كتبت - هناء صالح الترك: تنظر محكمة الاستئناف في إعادة محاكمة مهندسي طريق الدوحة السريع في تهمة قبول الرشوة بعد تمييز الحكم، وقررت إعادة القضية أمام دائرة استئنافية جديدة برئاسة الدكتور عبد الرحمن محمد شرفي رئيس الدائرة وعضوية القاضي المستشار ندير أبو الفتوح الديب والقاضي فخر الدين حسن عز الدين. وقررت هيئة الدائرة الموقرة تأجيل الجلسة إلى 19 أكتوبر المقبل للمرافعة. كانت محكمة أول درجة قضت حضوريًا بحبس المتهمين 10 سنوات وعزل المتهم الأول من وظيفته وتغريمه مبلغ 500 ألف ريال، واستأنفوا القضية لدى محكمة الاستئناف التي قضت بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل عقوبة الحبس إلى سنتين لكل منهم، والتأييد فيما عدا ذلك، وطعن المتهمون في الحكم أمام محكمة التمييز التي قضت ببطلانه وإعادة القضية لمحكمة الاستئناف للفصل فيها مجددًا بهيئة أخرى. تفيد وقائع الدعوى أنّ النيابة العامة وجهت تهم لأربعة مهندسين ومسؤولي شركات هندسية، بأنهم في غضون 2006و2007، أولاً المتهم الأول وهو موظف عام ويعمل مهندسًا بجهة هندسية كبرى طلب لنفسه مبالغ مالية ومنفعة على سبيل الرشوة للامتناع عن عمل من أعمال وظيفته بأن طلب وقبل مبالغ مالية وهدايا عينية من المتهمين الثاني والثالث، وهما مديرا شركتين للبناء والهندسة والإنشاء مقابل إمداد هاتين الشركتين بمعلومات عن قيمة المناقصة الخاصة بمشروع طريق الدوحة السريع في إحدى مراحله، وتمديد العقد المبرم بين الشركتين وجهة عمله بدون وجه حق وبالمخالفة لما تفرضه عليه واجبات وظيفته. والتهمة الثانية أنه كموظف عام حصل على ربح من عمل من أعمال وظيفته وقبل هدايا من الشركتين، والتهمة الثالثة أنه أخلّ بطريق الغش بسلامة المناقصة المتعلقة بالجهة التي يعمل بها. ووجهت للمتهمين الثاني والثالث تهمة تقديم مبالغ مالية وهدايا عينية للمتهم الأول على سبيل الرشوة حال كونهما يعملان مديرين لشركتي هندسة وإنشاء مقابل إمداد شركاتهما بمعلومات عن السعر المطروح لمناقصة طريق الدوحة السريع والتغاضي عن مخالفتهما، وتمديد العقد لهما بدون وجه حق، واشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع الأول في ارتكاب الجريمة موضوع التهمة، واتفقا معه على ارتكابها وقدما له مبالغ مالية وهدايا عينية. كما وجهت تهمة للمتهم الرابع بأنه اشترك بطريق الاتفاق مع الأول في ارتكاب الجريمة، واتفق معه على ارتكابها وعلم منه قيمة المناقصة المطروحة من جهة عمله لمشروع طريق الدوحة السريع، فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق فوقعت الجريمة. وعن الطعن المرفوع من المتهم الرابع، فقد صدر حضوريًا اعتباريًا للطاعن، وكان من المقرر أنّ الحكم الحضوري الاعتباري قابل للمعارضة إذا ما أثبت المحكوم عليه قيام عذر منعه من الحضور، ولم يستطع تقديمه قبل الحكم، وكان استئنافه غير جائز طبقًا للمادة 265 من قانون الإجراءات الجنائية، والثابت أن الحكم المطعون لم يعلن الطاعن بعد ولم يعارض فيه. وورد في حيثيات الحكم أنّ المادة 292 من قانون الإجراءات الجنائية تجيز لمحكمة التمييز أن تميز الحكم لمصلحة المحكوم عليه من تلقاء نفسها إذا تبين مما هو ثابت فيه أن المحكمة قد أصدرته لم تكن مشكلة وفقًا للقانون، كما نصت المادة 286 من القانون أنه إذا حكمت محكمة أول درجة في الموضوع ورأت الاستئناف أنّ هناك بطلانًا في الحكم أو بطلانًا في الإجراءات أثر في الحكم تقضي بإلغائه وتحكم في الدعوى، ومن ثمّ فإنه يتعين تمييز الحكم المطعون فيه والقضاء ببطلان الحكم المستأنف، وإعادة القضية لمحكمة الاستئناف للفصل فيها مجددًا بهيئة أخرى، وبالنسبة للطاعنين دون الطاعن الآخر الذي قضى بعدم جواز طعنه وبغير حاجة لبحث أوجه الطعن المقدمة منهم. وقضت محكمة التمييز ببطلان الحكم المستأنف، وإعادة القضية لمحكمة الاستئناف لتحكم فيها من جديد بهيئة أخرى. وقد اطمأنت محكمة الاستئناف في حكمها الصادر مسبقًا إلى الإقرار الواضح للمتهمين ومن أقوال الشهود، وكما ورد من اللجنة المنتدبة من قبل النيابة العامة وديوان المحاسبة، ما قرره المتهم الأول أنه بصفته مهندسًا بجهة هندسية كبرى تعرف على المتهم الثاني وبعض المهندسين لدى شركة هندسية، وكونه يعمل مسؤولاً لمشروع طريق الدوحة السريع كان تقدير أعماله في حدود 220 مليون ريال، وخلال مكالمة له مع المتهم الرابع بصفته مسؤولاً للمشاريع في شركة كبرى سأله عن التكلفة، فأخبره المتهم الأول بأنها 220 مليون ريال، فتقدمت شركة المتهم الرابع وفازت شركته مع شركة أجنبية التي يعمل فيها المتهم الثاني. وقد استفاد المتهم الأول من الثاني بهدايا عينية ومصروفات وتذاكر سفر وكوبونات شهرية وفواتير تشطيب بقيمة 200 ألف ريال، وقام الأول بتغيير تاريخ استحقاق الدفعات للشركة الهندسية حتى لا يتحمل المقاول الغرامات التأخيرية كمساعدة له. وجاء في تحقيقات النيابة العامة أنّ المتهم الرابع تعرف على المتهم الأول منذ 9 سنوات وكان الأول مشرفًا على مشروع طريق المطار، وأنه ألحّ على الأول لمعرفة تلك التكلفة، وتحالفت شركته مع شركة أجنبية للفوز بأقلّ الأسعار. وثبت من أقوال الشهود بتحقيقات النيابة العامة وهم مهندسون ذكروا أنّ الأول كان يتدخل في تقاريرهم التي كانوا يكتبونها ويلزمهم بتغيير ما أثبتوه بها من مخالفات. وثبت من تقرير لجنة المحاسبة المنتدبة من قبل النيابة العامة أنّ شركة هندسية حصلت على إجمالي مبلغ 22,31254 ريالاً دون وجه حق عن طريق طلبات الدفع والأوامر التغييرية، وأنّ الأول وقّع على كل الطلبات المقدمة من المقاول رغم مخالفتها، وأنه كان المسؤول عن هذه المخالفات لعلمه بالتجاوزات التي ارتكبها المقاول، وأنّ الأول تجاوز صلاحياته الإدارية إلى صلاحيات أخرى.
مشاركة :