بورت مورسبي 17 نوفمبر 2018 (شينخوا) ألقى الرئيس الصيني شي جين بينغ هنا اليوم (السبت) خطابا مهما بعنوان "رسم مشترك لمسار نحو مستقبل أكثر إشراقا" في قمة المديرين التنفيذيين لمنتدى التعاون الاقتصادي لآسيا-الباسيفيك (أبيك). وفيما يلي النص الكامل للخطاب رسم مشترك لمسار نحو مستقبل أكثر إشراقا خطاب الرئيس الصيني شي جين بينغ قمة المديرين التنفيذيين لأبيك بورت مورسبي 17 نوفمبر 2018 رئيس الوزراء بيتر أونيل المحترم، المدير التنفيذي إسيكيلي تاوريكا المحترم، أعضاء مجتمع الأعمال، سيداتي وسادتي، صباح الخير! إنه لمن دواعي سروري أن أحضر إلى مدينة بورت مورسبي الخلابة وألتقي بكم على متن سفينة (باسيفيك إكسبلورر). حيث اننا نواجه موجات عاتية في الاقتصاد العالمي والعديد من المخاطر والتحديات، من المفيد جدا أن نجلس معا على هذه السفينة لنرسم مسار التنمية والتعاون في المستقبل. لم يكن لعنوان هذه القمة "الشمول في عصر الاضطرابات: رسم مستقبل مشترك" أن يكون أكثر أهمية من ذلك. يمر العالم الآن بتطورات وتحولات وتغيرات كبيرة. وبينما تتحرك العولمة الاقتصادية قدما، تلقي الحمائية والأحادية بظلالها على النمو العالمي. هناك ثورة جديدة في العلوم والتكنولوجيا والصناعة في مرحلة التحضير، ولكن لم يتم بعد إحلال قوى دافعة جديدة محل القديمة. تخضع الساحة الدولية لتغيرات عميقة، ولكن عدم التوازن في التنمية لم يعالج حتى الآن. يحقق إصلاح نظام الحوكمة العالمية زخما ولكن لا يزال تحسين كفاءته تحديا كبيرا. والتغيرات التي نواجهها في العالم لا مثيلة لها خلال قرن. التغيرات تخلق فرصا ولكنها، في الغالب، تكون محفوفة بالمخاطر والتحديات. وصلت البشرية مرة أخرى إلى مفترق طرق. أي طريق يتعين علينا اختياره؟ التعاون أم المواجهة؟ الانفتاح أم الانغلاق؟ التقدم المربح للجميع أم لعبة صفرية؟ مصالح جميع الدول، وفي الحقيقة، مستقبل البشرية يعتمدان على اختيارنا. وتظهر مراجعة التاريخ الحديث بشكل واضح أن الاختيارات المختلفة ستؤدي إلى طرق مختلفة. في منطقة آسيا-الباسيفيك، إقامة الأبيك قصة ناجحة. فان ميلاده ونموه عكسا التوجه التاريخي للانفتاح والتكامل ورغبة منطقتنا الحماسية في التنمية وحاجة شعوبنا لمواجهة التحديات من خلال التعاون. الانفتاح والتعاون في منطقة آسيا-الباسيفيك لم يدعما فقط رخاءها ولكنهما ضخا حيوية أيضا في المحيط الواسع للاقتصاد العالمي. والآن تتمتع المنطقة بأكثر اقتصاد ديناميكي وواعد على مستوى العالم، ما يعد محركا أساسيا للنمو العالمي. ومع ذلك، ليس كل ما حدث في الماضي كانت قصصا ناجحة. لقد تعلمت البشرية دروسا صعبة. فالحرب العالمية الثانية، على سبيل المثال، أدخلت البشرية في كارثة خلال القرن الماضي. وما نشهده الآن ليس بعيدا عن مواقع معركة بحر المرجان العنيفة ومعركة جوادالكانال البحرية العنيفة في الحرب العالمية الثانية. الآن، هذا الجزء من المحيط استعاد السلام والهدوء، ولكن لا يتعين ان ننسى مطلقا الدروس التي تعلمناها من التاريخ. قال فيلسوف صيني قديم أن المرء يحتاج إلى تنظيف المرآة قبل إلقاء نظرة على نفسه، وينبغي على المرء التعلم من دروس الماضي قبل اتخاذ قرارات اليوم. عند استعراض التاريخ، ينبغي التعلم من دروسه لمنع تكرار المآسي الماضية. وفي مواجهة التوجه التاريخي المندفع، علينا أن نسأل أنفسنا: كيف يمكننا توجيه عجلة التنمية الاقتصادية العالمية نحو المسار الصحيح؟ كيف يمكن للمجتمع الدولي أن يجد طريقة فعّالة لإدارة الحوكمة العالمية؟ أعتقد أنه من الضروري التركيز على النقاط التالية: أولا، ينبغي علينا التركيز على الانفتاح لخلق مساحة أكبر للتنمية. إن العولمة الاقتصادية هي الطريق الأكيدة للمجتمع البشري لتحقيق التنمية، وقد خلق النظام التجاري متعدد الأطراف فرصا لنا جميعا. في عالم اليوم، تتشابك مصالح الدول بشكل وثيق، وترتبط سلسلة الإمدادات والسلسلة الصناعية وسلسلة القيمة على المستوى العالمي ارتباطا وثيقا. جميعنا نُعَد حلقات في سلسلة التعاون العالمية؛ وبشكل متزايد، أصبحنا مجتمعا واحدا بمصالح مشتركة ومصير مشترك. هذا عمل خاص بقوانين الاقتصاد، وهي حقيقة لا يمكن لأحد تغييرها. نحن بحاجة إلى الحصول على تقدير دقيق لهذا الاتجاه الأساسي في عصرنا ومشاهدة العالم المتغير على ما هو عليه، وعلى هذا الأساس، الاستجابة للتطورات الجديدة ومواجهة التحديات الجديدة بطريقة مسئولة وقائمة على القواعد. إن محاولات إقامة الحواجز وقطع العلاقات الاقتصادية الوثيقة بين الدول تعارض قوانين الاقتصادات وتوجُّه العصر كما تتعارض مع الرغبة المشتركة لدى الشعوب في جميع أنحاء العالم. هذا نهج قصير النظر ومحكوم عليه بالفشل. كل عصر يواجه مشكلات فترته. لا ينبغي الخوف من المشكلات نفسها؛ ولكن المهم حقا بالنسبة لنا هو اتباع نهج صحيح لحل هذه المشكلات. إن اللجوء إلى الممارسات القديمة مثل الحمائية والأحادية لن يحل المشكلات. بل على العكس، يمكن لهذه الممارسات فقط إضافة عوامل عدم اليقين إلى الاقتصاد العالمي. إن الانفتاح والتعاون هما الوحيدان اللذان يجلبان المزيد من الفرص ويخلقان مساحة أكبر للتنمية. هذه حقيقة تاريخية مثبتة جيدا. فالشخص الذي يختار إغلاق بابه سيعزل نفسه عن بقية العالم ويفقد اتجاهه. منتدى أبيك رائد في بناء اقتصاد عالمي مفتوح. ومع تحديد أهداف بوجور لعام 2020، ينبغي أن نضع نصب أعيننا التعاون فيما بعد عام 2020 وأن نسعى لبناء منطقة تجارة حرة في منطقة آسيا-الباسيفيك. كما ينبغي أن نقول لا للحمائية والأحادية، وأن نتمسك بالنظام التجاري متعدد الأطراف الذي يرتكز على منظمة التجارة العالمية، وأن نجعل العولمة الاقتصادية أكثر انفتاحا وشمولا وتوازنا ونفعا للجميع، وأن نوسّع المصالح المشتركة، وأن نتقاسم الفرص من خلال الانفتاح والتعاون. ثانيا، ينبغي أن نركز على التنمية لتحقيق المزيد من الفوائد لشعوبنا. يتعين علينا، أكثر من أي شيء آخر، أن نسعى جاهدين لتوفير حياة أفضل لشعوبنا. كل بلد له حق متساو في التنمية؛ ولا يملك أحد الحق، أو القدرة، فيما يتعلق بمنع الشعوب في الدول النامية من السعي نحو حياة أفضل. ينبغي أن نعزز التعاون الإنمائي ونساعد الدول النامية في القضاء على الفقر حتى تعيش الشعوب في جميع الدول حياة أفضل. وهذا هو جوهر العدالة؛ بل إنه مسؤولية أخلاقية للمجتمع الدولي كذلك. ينبغي أن نجعل أجندة التنمية المستدامة 2030 جزءا من استراتيجياتنا الإنمائية الوطنية، وأن نعزز التقدم المنسَّق في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وأن نسعى إلى تحقيق التنمية الشاملة بما يتماشى مع ظروفنا الوطنية، وأن نُقيم شراكات إنمائية عالمية تتسم بالمساواة والاتزان. وينبغي على الدول المتقدمة الوفاء بالتزاماتها إزاء المساعدات الإنمائية الرسمية المقدمة إلى الدول النامية وزيادة الدعم المقدم إليها. ينبغي إعطاء الأولوية للتنمية في تنسيق السياسات الاقتصادية الدولية والتركيز بشكل واضح على التنمية عند تبني السياسات والقواعد المتعلقة بالتجارة والاستثمار، وحماية حقوق الملكية الفكرية والاقتصاد الرقمي والمجالات الأخرى. ومن خلال القيام بذلك، يمكننا خلق المزيد من الفرص وبيئة أكثر ملاءمة لتنمية جميع الدول بالإضافة إلى خلق محركات قوية وبيئة مستقرة للنمو العالمي.لا ينبغي الاعتراض على مبدأ "المعاملة الخاصة والتفضيلية" الذي يمثل حجر أساس لمنظمة التجارة العالمية، وإلا سيهتز أساس نظام التجارة التعددي ذاته. ثالثا، علينا التركيز على الشمول وتعزيز التفاعلات. نحن نعيش على الكوكب نفسه، فهو موطن لأكثر من 200 دولة ومنطقة و2500 مجموعة عرقية وأكثر من 7 مليارات نسمة. إن محاولة محو اختلافاتهم لن تنجح. ليست هذه الاختلافات عائقا أمام التبادلات، ولا سبب للمواجهات. التنوع والتفاعل بين الحضارات والأنظمة الاجتماعية والمناهج المختلفة سيوفران قوة دافعة قوية للتقدم البشري. ينبغي أن نرفض الغطرسة والتحيز، وأن نتعامل مع الآخر بالاحترام والشمول وأن نحتضن تنوع عالمنا. يتعين علينا البحث عن أرضية مشتركة في الوقت الذي نقوم فيه بتنحية الخلافات جانبا، وأن نستفيد من القوى المختلفة لدينا وأن نسعى إلى التعايش في تناغم وتعاون مربح للجميع. عندما يتعلق الأمر باختيار طريق التنمية لبلد ما، فلا أحد أكثر قدرة على اتخاذ قرار في هذا الشأن من شعب هذا البلد. فمثلما لا يتوقع المرء وجود وصفة واحدة لعلاج جميع الأمراض، لا ينبغي للمرء أن يتوقع نموذجا معينا للتنمية يناسب جميع الدول. إن نسْخ نموذج التنمية للآخرين بشكل أعمى لن يؤدي سوى إلى نتائج عكسية، لذلك ينبغي ألا تكون هناك أية محاولة لفرض نموذج التنمية الخاص بأية دولة على الآخرين. رابعا، ينبغي التركيز على الابتكار من أجل استكشاف موارد جديدة للنمو. تتحقق اختراقات واحدة تلو الأخرى في مجالات رائدة مثل تكنولوجيا المعلومات وعلوم الحياة والتصنيع الذكي والطاقة الخضراء، وهناك مواد جديدة ومنتجات جديدة وأشكال أعمال جديدة تحل محل الموجودة بوتيرة أسرع. إن البيانات الضخمة والطباعة ثلاثية الأبعاد والذكاء الاصطناعي، التي كنا نقرأ عنها في الماضي في كتب الخيال العلمي فقط، أصبحت الآن جزءا من حياتنا اليومية. المستقبل معنا بالفعل. في سباق القوارب، سيفوز من يقوم بالتجديف بشكل أقوى. إذا لم نتحرك بشكل استباقي للتأقلم مع الموجة المندفعة للثورة العلمية الجديدة والتحول الصناعي الجديد، سنخاطر بفقدان فرص ثمينة أو حتى التخلف عن الزمن. ما ينبغي أن نفعله هو ألا نضيّع وقتا في بذل كل جهد من أجل استكشاف محركات نمو جديدة ومسارات تنمية جديدة، وإزالة جميع العقبات المؤسسية التي تعوق الابتكار. وينبغي علينا تعزيز الابتكار وحيوية السوق وتعميق التبادلات الدولية والتعاون في مجال الابتكار من أجل مواجهة أفضل للتحديات الخاصة والمشتركة في مجال التنمية. سيكون للثورة العلمية الجديدة الكاسحة والتحول الصناعي الجديد تأثير عميق على نمط الإنتاج وأسلوب الحياة وقيم المجتمع البشري. لقد أصبحت الحاجة إلى تحقيق توازن بين المساواة والكفاءة ورأس المال والعمالة والتكنولوجيا والتوظيف تحديا مشتركا للمجتمع الدولي. إذا لم يتم التعامل بشكل صحيح معها، فإن هذه القضية ستزيد من اتساع فجوة الثروة بين الشمال والجنوب. علينا أن نحظى بفهم شديد للأبعاد المعقدة لهذه القضية وأن نتخذ القرار الصحيح. وهذا سيمكّننا من توجيه الثورة العلمية الجديدة والتحول الصناعي الجديد في الاتجاه الصحيح. ينبغي أن تلبي الابتكارات العلمية والتكنولوجية حاجات الشعوب. يحق لكل بلد الاستفادة من هذه الابتكارات التي تتم من خلال جهودها الخاصة وأيضا التي تتم من خلال التعاون الدولي. لا ينبغي أن تكون الابتكارات العلمية والتكنولوجية مغلقة أو أدوات لجني الربح من قبَل عدد قليل. صمم نظام حقوق الملكية الفكرية لحماية الابتكار وتشجيعه، وليس لخلق فجوة علمية وتكنولوجية أو توسيعها. ينبغي علينا تطوير المؤسسات والأنظمة الخاصة بالسياسات لتتجاوب مع الثورة العلمية الجديدة والتحول الصناعي الجديد، وتهيئة بيئة مواتية للتعاون الدولي من شأنها أن تعطي ثمار الابتكار إلى المزيد من الدول والشعوب. خامسا، ينبغي أن نركز على منهج قائم على القواعد لتحسين الحوكمة العالمية. ومع الوضع في الاعتبار الدروس المؤلمة من حربين عالميتين، أقامت الدول إطار الحوكمة العالمية الذي تدعمه الأمم المتحدة ويتألف من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية ومؤسسات أخرى. وفي حين أن هذا الإطار ليس مثاليا، إلا أنه يمثل خطوة مهمة في تاريخ البشرية. وفي الواقع، هذا الإطار عنصر محوري للسلام العالمي والتنمية العالمية خلال العقود الماضية. يجب أن نعزز الحوكمة العالمية القائمة على القواعد إذا أردنا تحقيق الاستقرار والتنمية. وينبغي صياغة القواعد من قبل المجتمع الدولي، وليس بطريقة (القوي على حق). وبمجرد وضع القواعد، ينبغي عدم اتباعها أو تجاوزها كما يراها المرء مناسبة. كما ينبغي ألا تطبق بمعايير مزدوجة من أجل أجندات أنانية. وحتى يكون نظام الحوكمة الاقتصادية العالمية عادلا وفعّالا، يجب عليه مواكبة العصر. ينبغي أن نتقدم في إصلاح نظام الحوكمة العالمية استنادا إلى مبدأ التشاور والتعاون من أجل المنفعة المشتركة. وينبغي تطوير هذا الإصلاح على أساس المساواة والانفتاح والشفافية والشمول. كما ينبغي أن تكون للدول النامية قول أكبر وتمثيل أكبر في هذه العملية. كما ينبغي حل الخلافات عبر التشاور. وينبغي رفض محاولات تشكيل كتل حصرية أو فرض إرادة المرء على الآخرين. لقد أظهر التاريخ أن المواجهة، سواء في شكل حرب باردة أو حرب ساخنة أو حرب تجارية، لن تسفر عن فائزين. ونعتقد أنه لا توجد قضايا لا تستطيع الدول حلها من خلال التشاور ما دامت تُعالج هذه القضايا بروح من المساواة والتفاهم المتبادل والتوافق. سيداتي وسادتي، الأصدقاء، في عام 1978، شرعت الصين في الرحلة العظيمة للإصلاح والانفتاح. وعلى مدى السنوات الـ40 الماضية، استطاع الشعب الصيني من خلال رؤية وعمل جاد ومثابرة، أن يمضي قدما محققا قفزة تاريخية. لقد نهضنا وأصبحنا ننعم بالرخاء وحققنا نموا في قوتنا. إننا، الأمة الصينية، نمضي إلى الأمام باتجاه تحقيق الإحياء العظيم . -- على مدى السنوات الـ40 الماضية، سلك الشعب الصيني مسارا جديدا وأحرز تقدما قويا. من خلال الجرأة والعزم والاعتماد على الذات، استطاع الشعب الصيني أن يجعل من الصين ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم. جهود الشعب الصيني التي لا تكل هي ما جعلت الصين على الحال التي عليها اليوم. -- على مدى السنوات الـ40 الماضية، احتضن الشعب الصيني العالم بأذرع مفتوحة، واستطاعت الصين تحقيق تنميتها عبر الانفتاح. ونتيجة لذلك، نمت واردات الصين وصادراتها من السلع 198 مرة، كما زادت تلك الخدمات بأكثر من 147 مرة. وجذبت الصين أكثر من 2 تريليون دولار من الاستثمارات الأجنبية. لقد أصبحت أكبر دولة في العالم في تداول البضائع وأكبر سوق سياحية وشريك تجاري رئيسي لأكثر من 130 دولة. -- على مدى السنوات الـ40 الماضية، استطاع الشعب الصيني تحقيق التنمية عبر التركيز على هدف محدد، ما يمكننا من رفع مستوى أحوالنا المعيشية. وبتوجيه من فلسفة التنمية التي تركز على الشعب، رفعت الصين، بين عامي 1978 و2017، الدخل الشخصي المتاح للفرد 22.8 مرة، وانتشلت 740 مليون شخص من الفقر، وضاعفت عدد الوظائف التي خلقت. لقد حققنا التعليم الإلزامي المجاني للمرحلتين الابتدائية والإعدادية في جميع أنحاء البلاد وأنشأنا أكبر شبكة للسلامة الاجتماعية في العالم. وبفضل هذه الإنجازات، أصبح الشعب يشعر في الوقت الراهن بأنه أكثر أمانا. كما ينعم بشعور أكبر من الرضا والاطمئنان. -- على مدى السنوات الـ40 الماضية، حقق الشعب الصيني التنمية الخاصة به لكي يحقق التنمية للجميع أيضا. التزمت الصين بطريق التنمية السلمية وشاركت على نحو نشط في الحوكمة الاقتصادية العالمية. كما قدمت دعما فعالا للبلدان النامية في سبيل تحقيقها هدف التنمية. نفذنا سياسات اقتصاد كلي مسؤولة وساهمت بنصيب كبير في النمو العالمي، لعبنا دورا هاما في الاستجابة للأزمة المالية الآسيوية والأزمة المالية العالمية. وبذلك، قدمت الصين رؤيتها واسهاماتها في سبيل بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية. قبل خمس سنوات، أَعلنْتُ مبادرة الحزام والطريق، التي تهدف إلى تعزيز الارتباطية بين الدول والمناطق، وتعزيز التنمية المترابطة، وخلق مساحة جديدة للنمو العالمي. حازت هذه المبادرة على تأييد دولي واسع في السنوات الخمس الماضية. ووقّعت الصين على وثائق تعاون بشأن المبادرة مع أكثر من 140 دولة ومنظمة دولية، وتم اطلاق عدد كبير من مشروعات التعاون في إطار هذه المبادرة. اسمحوا لي أن أوضح ذلك: مبادرة الحزام والطريق منصة مفتوحة للتعاون. وتسترشد بمبدأ التشاور والتعاون من أجل المصلحة المشتركة. وهي غير مصممة لخدمة أي برنامج جيوسياسي خفي، ولا تستهدف أي شخص ولا تستثني أحدا. إنها ليست منتدى حصريا مغلقا أمام غير الأعضاء، كما أنها ليست "فخا" كما وصفها البعض. ولكنها مبادرة رئيسية وشفافة تشارك الصين من خلالها بتوفير الفرص وتتابع التنمية المشتركة مع بقية العالم. وفي ابريل العام المقبل، ستستضيف الصين الدورة الثانية من منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي في بكين، ونحن نرحب بأعضاء مجتمع الأعمال في منطقة آسيا-الباسيفيك لحضور هذا المنتدى. وبينما ننظر إلى الوراء على مدى أربعة عقود من الإصلاح والانفتاح، نحن في الصين أكثر اقتناعا من أي وقت مضى بأنه لا يمكن أن تطوِّر الصين نفسها إلا من خلال الإصلاح والانفتاح. ومن الآن فصاعدا، ستتخذ الصين نهجا أكثر مسئولية وستكون أكثر انفتاحا وشمولية وستسعى لتحقيق جودة أعلى للنمو. ومن خلال القيام بذلك، ومع تطوير نفسها، ستقدم الصين إسهامات أكبر للازدهار المشترك للعالم. ستواصل الصين توسيع نطاق الوصول إلى السوق بشكل كبير، وستعزز حماية حقوق الملكية الفكرية، وستقوم بالمزيد لزيادة الواردات. ومنذ بداية العام الجاري، أعلنت الصين عن مجموعة من الإجراءات الجديدة لمزيد من الانفتاح، وشملت ما يلي: خلق بيئة استثمارية وتجارية أكثر جاذبية، وتخفيض التعريفات الجمركية بشكل كبير لـ1449 سلعة استهلاكية و1585 سلعة صناعية، وخفض مزيد من الرسوم الجمركية على السيارات وقطع غيارها إلى 13.8 بالمئة و6 بالمئة على التوالي. كما رفعت التعريفات الجمركية من على جميع الأدوية المستوردة المضادة للسرطان. ومع جولة جديدة من التخفيضات الجمركية التي دخلت حيز التنفيذ أول نوفمبر، خفضت معدلات التعريفة الجمركية الشاملة في الصين إلى 7.5 بالمئة، وهي نسبة أقل من غالبية الدول النامية ويتجاوز الالتزام الذي قطعته الصين على نفسها حين انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية. وأصدرت الصين قائمة سلبية جديدة بشأن الاستثمار الأجنبي، وستعمل على الانفتاح في قطاعات التمويل والسيارات والطائرات والسفن وقطاعات أخرى. ووفقا لأحدث تقرير للبنك الدولي، صعدت الصين أكثر من 30 مركزا في ترتيب الدول الأكثر تسهيلا لممارسة الأعمال خلال العام الماضي، وكانت من بين الاقتصادات الأكثر تحسنا. إن الصين ترى جميع الشركات -صينية كانت أم أجنبية - على قدم المساواة. وترحب الصين بالمنافسة العادلة بينها وتشجعها وستحمي حقوقها ومصالحها المشروعة بشكل كامل. وقبل أسبوع، عقد معرض الصين الدولي الأول للواردات بنجاح في شانغهاي، بحضور 172 دولة ومنطقة ومنظمة دولية، وأكثر من 3600 شركة، وأكثر من 400 ألف من المشترين الصينيين والأجانب. وأبرمت صفقات تبلغ قيمتها 57.8 مليار دولار أمريكي. كما جذب المنتدى الاقتصادي والتجاري الدولي في هونغتشياو، الذي أٌقيم في إطار المعرض، أكثر من 4500 شخصية بارزة من مختلف القطاعات حول العالم. وبهذه الخطوات الفعلية، أثبتت الصين التزامها بتحرير التجارة وفتح سوقها. أود أن أرحب بكم جميعا في معرض الصين الدولي الثاني للواردات الذي سيعقد خلال العام المقبل. إنني على ثقة من أن السوق الصينية الكبيرة، التي تبلغ عدد سكانها حوالي 1.4 مليار نسمة، ستكون مصدرا للنمو الديناميكي للاقتصاد العالمي. لقد شهد العديد من الحاضرين منكم اليوم عملية الإصلاح والانفتاح في الصين، وساهموا فيها واستفادوا منها، وشكلوا روابط خاصة مع الصين. إن مجتمع الأعمال قوة مهمة تدفع التنمية الاقتصادية في منطقة آسيا-الباسيفيك والعالم أجمع. وبصفتكم رواد أعمال، ينبغي عليكم إبراز أفضل ما لديكم وركوب موجة العولمة الاقتصادية. آمل أن تستمروا في تبادل الرؤى مع صنّاع القرار وأن تشجّعوا الدول على تبنّي سياسات إيجابية وعملية، وأن تنفذّوا تعاونا اقتصاديا وتكنولوجيا شاملا. معا، يمكننا فتح أفق جديد للتنمية المشتركة والازدهار المشترك في منطقة آسيا-الباسيفيك والعالم بأسره. سيداتي وسادتي، أصدقائي الأعزاء، نحن الاقتصادات الأعضاء في الأبيك يجمعنا سويا الباسيفيك. كنت أنظر إلى المحيط الشاسع عندما صعدت إلى السفينة، وأذهلني أننا جميعا بالفعل رفقاء درب على السفينة نفسها. دعونا نحافظ على ثبات عجلة القيادة والسير في الاتجاه الصحيح حتى تستطيع سفينة الاقتصاد العالمي مواجهة الرياح وكسر الأمواج والإبحار نحو مستقبل أكثر إشراقا.
مشاركة :