يخيم شبح الركود مجددا على اليونان بعد عشرة أعوام من أسوأ أزمة اقتصادية تمر بها في تاريخها الحديث، في ظل الإغلاق العالمي الذي فرضه فيروس كورونا المستجد. ورغم إعلانها أقل من 150 وفاة بكورونا، وهي حصيلة أدنى بكثير من تلك التي تم تسجيلها في دول أوروبية عدة، إلا أن اليونان لن تكون بمنأى عن الهبوط الاقتصادي الناجم عن تفشي الفيروس، بحسب تحذيرات صدرت عن كيرياكوس ميتسوتاكيس؛ رئيس الوزراء هذا الأسبوع. ووفقا لـ"الفرنسية"، أوضح رئيس الوزراء للبرلمان أن "تداعيات هجوم فيروس كورونا هذا ستكون هائلة بلا شك.. نعرف بكل تأكيد أن الركود سيكون عميقا.. لا نعرف كم ستستمر الأزمة الصحية، لا نعرف بعد إذا ما ستكون لدينا سياحة". وتعد السياحة بين أهم مصادر عائدات اليونان، إلى جانب الشحن البحري، وأفاد رئيس الوزراء بأن الدولة اليونانية وحدها قد تخسر ما بين ثمانية إلى عشرة مليارات يورو "8.8 إلى 11 مليار دولار" كعائدات هذا العام. وقال ميتسوتاكيس "إن اليونان تبنت بالفعل إجراءات بقيمة 17.5 مليار يورو، أي 10 في المائة من الناتج القومي، لدعم الشركات والموظفين". وأضاف أن "الحزمة ستصل إلى 24 مليار يورو متضمنة أموالا من الاتحاد الأوروبي"، لكن المعارضة شككت فيما إذا كانت الأموال قد وصلت بالفعل إلى المستحقين لها. وتساءل أليكسيس تسيبراس؛ رئيس الوزراء اليساري السابق "أين هذه الأموال؟ إنها ملائمة للتصريحات، لكن الأعمال التجارية والموظفين لم يحصلوا على يورو واحد"، متوقعا أن تسريح العمال سيخرج عن نطاق السيطرة قريبا. وأملت اليونان هذا العام بطفرة نمو بنسبة 2.4 في المائة، وبعد الخروج من خطة الإنقاذ النهائية لأزمة الديون في 2018، كانت معدلات الاقتراض عند أدنى مستوياتها التاريخية. وفي تشرين الأول (أكتوبر)، باعت أثينا سندات الخزانة بسعر سلبي، وكانت لديها احتياطيات نقدية تزيد على 36 مليار يورو في متناول اليد، لكن مع خضوع معظم أوجه اقتصادها لإجراءات الحجر الصحي منذ آذار (مارس) والتوقعات بأن تؤدي عمليات الإغلاق العالمية إلى تأثير مدمر في السياحة، يتوقع أن تغرق اليونان في ركود بنسبة 10 في المائة هذا العام، وفقا لصندوق النقد الدولي. لكن باناجيوتيس بيتراكيس؛ أستاذ الاقتصاد في جامعة أثينا رأى أن الضربة الاقتصادية ستكون أقل حدة، مشيرا إلى أن "السيناريو المرجح هو انكماش بنسبة 6 في المائة بشرط عدم زيادة حدة الوباء". ويعتقد بيتراكيس كذلك أن التأثير الاقتصادي لهذه الأزمة سيكون أقل من حيث المدة الزمنية. ويقدر صندوق النقد الدولي نفسه تعافي الاقتصاد اليوناني بنسبة 5.5 في المائة في 2021. وتقول وزارة المالية اليونانية "إن الهبوط يمكن أن يقتصر على 4.7 في المائة من خلال إجراءات الدعم، يليه انتعاش بنسبة 5.1 في المائة، وسيقترب معدل البطالة من 20 في المائة". وستبدأ الحكومة بتخفيف قيود الإغلاق هذا الشهر، مع افتتاح معظم المتاجر أبوابها بحلول 11 منه والمطاعم والفنادق بعد الأول من الشهر المقبل، لكن تتوقع قلة فقط أن يزور السياح البلاد قبل تموز (يوليو). ويخشى عديد من مالكي الأعمال التجارية اليونانية من أن الضرر لن يكون قابلا للإصلاح، ولا سيما مع متطلبات التباعد الاجتماعي التي تفرض مسافة مترين، التي يتوقع أن تقلل عدد الزبائن. ويقول صاحب مطعم في ميناء رافينا بالقرب من أثينا "لن يعيد كثيرون فتح أعمالهم أساسا، ولن يتمكنوا من تدبر أمورهم مع هذا العدد القليل من الطاولات". وقفزت نسبة البطالة إلى 27 في المائة قبل أن تهبط إلى 16 في المائة في آذار (مارس)، حيث تبقى الأعلى رغم ذلك ضمن منطقة اليورو.
مشاركة :