استنساخ تجربة معهد الإدارة - يوسف القبلان

  • 11/28/2013
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يوجد لدينا في المملكة تجارب متميزة في مجال البناء والتشغيل والصيانة والنظافة، وقد اخترت الحديث عن تجربة معهد الادارة لسببين، الأول توفر المعلومات، والثاني دور المعهد في التطوير ومسؤوليته في أن يكون نموذجا يحتذى به في الجودة. يأتي المتدرب من أحد الأجهزة ليلتحق بدورة تدريبية في المعهد فيكتشف من البداية أن مبنى المعهد مختلف ومتميز بمكوناته وخدماته ونظافته وصيانته ثم يقارن هذا المبنى بالمقر الذي يعمل فيه ويتساءل: لماذا، وما هو السر، وكيف ندرس عن بيئة العمل وأهميتها وتأثيرها على الأداء والانتاجية ثم نعود الى مقر عملنا حيث البيئة التي لا يتوفر فيها ما يجعلها بيئة عمل إيجابية. هذه التساؤلات يطرحها المتدرب، ويطرحها الزائر من داخل وخارج المملكة، وقد رأيت من أجل تعميم الفائدة أن أنقل هذه التساؤلات الى مدير عام الشؤون الادارية والمالية بمعهد الادارة الأستاذ عبدالله الحميدان للتعرف على العوامل التي أدت الى نجاح تجربة التشغيل والصيانة الذاتية بالمعهد، وقد تفضل مشكورا بالحديث عن هذه التجربة التي أستأذنه وأستأذن القارئ بسردها كاملة رغم طولها لغرض الفائدة وحتى لا أختصرها اختصارا لا يتفق مع أهميتها. يسرد الأستاذ عبدالله تلك العوامل كما يلي: - إيمان المسؤولين في قمة الهرم الإداري ودعمهم لتوجه التشغيل والصيانة الذاتية ومن حسن الحظ أن ذلك توافر في المعهد على مر السنين من جميع من تولوا قيادته وحالياً فإن هذا التوجه يجد تشجيعاً ودعماً قوياً من معالي رئيس مجلس إدارته ومعالي مدير عام المعهد. - وصف المهام والواجبات التي يؤديها شاغلو وظائف التشغيل والصيانة ووضع معايير أداء لها، وعدم تجاهل أي منها مهما بدا بسيطاً فيجب وصف هذه الوظائف بدءاً من مهام عامل النظافة وانتهاء بمديري الإدارات المسؤولين عن هذه المهام. - استقطاب الكفاءات القادرة على أداء العمل بكل جدية. فيجب أن يكون الشخص الذي سيقوم بالعمل مؤهلاً ومناسباً من حيث القدرة والتأهيل والشخصية ومرة أخرى لا يتم تجاهل أي مستوى من التوظيف سواء أكان عاملاً أم مدير إدارة. - العمل دائماً بروح الفريق وهذا يكفل الأداء المتميز والأهم من ذلك نقل المعرفة من المؤهلين والمتمرسين الذين لديهم خبرة طويلة إلى الذين انضموا حديثاً لهذا المجال. - الحرص على تطوير كفاءة العاملين في مجالات التشغيل والصيانة من الفنيين والإداريين وغيرهم إما عن طريق التدريب على رأس العمل، أو تدريبهم خارج مقار أعمالهم لدى أفضل المؤسسات والشركات وبيوت الخبرة المختصة. - يجب أن يشعر العاملون في هذا المجال أن الأعمال التي يقومون بها هي أعمال مساعدة للمهام الأساسية للجهاز، فمتى ما كان الموظف مرتاحاً في عمله من حيث الأثاث والنظافة والإضاءة وتوفر الخدمات الأساسية كالإنترنت والتليفون وغيره كان نشاطه أكبر وأداؤه أكثر فاعلية. - ميكنه أعمال التشغيل والصيانة وحوسبتها قدر الإمكان وسيسهل ذلك الكثير من الاعمال وتقليص أعداد العاملين، فمكينة نظافة واحدة قد تؤدي عمل عشرة عمال وإخضاع أعمال الإضاءة والتكييف والري لأنظمة التحكم الحديثة يقلل الاستهلاك من الكهرباء والماء ويطيل عمر الأجهزة ويختصر أعداد العاملين للقيام بهذه المهام. - من المفترض أن يتجاوز العاملون في التشغيل والصيانة طموحهم في تهيئة البيئة المناسبة بل يجب أن لا تقع العين على ملاحظة مهما بدت صغيرة فالمباني يجب أن تكون (spotless) ومن المهم مراعاة النواحي الفنية والإضافات التي تجعل المكان جميلاً مثل التشجير الداخلي والخارجي، اللوحات الفنية، الإضافات الأنيقة للمباني، فهذه العوامل ستجعل البيئة جاذبة وليست طاردة بل إن الموظف سيحضر لموقع العمل في أوقات فراغه لما يجده من بيئة مريحة. - مراعاة الجوانب الإنسانية للعاملين في مجالات التشغيل والصيانة وعدم تحميلهم فوق طاقتهم ومراعاة ظروف عملهم ومواقعهم والحرص على تأمين كافة احتياجاتهم أولاً بأول مثل ملابس العمل ومعداته، وأدوات السلامة وغيرها. - جُل العاملين في إدارات التشغيل والصيانة من الفئة الوسطى أو التنفيذية، وإنه وإن كان الهدي النبوي المتمثل بأن "تعطي الأجير أجره قبل أن يجف عرقه" واجب التطبيق في كل زمان ومكان، إلا أن فئة العاملين في الميدان في أعمال التشغيل والصيانة الذاتية أحوج ما يكونون لذلك. لذا يجب عدم تأخير مستحقاتهم بشتى أنواعها والحرص على أن تعطى لهم أولاً بأول سواء أكان المرتب أم الإجازة أم خارج وقت الدوام..إلخ. - الاهتمام بالصيانة الوقائية التي تؤدي إلى إطالة عمر الأجهزة والمعدات وتتلافى كثيراً من الأعطال التي من الممكن أن تحصل وتخفض تكاليف الصيانة، وفي الغالب الأعم فإن العطل يبدأ في جزء صغير ثم لا يلبث أن يؤثر في بقية الأجزاء، ولكن الصيانة الوقائية تتلافى ذلك. وتكلفة الصيانة الوقائية بسيطة جداً إذا قورنت بنتائجها، فالتأكد من نظافة وجاهزية فتحات ومجاري تصريف السيول لا يكلف شيئاً ولكنه يوفر مبالغ طائلة ويكفل عدم تعطيل العمل. - ربط إدارة التشغيل والصيانة بالأوردة الرئيسية المغذية لها وجعلها تحت إشراف واحد بحيث لا تمر الإجراءات بالأسلوب البيروقراطي الذي يعيق عملها أو يجعله فاشلاً، وهذه الأوردة هي إدارة المشتريات التي تتكفل بتأمين احتياجات التشغيل والصيانة في أي وقت وتحت أي ظروف، فعندما يتعطل جهاز فإن تأمين البديل لا يحتمل التأخير لأن الخسارة ستمتد إلى أعمال وتجهيزات ومواد أخرى تتأثر مباشرة بطبيعة العطل. وبالتالي ستكون الخسارة فادحة، ومن ضمن الأوردة المهمة لحسن أداء التشغيل والصيانة الذاتية إدارة الشؤون المالية المعنية بتدبير الموارد المالية اللازمة لضمان استمرار أعمال التشغيل والصيانة بشكل متميز بحيث يكون لدى متخذ القرار القدرة على المرونة في سرعة تدبير الموارد المالية وفق الأنظمة المرعية، ومن الأوردة الرئيسية المهمة أيضاً إدارة القوى العاملة المعنية بالوظائف والتعامل مع الموظفين وحفظ حقوقهم والاهتمام بها أولاً بأول، وربط هذه الإدارة بالمستودعات العامة ما يكفل سرعة تأمين احتياجاتها أولاً بأول. وما لم تكن هذه الإدارات مترابطة وتحت إشراف واحد فإن نجاح التشغيل والصيانة ذاتياً أمر مشكوك فيه. - المتابعة ثم المتابعة ثم المتابعة وليس المقصود بذلك المتابعة بشكلها التقليدي الذي لا يرتاح له الكثير التي تعتمد على التقارير وما يصل من الآخرين، ولابد للمسؤولين من المتابعة الميدانية والوقوف على جميع أعمال التشغيل والصيانة دون استثناء والتأكد من كفاءة عمل جميع من يعمل في هذا المجال والتحدث إليهم وسماع وجهة نظرهم والاهتمام بمقترحاتهم ما يجعل الجميع يشعرون بروح الفريق لتأدية العمل بعيداً عن التسلسل التقليدي في الاتصال والتعامل، ولاشك أن ذلك يجعل وتيرة العمل تسير بكفاءة عالية وباهتمام بالغ من الجميع.. انتهى كلام الأخ عبدالله وأشكره على تجاوبه وأقترح على مسؤولي المعهد دعوة مسؤولي التشغيل والصيانة في الأجهزة الحكومية ليس لندوة أو محاضرة وإنما لورشة عمل وجولة ميدانية على مبنى المعهد والخروج بحلول عملية للتطوير في هذا المجال.

مشاركة :