كشفت استشارية الطب النفسيبمستشفى القوات المسلحة بالظهراند. ندا الزايدي، أن هناك آثارا إيجابية لأزمة فيروس «كورونا» المستجد، ومنها التقارب الأسري، وتعميق مفهوم العائلة، ومعرفة كل فرد دوره الحقيقي في بناء الأسرة، والانفراد بالنفس، والتأمل، ومعرفة الأهداف، واكتشاف المواهب، ونقاط القوة، وإعادة ترتيب الأولويات في الحياة، وتغيير الاتجاهات والمسارات، والتحكم بالسلوك والمشاعر، وتحويلها إلى قوة إيجابية تزيد من جودة الحياة.وأشارت إلى أن المجتمعات الإنسانية واجهت عبر التاريخ بعض الأوبئة التي انتشرت على نطاق واسع، وأودت بحياة الملايين في فترة زمنية قصيرة، وأثرت هذه الأزمات على الأفراد الذين عاشوا هذه التجارب الاستثنائية، وتركت تأثيرات على التركيبة النفسية لهم، فالأوبئة مثل الحروب، تسبب تغييرات جذرية في أنماط الحياة.أنماط وتوقعاتوأضافت إن الحياة اليومية للأفراد والمجتمع، عبارة عن روتين، بما يتضمنه ذلك من أنماط معروفة من التفاعلات والعلاقات والتوقعات وحلول مسلّم بها، تم اختبارها من قبل في مواقف الحياة العادية، وهو ما يشكل واقع الحياة المشتركة، غير أن هناك بعض الأحداث التي تخرج تمامًا عن هذا الروتين، وتتحدى معطياته وحلوله الجاهزة، وفي هذه الحالة تكون الاستجابة لهذا التهديد عبارة عن موجات من الفزع، تغير ممارسات الحياة اليومية.توصيات وعاداتونوهت إلى أن منظمة الصحة العالمية قدمت عددًا من التوصيات لمواجهة الآثار النفسية على أفراد المجتمع جراء «كورونا»، منها أن تذكر نفسك بأن هذا الوباء مؤقت وسيزول، وأن تكون على تواصل فعّال مع مجتمعك المصغر من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وممارسة العادات والنشاطات الصحية.افتقاد المساجدمن ناحيته، أكد الاستشاري المساعد في الطب النفسي د. عبدالله الطحيني أن أفراد المجتمع يستقبلون شهر رمضان المبارك، على غير العادة، من افتقاد للمساجد والتراويح فيها، وجموع الأقارب والأحباب على موائد الإفطار والاجتماعات العائلية، والتقارب مع الأصدقاء، وحتى بعضهم يفتقد الذهاب للعمل كجزء من كسر الروتين، وتنويع الأنشطة اليومية.خوف وقلقوأشار إلى أنه من الخطأ مطالبة الناس بعدم القلق أو الخوف، أو كبت مشاعرهم، فالخوف الطبيعي هو ذلك المستوى من الشعور الذي يقع نسبة للتهديد أو الخطر الحقيقي الذي ينتجه المحفز الخارجي، بحيث لا يؤثر على وظائف الحياة من تواصل اجتماعي، وأداء وظيفي أو أكاديمي، أو من واجبات يومية تجاه النفس والأسرة، ولا يعطل المصالح الشخصية، وأما ما يصاحب هذه الجائحة من اللا يقين وانتظار المجهول وضبابية المصير والمستقبل، كلها محفزات للتوتر والقلق، لهذا يجب إعطاء من حولنا مساحة كافية للتعبير عن مشاعرهم.زمن آخروتابع أن المطالبة بعدم متابعة أخبار «كورونا»، أمر غير ناضج، وكأننا نطلب منهم العيش في زمن آخر، مضيفًا: «تابعوا الأخبار، ولكن قننوا الوقت وقلصوه قدر الإمكان، لإعطاء النفس والجسد مساحة أكبر من الوقت لممارسات أخرى».تخفيف العزلةولفت إلى ضرورة التواصل مع الأقارب والأصدقاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومكالمات الفيديو، التي قد تخفف كثيرًا من شعور العزلة الحاصل، مؤكدًا ضرورة الاهتمام بالجسد، من نوم كاف، ونمط تغذية صحي، وممارسة الرياضة.الساعة البيولوجيةوأكمل أنه مع ثبات وقت الطعام الذي يعطينا إياه هذا الشهر الفضيل، نحتاج أيضًا لثبات الساعة البيولوجية من أوقات الخلود للنوم، والاستيقاظ، وغيرها، ما ينعكس على الجسم من نواحٍ كثيرة.مصدر أمانووجّه نصيحة للآباء والأمهات، قال فيها: «قد يكون طفلك انعكاسًا لك، خصوصًا في هذه الفترة، فأنتم مصدر الأمان والقوة بالنسبة إليهم، أعطوهم مساحة للتعبير عن مشاعرهم، عن فهمهم لهذا الوباء، حتى وإن كان قاصرًا بنظركم ولكن حتمًا يحتاجون ذلك».حجر منزليوذكر د. خالد العثيمين أن ظروف جائحة «كورونا»، دفعت بالحكومات إلى حلول عديدة لمواجهة انتشاره والحد منه، ولعل أصعبها كان القرار بالبقاء في المنزل، والذي اختلف أفراد المجتمع في نظرتهم له، فمنهم من يرى أن له آثارًا سلبية وانعكاسات هدامة على المجتمع والأسرة، وبالمقابل هناك من يرون أن له آثارًا ومكتسبات إيجابية تعود على الأسرة وعلى المجتمع ككل.تفكير إيجابيوشدد على ضرورة النظر للأزمة، كأي أزمة يمر بها المجتمع، ومثل ما لها من تأثيرات مؤلمة، فإن لها أيضًا مكتسبات وآثار بناءة وإيجابية، قد تتجاوز السلبية، وهذه القناعة مستمدة من الاتجاه الإيجابي للتفكير في علم النفس الذي يحث على تركيز النظر على الجوانب الإيجابية، وما يدعم هذا التصور الإيجابي، هو قرارات حكومتنا الرشيدة - أيدها الله - في مواجهة واحتواء الفيروس.حاجات أساسيةوأشار إلى ما تقدمه الحكومة من تسهيلات وخدمات في المجال الاستهلاكي، وتحقيق كفاية الحاجات الأساسية، ما كان عاملًا مهمًا في زيادة استقرار المجتمع بشكل عام، والأسرة بشكل خاص، وبالتالي تهيئة البيئة الأسرية الآمنة، ومن هنا يأتي دور الوالدين في الأسرة لإكمال عملية الهدوء والاستقرار لأفرادها، واستغلال فرصة البقاء في المنزل، لغرس قيم المحبة والانتماء والتفاعل الإيجابي البناء، والفاعل في المحيط الاجتماعي الأسري واجتياز هذه الأزمة بأكبر مكتسبات وأقل مفقودات.آراء واهتماماتوطالب الآباء والأمهات بخلع قبعة الناصح الوصي، وإتاحة الفرصة للأبناء، للتعبير عن مشاعرهم وآرائهم، ومشاركتهم اهتماماتهم أو هواياتهم أو ألعابهم، بما يسهم في التقرب منهم أكثر، وبالتالي تحسين العلاقة معهم، وكذلك أسلوب تبادل الأسرار مع الأبناء، وأخذ آرائهم في كثير من شؤون الأسرة.توافر السلعونوه الأخصائي النفسي والمستشار الأسري الباحث في العلاقات الاجتماعية د. فهد القرني إلى أن الإيقاف واقع نعيشه في كل العالم، وأن كثيرًا من الدول انقطعت عنها بعض المستلزمات الضرورية، إلا أننا في المملكة، السلع متوافرة، مشيرًا إلى أن فترة الحجر الحالية هي فترة مؤقتة.أذى نفسيوقال: «نحن أمام خيارين، إما أن يكون لهذا الحجر أثر إيجابي، أو سلبي، وهناك بعض الأسر تعيش في منزل واحد وفي حجر منزلي، إلا أنهم متباعدون، والبعض يضخم الأمور ويقلق من حوله من كثرة التأفف والتعب، ليصل إلى الأذى النفسي ويؤذي من حوله».مهارات وقيموأكد أن وسائل التواصل أو برامج الاتصال بالفيديو أصبحت أسهل بكثير من حيث التقارب، فيجب تقنين هذا التواصل، وذلك لأن النظر في الجوال أمر متعب، أما بدائل الزيارات في الفترة الحالية، فهي أن تكون هناك برامج مع الأبناء، وإكسابهم المهارات والقيم. وأكد استشاري الطب النفسي د. محمد المقهوي، أن طبيعة الإنسان أنه يرتاح إلى الروتين، وغالبًا الروتين يعتبر لكل شخص هو منطقة راحة، فلما يأتي ظرف معين يضطره إلى تغيير الروتين، فإنه يتسبب في نوع من الضيق والقلق، ولكن الإنسان لديه قدرة سريعة على التكيف، ولكي يتكيف مع الوضع، يضطر لخلق روتين آخر، ويعتبره منطقة راحة جديدة، من خلال البقاء في المنزل، والبحث عن الأنشطة والفعاليات مع الأسرة، وممارسة الأنشطة الرياضية، وتعلم مهارات جديدة.
مشاركة :