا، يا أمّ، ها هوذا المساء!لم أعد أخاف سناء مجدك السامي،فمعك تألمت، وأريد الآن،أن أرنّم على ركبتيك، يا مريم، لماذا أحبّك،وأردّد إلى الأبد أنني ابنتك!…
مشاركة :