رفعت اللجنة الاقتصادية في حركة قوى الحرية والتغيير الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية السودانية، من سقف تحركاتها مؤخرا من أجل الإسراع في إصلاح معايير تجارة السلع والخدمات. وتشكل عمليات الوساطة والاحتكار من قبل بعض أصحاب النفوذ والشركات التي تعمل في مجال الاستيراد والتصدير صداعا مزمنا كونها تبعث بمكاسب البلاد، التي تعاني أصلا من أزمات مالية خلفتها السياسات البنيوية الفاشلة في عهد الرئيس المخلوع عمر البشير. ويستشعر المواطنون خطر الأزمة الاقتصادية الراهنة وتداعياتها المحتملة مستقبلا بعد أن بعث خبراء بإشارات سلبية تحذر من آثار كارثية ما لم يحدث تغيير جذري في الوضع وبالسرعة المطلوبة. ويرى عادل خلف الله عضو اللجنة الاقتصادية بقوى الحرية والتغيير أن الدولة عليها تولي مهمة توفير السلع الأساسية للمواطنين عبر شركات القطاع العام بشكل يتخطى الوسطاء. ونسبت وكالة الأنباء السودانية الرسمية إلى خلف الله قوله إن “هذه العملية ستوفر أموالا لخزينة الدولة يمكن أن توظفها الحكومة في الدعم الحقيقي للسلع والخدمات الضرورية والارتقاء بالبنى التحتية مع توجيه إمكانيات القطاع الخاص الوطني للاستثمار في الإنتاج ومغادرة دور السمسار والوسيط الطفيلي”. عادل خلف الله: شركات القطاع العام عليها توفير السلع دون وسطاء عادل خلف الله: شركات القطاع العام عليها توفير السلع دون وسطاء وتعاني البلاد من أزمات متجددة في الخبز والطحين والوقود وغاز الطهي، نتيجة ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه في الأسواق الموازية، إلى أرقام قياسية مقابل الدولار الواحد. وللحصول على اقتصاد مستقر، يبدو رفع الدعم عن السلع الاستراتيجية وفي مقدمتها المحروقات والقمح، أولى الخطوات نحو الإصلاح. وتشمل السلع المدعومة مواد أساسية كثيرة على رأسها المحروقات التي تضم البنزين والغازولين وغاز الطبخ، إضافة إلى القمح والأدوية. وبحسب إحصائيات سابقة، فإن قيمة الدعم على المحروقات بجميع مشتقاتها يصل إلى 2.25 مليار دولار سنويا، فيما يصل الدعم للقمح 365 مليون دولار. ويؤكد وزراء المالية الذين تعاقبوا في حكومات البشير السابقة، أن الدعم تستفيد منه شريحة الأغنياء من خلال شراء المواد المدعومة بأسعار زهيدة. واعتبر خلف الله أن السعر التجاري الجديد للوقود، الذي أعلنته وزارة الطاقة مؤخرا يمثل خروجا عن الاتفاق الذي تم بين قوي الحرية والتغيير ومجلس الوزراء في ديسمبر الماضي وتعد على الموازنة. ولفت إلى أن تحرير أسعار الوقود تحت غطاء السعر التجاري يؤكد على أن وزارة المالية متمسكة بتنفيذ وصفة صندوق النقد الدولي المجربة، والتي لا تقدم حلول لقضايا الاقتصاد السوداني المشلول. ويعتقد خبراء أن تراجع أسعار النفط لما دون 18 دولارا للبرميل في الأسواق العالمية، والتي من المتوقع أن تستمر على المدى القريب، فإن الأسعار التي أعلنتها وزارة الطاقة والتعدين تحوّل المحروقات إلى مصدر داعم للموازنة. ويعد وزير المالية إبراهيم البدوي أحد أبرز مناهضي الدعم الحكومي للسلع الأساسية ونشبت خلافات بينه وبين اللجنة الاقتصادية لقوى التغيير حول رفع الدعم إذ يتمسك التحالف السياسي بعدم زيادة أسعار الوقود والكهرباء والقمح والأدوية ويحث للبحث عن بدائل أخرى. لكن وزارة المالية شرعت منذ يناير الماضي في تقليص جزئي للدعم عن الوقوع بتحويل 80 في المئة من محطات الوقود في العاصمة الخرطوم إلى محطات تجارية تبيع 2.5 لتر من البنزين بقيمة 120 جنيها (2.2 دولار) مرتفعا من 30 جنيها. وحذر خلف الله من مغبة إلغاء تخصيص نحو عشرة في المئة من حصيلة الصادرات المخصصة للدواء، التي تم إقرارها في اجتماع يوم 25 أبريل الماضي، ومن أن تكون مقدمة لتحرير أسعار الدواء. وكان البدوي قد نشر تغريدة على حسابه في تويتر الأربعاء الماضي تتضمن بيانات تظهر تحويل الدعم من السلع الأساسية إلى زيادة رواتب القطاع العام. وتشير التقديرات إلى أن عجز الموازنة الحالية يبلغ أكثر من 220 مليار جنيه (4 مليارات دولار) ومع ذلك تعهد الوزير بزيادة الرواتب وهي أرقام فلكية ربما سيشعر الموظفون بالصدمة لأنها أجور خيالية غير موجودة في الواقع. وتأتي الضغوط بينما تتطلع الخرطوم إلى إيفاء المانحين ضمن مجموعة “أصدقاء السودان” بتعهداتهم خلال مؤتمر دولي مقرر الشهر المقبل في برلين بعد أن تأجل في أبريل الماضي بسبب أزمة وباء كورونا. وتعهدت المجموعة في ختام اجتماعها الذي نظمته فرنسا الخميس الماضي عبر تقنية الفيديو كونفرنس وحضره ممثلون عن 22 دولة ومؤسسة دولية، بتقديم دعم مالي للسودان بقيمة 100 مليون يورو. وتتوقع الحكومة السودانية أن يكون معدل النمو للبلاد هذا العام سالب اثنين في المئة بسبب ما قد تخلفه أزمة كورونا من آثار اقتصادية، لكن صندوق النقد الدولي يرجح بلوغه سالب 7.2 في المئة بالاستناد الى تفشي الجائحة.
مشاركة :