علمتني الجائحة المعاني الحقيقية لأسماء الله الحسنى فكم كنا نقرؤها ونحسب أنا ندرك ماتعني ولم نكن كذلك، وذكرتني الجائحة بعديد النعم التي لاتحصى وكنا نتقلب فيها متعودين عليها ولا نشعر بعظيم -امتنان الله- علينا بها، و أيقظتني الجائحة من غفلتي عن حقوق الوالدين على وجه الخصوص ومن له حق الدم علي من الأهل وجمال قربهم وفداحة بعدهم، ومدى حاجتي إليهم وضعفي بدونهم وبصرتني الجائحة بقيمة الحرية حين تستطيع أن تتنقل داخلياً وخارجياً حيث تريد بلا قيود، وعرفتني بمعنى فقدها، وعلمتني الجائحة قيمة التلاحم بين الراعي والرعية، وكشفت لي كم كنت مقصرًا في نظرتي لما يمكن أن يقدمه لنا الوطن وزادت الجائحة إيماني أنه لايصيبني إلا ماكتب الله لي، وأن لا ملجأ من الله إلا إليه، وأن الله يحب الملحين في الدعاء وإن كانوا مقصرين في طاعته، وزادت الجائحة تعلقي بالمساجد وتعاظم شوقي إلى الطواف ببيت الله الحرام حتى غدًا في نظري هو أجمل السفريات، وعلمتني الجائحة كم كان المصطفى صلوات الله وسلامه عليه عظيماً هو ومن معه في حصار الشعب لسنوات حتى أكلوا ورق الشجر وازداد شوقي لزيارة مسجده والسلام عليه والصلاة في روضته الشريفة، وعلمتني الجائحة حلاوة قرب أصحاب الخير ومجالستهم، وبصرتني الجائحة بحقوق الضعفة والمساكين، وأن الوقوف معهم ورفدهم سبيل لتفريج الكربات، وأن في الناس خير عظيم في مساندة بعضهم البعض، ولازالت تعلمني في كل لحظة لأتيقن أن مع كل عسر يسرين ولأكتشف كم من محنة انقلبت إلى منحة. بقلم: منصور بن صالح بن سليمان العُمري
مشاركة :