روى الزميل د. علي الرباعي قصة كبير من الناس من الماكرين -بحسب تعبيره-، وأنّه كان ينتظر جمعَتَهم عصريّة (رمضان)، ثمّ يُلقي عليهم -إذا مروّا به- كمّية محدودة من حبّات الحلوى من فوق سطح منزله، فيتعارك الصغار -ومنهم الرّباعي- ويتصارعون، ويخمِش بعضُهم بعضًا، والكبير يضحك ويُقهقِه، وبعد أن يزيل الأطفال الغلاف يجدوا في الداخل حجرًا صغيرًا، فينظرون إلى الأعلى ولا يرون أحدًا!! ولكَ أن تُسقِط جزءًا من المشهد ذاته يتكرر -نسبيًّا- في صورة مشابهة، وإن كانت أقل وضوحًا من سابقتها. في «سُفَر» إفطار (رمضان) يأتي (الكبير) ويعزم الصائمين، ليُفطروا بما خفّ ولذّ، ويتفاخر البعض منهم على البعض الآخر بأن سفرته تضمّ «الدقة» الأصلية، والآخر أنه استطاع إدخال المشويات والمقليات للمسجد، خِلسة أو بجاهه! فكيف لو أفطر صغار الموظفين -صُدفةً- في ُسفرةٍ ما قبل أن يعرفوا أن صاحبها ليس سوى ذلك الهاضم لحقوقهم، وحقوق عُمّاله ومكفوليه؟! وتخيّل طعم «الدُّقّة» -أثناء الإفطار- في فم موظف أُخِذ ثمنها من حقه من خارج الدوام -مثلاً- عُنوةً ليُقدَّم في سُفْرة؟ الحجر كان لذيذًا عند الطفل مقارنة بطعم إفطار موظّفٍ أطفالُه أمامه ينتظرون ما يعيّدون به! وكيف لو كان هذا الصغير عاملاً ضعيفًا ومسكينًا! ماذا لو تكرّم كبير السن في المشهد الأول برمي حلوى حقيقية، وبعدد كافٍ أو يزيد؟! وماذا لو كان طعام بعض القائمين على الإفطار صافيًا نقيًّا؟ بكل تأكيد: سيعْلَقُ المشهد الأول في ذهن الصّغار، وسيضحكون إذا كبِروا..! ويستغفرون الله عن كل سبّة ولعنة أطلقوها تجاه كبيرهم الماكر! أمّا عن الصائم المسكين هُنا في هذا المشهد.. فسيستغفرُ الله كثيرًا لنفسه ولصاحب السُّفرة الذي بدا ملكوتًا.. (فقط) في رمضان! والله غفورٌ رحيم. «وإلهكم إله واحد لا إله إلاّ هو الرحمن الرحيم».. فالربّ الذي نتقرّب إليه بتفطير الصائمين (ندبًا)، هو أيضًا.. اللهُ الذي نتقرب إليه بتأدية الحقوق (وجوبًا) فتفقّهوا!! osamayosuf47@gmail.com
مشاركة :