ينظر خليفة بن دراي المدير التنفيذي لمؤسسة دبي لخدمات الإسعاف بحنين غريب لـالفريج القديم، فعلى الرغم من عيشه الآن في فيلا فارهة إلا أنه يشير إلى فقدانه الكثير الذي لا يُعوَض وأهمه الألفة والحميمية، حيث كانت المنازل متجاورة وعدد الأناس في الحي قليل ويعرفون بعضهم البعض جيداً، حيث كانت زيارة الربع عقب التراويح واجبة كل يوم، وكان تبادل طعام الفطور في ما بينهم قبل آذان المغرب من الأمور اليومية الواجبة، حيث ينتشر الأطفال في السكيك حاملين الأطباق ينقلونها من دار لأخرى. ويضيف أجواء رمضان كانت تبدأ عندنا من منتصف شهر شعبان أي قبل رمضان ونسمي هذه الليلة حقّ الليلة أو حقّ الله، حيث نوزّع على أطفال الفريج (الحي السكني) حلويات ومكسرات أذكر أننا كنا ننشد: عطونا حق الله يرضى عليكم الله، جدام بيتكم دله، عسى الفقر ما يدله. فإذا اعطونا الحلويات فرحنا ودعونا لهم... ومن يتأخر ولا يعطينا - وهذا نادراً ما يحصل ننشد له دعوة مناقضة فنقول: جدام بيتكم طاسه، وعجوزكم محتاسه. ويقول زوجتى أم محمد ما زالت تحرص على طبخ كلّ الأكلات التقليدية ومائدتها الرمضانية لا تخلو من الهريس والثريد (الفريد) والعصيدة، والمشبوس وهي من الموالح، أما بالنسبة إلى الحلويات فإنها تصنع اللقيمات، والبلاليط، المحـلى، الغميلي، الرقـاق والساقو والهرروت والخنفروش... وغيرها. وتقول الهريس سيد المائدة عند كل العائلات الإماراتية. كثيراً ما قطع خليفة بن دراي إفطاره مع العائلة وخرج لمتابعة حادث بليغ، ففي شهر رمضان تكثر الحوادث خاصة قبل الإفطار بدقائق بسبب سرعة البعض للوصول إلى المنزل قبل الإفطار أو بسبب انخفاض السكر أو ارتفاع الضغط لبعض الصائمين من الأمراض المزمنة، فكل حادث يحدث في دبي يتم الاتصال به لإعلامه وبعض الأحيان يذهب إلى نقطه الإسعاف للإفطار مع المسعفين لرفع معنوياتهم. إنجاز العمل يقول خليفة بن دراي شهر رمضان من الأشهر التي ننتظرها كغيرنا بفارغ الصبر لأنه شهر الرحمة وشهر فضيل وله طقوس خاصة وأكلات خاصة وفيه تجتمع العائلة كلها على المائدة في وقت محدد قبل مدفع الإفطار. يبدأ دوامه اليومي في الساعة التاسعة وينجز كل أعماله اليومية مثل الاجتماعات والزيارات الميدانية دون كلل أو ملل، ويكره التباطؤ أو الكسل تحت مبرر الصيام كما يحدث للأسف مع الكثيرين الذي يحضرون في أوقات متأخرة إلى الدوام ويمضون يومهم دون إنجاز أي شيء. يبقى خليفة بن دراي في مكتبه حتى الثانية أو الثالثة حتى إنجاز أعماله كافة ويعود للبيت لأخذ قسط من الراحة ويذهب لصلاة العصر ويعود لقراءة القرآن ويجلس بعدها مع الوالد والأولاد فيما تنهمك أم العيال في تحضير مائدة الإفطارز قبل آذان المغرب يحرص على اصطحاب ابنه الصغير أحمد إلى منطقة الممزر أو منطقة الراس لمشاهدة مدفع الإفطار وتصويره مع الشرطة المسؤولين عن إطلاق المدفع حيث يقول: أبنائي الخمسة كانوا يمرون على مدفع الإفطار صغاراً لتعريفهم بهذا الإرث الرمضاني الذي تربينا عليه. وبعض الأحيان نذهب إلى منطقة الرفاعة نشتري البسبوسة والباكورة وهي من الأكلات الرمضانية المعروفة والمحببة لدى المواطنين. ويضيف قبل الإفطار يشتري الصائم أضعاف حاجته ولا يترك شيئاً كونه صائماً وجائعاً وعند الأذان أو مدفع الإفطار أفطر تمراً وأشرب لبناً أو عصيراً وأذهب لصلاة المغرب وأرجع لتكملة الفطور مع أبي وأبنائي وزوج ابنتي والعائلة ومن ثم نذهب لصلاة التراويح وبعد الانتهاء من الصلاة أتوجه وبرفقتي ابني أحمد إلى مجلس أحد الأصدقاء يوسف عزير نجتمع جميعنا حتى منتصف الليل نتناول وجبة السحور ومن ثم ننتظر صلاه الفجر وتقريباً هذا البرنامج يتكرر يومياً. إفطار جماعي أما على صعيد المؤسسة فيحرص بن دراي سنوياً على تنظيم حفل إفطار للمسعفين في مقر المؤسسة في ورسان، حيث يجتمع كل الموظفين على المائدة بمن فيهم مديرو الأقسام والوحدات والمسعفين والسواقين، وبعد الإفطار نؤدي صلاة المغرب جماعة يتبعها درس ديني لأحد الوعاظ عن رمضان وبركته وأقوم بتكريم المميزين في المؤسسة وبعض الأحيان نقوم بتوزيع الإفطار في المساجد بالتنسيق مع جمعيات خيرية. حوادث مرورية ويضيف من الأمور المزعجة في رمضان الحوادث المرورية، وأكثر الحوادث تقع وقت المدفع لأن الكل يحاول الوصول إلى بيته قبل مدفع الإفطار وهذا خطأ كبير، إذ يجب على الإنسان ألا ينتظر الخروج قبل مدفع الإفطار بدقائق، فدوام الحكومة معروف حتى الساعة الثانية والقطاع الخاص حتى الثالثة، فيفترض من الإنسان الخروج قبل وقت كافٍ ولا يأتي في آخر لحظة ليسابق الزمن للوصول إلى بيته، لا أحد يعرف ظروف الطريق وما الذي سيحدث فكم من الشباب راحوا ضحية تلك الحوادث. ويقول أي حادث بليغ حتى وقت المدفع أترك الإفطار واتجه إلى مكان الحادث وطبعاً أي حادث يصير في دبي يتم الاتصال بي لإعلامي وبعض الأحيان أذهب إلى نقطة الإسعاف وأفطر مع المسعفين أو في سكن المسعفين. وينصح خليفة بن دراي الصائمين بعدم الذهاب إلى التسوق قبل الإفطار لأن الشخص من شدة الجوع والعطش، خاصة في هذا الجو الحار، يشتري أشياء كثيرة تفوق حاجة الحي بأكمله، ومعروف أن الصائم لا يأكل سوى القليل والزيادة ترمى في الحاوية، وهذا تبذير غير مبرر وينهى عنه ديننا الإسلامي الحنيف. ويضيف الإسراف أيضاً لا يقتصر على رب الأسرة بل إن ربة البيت تحضر مائدة تكفي لحارة كاملة وعند الإفطار يكتفي الجميع بأخذ شيء بسيط جداً، وبالتالي تجد مصروف العائلات قد تضاعف في رمضان نتيجة الشراء غير المبرر. مواقف لا تنسى من المواقف التي ما زال خليفة بن دراي يذكرها جيداً أيام زمان وبالتحديد فريج المرر هناك ترعرع في كنف عائلته وله فيه ذكريات لا تنسى خاصة العلاقة الطيبة التي كانت بين أبناء الحي ومن أصدقائه في الفريج خميس المزينة وعبد العزيز السركال ويوسف السركال وعائلة النابوده وبن دسمال وسهيل بن حشر وعائلة عبد الغفار حسين وبن فارس وكان الفريج كله عائلة واحدة.
مشاركة :