سارة المالكي تروي قصة كفاح والدتها كامرأة ريفية ساهمت في التنمية

  • 5/2/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

رأت المدير العام للعلاقات العامة والإعلام في "صناع السياحة" المختصة في التنمية الريفية سارة المالكي، أنه من الضروري مساعدة المرأة الريفية والعمل على النهوض بها وتحسين أوضاعها، وجعلها قادرة على العطاء في الزراعة والصناعة الحرفية والغذائية وغيرها، حتى تصبح مساهماً أساسياً في تعزيز الأمن الغذائي للدولة والقضاء على الفقر في الريف. وشددت على أن النشاط الاقتصادي لنساء الأرياف ليس مهماً فقط لتحقيق رفاهيتهن الشخصية، وإنما لكونه أداة لرفاهية الأسر والمجتمعات الريفية بأكملها. وقالت سارة المالكي: اليوم ومع توجّه الدولة لإعادة إحياء دور المرأة بالأرياف وإقامة تنمية ريفية زراعية مستدامة ستعود من خلالها المرأة الريفية ليس للحقل فحسب بل ستعود مزارعة منتجة ولن تكون حدود إنتاجها قريتها فقط بل ستتعداها لأنحاء العالم. وأضافت: هناك الكثير من التحديات أمام تنمية المرأة بالأرياف؛ منها الثقافة المحيطة والنظرة التقليدية للمرأة، ولكن هذه ليست قضيتنا، فستتغير الكثير من هذه المفاهيم مع الوقت، وذلك عندما يرى الجميع النتائج. وأردفت: من منظور عملي تنموي فإن تنمية المرأة بالأرياف ليست مهمة مباشرة للدولة بل من خلال تعاون المجتمع، وذلك عبر تفعيل دور الجمعيات التعاونية الزراعية لتقوم بدورها في تحسين الأداء الإنتاجي الزراعي وخفض التكاليف وزيادة دخل صغار المنتجين الزراعيين تفعليها في كل مكان بالريف لتتعاون المرأة الريفية مع هذه الجمعيات لتحسين الدخل والإنتاج، وأيضاً تفعيل دور حاضنات الأعمال للعمل على تدريب وتطوير وإنجاح المشاريع الصغيرة التي تختص بمنتجات الأرياف سواء الزراعية أو الحرفية وذلك عن طريق تزويدها بكل المعلومات اللازمة والدورات التدريبية وموارد الدعم والخدمات التي تساعد على رفع مستوى الإنتاجية وعمل الشراكات لدعمها لتصبح فاعلة وتعود بالنفع على أبناء الريف. وتابعت: قبل كل هذا، يجب على المرأة الريفية أن تؤمن بدورها وتبدأ بتنمية وتطوير نفسها من خلال تطوير مهاراتها بشكل أفضل عن طريق تعلم طرق الزراعة الحديثة والصناعات الحرفية سواء التقليدية أو الحديثة وإدارة المشاريع وغيرها. وكشفت سارة المالكي عن بعض أدوار وقصص المرأة الجنوبية مع التنمية الريفية، قائله: كانت المرأة في أرياف الجنوب بالتحديد وإلى وقت قريب تعمل جنباً إلى جنب مع الرجل سواء كانت زوجة أو ابنة أو أختاً، وكانت تقريباً تدير أغلب نواحي الحياة من شؤون المنزل إلى المزرعة إلى رعاية الأغنام وغيرها، وكان لها دور كبير في حضور الرجل ودور أكبر في غيابه. وقالت: كنت أستمع كثيراً لقصص أمي وجدتي لأمي كيف كانت المرأة مصدر قوة وسند لوالدها أو زوجها، فقد كانت تقوم بمساعدته في الحرث والزراعة وجني المحاصيل وحمل القصب وترميده، و"الترميد" هو تكويم القصب في شكل "هرمي" ليبقى فترة طويلة، ولا يتلف بعوامل الهواء والأمطار، وكيف كنَّ يرعين الماشية في الجبال والسهول البعيدة من بعد الفجر إلى المساء ويحرسنها من الحيوانات المفترسة التي كانت موجودة بشكل كبير في زمانها كالضباع والنمور، وكذلك يحمينها من الضياع، ويمنعنها ألا تبوح أو تسطو على المدرجات الزراعية بتلك الجبال. وأضافت: كانت تحكي لي كيف كُن يذهبن لقرى بعيدة يجمعن الرمل الخاص بصنع أواني الطين، ويصنعن منه الأواني التي يستخدمنها بالمنزل، ويمكن أن يبقين عدة أيام قبل أن يعدن لقريتهن، وكذلك كن يجمعن من السهول البعيدة نبات خاص يسمى "القَرَث"؛ ليستخدمنه في تنظيف الجلود التي يصنعن منها المفارش وأدوات حمل الماء وغيرها من المشغولات.. قديماً كان أغلب الرجال يضطر لترك بيته لأشهر؛ وذلك بحثاً عن الرزق إما بالعمل في قرى بعيدة أو الذهاب للتجارة أو حتى في رحلة الحج التي كانت تستغرق أشهراً، وكانت المرأة هي من تقوم بجميع أدواره في غيابه وبكل اقتدار. وأردفت: والدتي، رحمها الله، كانت امرأة عصامية؛ لأنها عاشت وعاصرت زمناً صقلها وجعل منها امرأة قوية لا تستسلم بسهولة، ولا تنحني أمام الظروف العصيبة بل تواجهها بكل شجاعة، ومما أذكره في طفولتي أن والدي مرَّ بوعكة صحية أقعدته بالفراش حوالي الشهرين، وكان لدينا مزارع على وشك الحصاد، وحوالي 200 رأس من الغنم هذا غير الأبقار والضأن، فكانت والدتي هي الرجل والمرأة في نفس الوقت، وكانت "تقاول" العمال لحصاد الأرض، وتشرف عليهم، وتزودهم بالطعام والماء، وتهتم بالماشية تحلب وتخص اللبن وتصنع السمن، وتذهب كل يوم أربعاء للسوق الأسبوعي لتبيعه وتجلب حوائج المنزل. وتابعت: أذكر كيف كانت تذهب في الصباح الباكر للسوق مشياً على الأقدام، رغم وجود السيارات مع الجيران، ولكنها لم تكن تحب أن تطلب من أحد شيئاً، إلا للضرورة القصوى، كانت تستقبل الضيف وتكرمه، وكل هذا مع المحافظة على الأصالة والعادات النبيلة التي نشأت عليها، صحيح كنت صغيرة وقتها ولا أعي ما يحدث، ولكنه بقي عالقاً بذاكرتي، وعندما كبرت عرفت قيمة ما كانت تقوم به وعلمت مدى عصاميتها وصبرها. وقالت "سارة": بالتأكيد هناك الكثير من النساء مثلها، رغم أنه جاءت فترة اختلفت لدينا بعض المفاهيم وحوصرت المرأة في جوانب معينة مما جعلها تبتعد عن المشهد في تلك الأرياف لفترة من الزمن افتقدتها فيها الحقول التي كانت تزرع وتحصد في رحابها والسهول والجبال التي كانت ترعى أغنامها في نواحيها.

مشاركة :