كشف معالي مدير عام معهد الإدارة العامة الدكتور أحمد الشعيبي عن أن المعهد سيبدأ اعتبارا من العام القادم تطبيق نظام الاختبارات في التدريب بحيث يخضع المتدرب الى اختبار قبل نهاية فترة التدريب لقياس حصيلته المعرفية والسلوكية ومدى استفادته من البرنامج وسينال المتدرب عند نهاية البرنامج شهادتين، الأولى للاختبار والثانية للحضور. ولن ينال نقطة التدريب المنصوص عليها في لائحة الترقيات إلا من يجتاز البرنامج بنجاح، أما من لا يستطيع تجاوز البرنامج بنجاح فسيكتفى بإعطائه شهادة حضور فقط. هذا التوجه من قبل المعهد يقودنا الى مناقشة نشاط التدريب بشكل عام وعناصره ومراحله وكيفية تقييمه وتقويمه لعلنا نصل في نهاية المقال لتكوين رأي حول كون الاختبارات وسيلة مناسبة لتحديد مدى استفادة المتدرب من التدريب كما يرى المعهد. المعروف أن التدريب الاداري يمر بمراحل تبدأ بتقييم أداء الموظف من قبل المشرف عليه (مدير, رئيس قسم, مشرف) وعلى ضوء التقييم يتم تحديد الاحتياج التدريبي للموظف واختيار البرنامج التدريبي المناسب لهذا الاحتياج، بالاتفاق بين الرئيس والمرؤوس. وفي هذه المرحلة أيضا يفترض أن تقوم جهة التدريب (معهد الادارة) بالطلب من كل متدرب تحديد الأهداف التي يسعى الى تحقيقها من الالتحاق بالبرنامج وترسل هذه الأهداف الى المعهد ليطلع عليها المدرب وينظر في مدى ملائمة البرنامج لأهداف المتدرب المرتبطة بالمهام التي يمارسها أو التي سيمارسها. وهذه خطوة عملية مهمة تساعد فيما بعد على تقييم الفائدة من التدريب. أما أثناء التدريب فهي مرحلة تعتمد في نجاحها على الحافز القوي لدى المتدرب ووجود مدرب متمكن قادر على استخدام طرق ووسائل عملية فعالة في اكساب المعرفة والمهارات وتعزيز الاتجاهات السلوكية الايجابية. إن وجود متدرب لديه رغبة صادقة وحافز ذاتي للاستفادة من التدريب- وليس حافز نقاط الترقية- ولديه أهداف واضحة اتفق عليها مع رئيسه ثم وجود مدرب متمكن يستخدم الطرق العملية في التدريب، كل ذلك يساعد في نقل نتائج التدريب الى بيئة العمل وهناك سيكون رئيسه بانتظاره لتقييم مدى استفادته وكيف ستنعكس هذه الفائدة على تطوير الأداء. معنى ذلك أن رئيس الموظف الذي رشحه للتدريب بناء على تقييم أدائه هو الذي سيقيّم هذا الأداء بعد التدريب وبالتالي تطل هذه الأسئلة : هل من الضروري اجراء اختبار في المعهد بعد نهاية البرنامج لقياس مدى استفادته؟ وهل تحقيق درجة عالية في هذا الاختبار تعني أنه سينقل نتائج التدريب عمليا الى بيئة العمل؟ وهل المعهد وحده هو المسؤول عن قياس حصيلة المتدرب المعرفية والسلوكية؟ وإذا كان يستطيع قياس التحصيل المعرفي.. أليس الميدان هو المكان المناسب لقياس الحصيلة السلوكية حيث تكمن هناك مسؤولية رئيس الموظف؟ وهل يمكن قياس نقل أثر التدريب الى بيئة العمل بواسطة الاختبارات؟ إن تفعيل الاستفادة من التدريب يمكن تحقيقها بطرق أخرى غير الاختبارات ومن خلال عده خطوات من أهمها : - تحديد مسؤوليات كل مرحلة من مراحل التدريب. - مشاركة ادارات التطوير والتدريب في الأجهزة الحكومية مع المعهد في تفعيل الاستفادة من التدريب. - يطلب مدير الادارة من الموظف تقريرا عن البرنامج التدريبي ووضع خطة عمل للاستفادة منه في تطوير الأداء. ويطرح المدير أسئلة ما بعد التدريب ومن ذلك على سبيل المثال: ماذا تحقق من أهداف التدريب؟ ما هي الأساليب الجديدة التي يمكن تطبيقها في بيئة العمل؟ ما هو أثر التدريب على سلوك الموظف؟ ماهي مقترحات الموظف بعد التدريب لتطوير الأداء؟ ما هو السلوك الذي سيوقفه، والسلوك الذي سيبدأ في ممارسته، والسلوك الذي سوف يستمر في ممارسته؟ وأخيرا إنني أتفهم الظروف التي دفعت بالمعهد الى اعتماد الاختبارات وسيلة لقياس تحصيل المتدرب معرفيا وسلوكيا ولكني أعتقد أن هناك بدائل أخرى يعتمد نجاحها على مشاركة الجهة المستفيدة من التدريب، وأذكر من خلال خبرة سابقة في المعهد أن كثيرا من المتدربين يذكرون في نموذج تقييم البرنامج التدريبي أن رؤساءهم لا يشجعونهم على تطبيق ما اكتسبوه وبعضهم قد يعارض أي تغيير أو تطوير في أساليب العمل. هل سيتغير الوضع بمجرد تطبيق اسلوب الاختبارات ؟ هل ستحضر الجدية وتتحقق أهداف التدريب بتطبيق نظام الاختبارات؟ وهل المشكلة في البرنامج التدريبي أم في بيئة العمل، أم هي مشكلة مشتركة؟ وبالتالي يكون حلها بالتعاون بين المعهد والأجهزة الحكومية للتوصل الى آلية عملية (غير الاختبارات) تساعد على تحقيق أهداف التدريب وترجمتها الى ممارسات فعلية في بيئة العمل؟ إن وجود تلك الآلية سوف يعزز عنصر (الكيف) وبهذا تكون عملية تطوير التدريب شاملة للكم والكيف خاصة بعد الخطوات الايجابية التي اتخذها المعهد مؤخرا في موضوع التدريب الصيفي، وخطوة التكامل الممتازة المتمثلة في تنفيذ برامج تدريبية بالتعاون مع الجامعات بهدف استيعاب أكبر عدد ممكن من المتدربين.