< أصدر مجلس القضاء الأعلى قراراً بتعيين أول «مفتش مقيم» في محكمتي الجزائية والأحوال الشخصية في مدينة الرياض، بهدف متابعة سير العمل في المحكمتين، والتحقق من القيام بالواجبات والمسؤوليات القضائية، وفق معايير مجلس القضاء الأعلى. ويرجح أن تكون هذه الخطوة تمهيداً لتعميم فكرة «المفتش المقيم» على بقية المحاكم في السعودية، والتي يُقدّر عددها بنحو 300 محكمة. وتسهم خطوة «المفتش المقيم» في تسريع وتيرة النظر في القضايا، وضمان انضباط القضاة في الحضور والانصراف. وأوضحت مصادر لـ «الحياة»، أن هذا القرار جاء بهدف «متابعة كل ما يتعلق في المحكمة في مدة لا تقل عن شهرين»، موضحة أنه «في السابق كان المفتش القضائي يعمل ويباشر في الجلسة، ويكلف بشكل يومي زيارة المحاكم، ولا يقيم فيها». وأكدت المصادر أن هذا الأمر سيعمم لاحقاً على المحاكم كافة، ولن يقتصر على محكمتي الرياض، بحيث يقيم المفتش في كل محكمة لمدة شهرين، يتابع ويرصد خلالها قيام القضاة بواجباتهم، بما فيها إنجاز القضايا، وعقد أولى الجلسات فيها، والمدد بين الجلسات، وقرب المواعيد بين الجلسات وعدم تباعدها، ومتابعة حسن سير العمل في المحاكم، والتحقق من انتظام القضاة، ومدى قيامهم بمسؤولياتهم، ومراقبة حسن تعاملهم مع الخصوم والمراجعين، وأيضاً مراقبة محافظتهم على أوقات الدوام حضوراً وانصرافاً ووجوداً، والتحقق من عدم وجود قضايا متعثرة أو متأخرة، وبخاصة قضايا الأسرة والسجناء، والتحقق من تفعيل أحكام التبليغ والحكم على الممتنع والغائب. وأوضحت المصادر أن تركيز المفتش القضائي على محكمتي الرياض كان استجابة لتعليمات مجلس القضاء الأعلى لمعرفة عدد قضايا السجناء في المحكمة، ومتى أحيلت إلى المحكمة، وبيان بتاريخ أول جلسة. كما طالب المجلس بمعرفة عدد قضايا المُطلقين بالكفالة والموجودة لدى كل دائرة في المحكمة، ممن مضى على النظر في قضاياهم أكثر من عام ورقم إحالة القضية وتاريخها. ويمارس مجلس القضاء الأعلى، وهو الجهة الوحيدة المخولة بمحاسبة القضاة، التفتيش على القضاة، من خلال إدارة خاصة بالتفتيش القضائي، تقوم بالتتبع الدوري للقضاة في كل عام، إذ يُعرض القاضي وأعماله على هذه الإدارة مرة واحدة في العام كحد أدنى، وتخضع للتفتيش. ولا يقتصر التفتيش على «المفتش المقيم»، فهناك التفتيش الإلكتروني، أو ما يسمى «الضبط الإلكتروني»، وهو ما يخضع له القضاة في المحاكم التي تطبق النظام الإلكتروني الموحّد. ويقوم بالتفتيش الإلكتروني 13 قاضياً مختصاً، ويمكّنهم هذا النوع من التفتيش الدخول إلى أجهزة الحاسب الآلي لجميع القضاة في أنحاء المملكة كافة، ويمكن من خلال هذه المتابعة معرفة وقت وجود القاضي والتزامه بالدوام الرسمي وإجراءات التقاضي لديه، من خلال الاستفسارات التي يوجهها للخصوم والأجوبة التي ترده، والتي تُدون جميعها في المحضر الذي يمكن لهذه اللجنة الاطلاع عليه كاملاً. وتلي مرحلة «التفتيش» لجنة أخرى تُسمى «المتابعة»، وهي تتبع إدارة التفتيش، ومهمتها «متابعة التزام القضاة بالدوام الرسمي، وحسن التعامل مع المراجعين». ويُعد تقرير ويرفع إلى المجلس، وللقاضي الحق في تقديم اعتراض على التقويم الذي وجّه إليه، ويتم إطلاعه على أسبابه وكيفية التفتيش، وله حق الرد أيضاً. ثم يُحال إلى لجنة التدقيق المكونة من ثلاثة قضاة بدرجة «رئيس استئناف»، ليثبتوا الدرجة التي حصل عليها القاضي أو يرفعوها أو يخفضوها، ثم تعرض الدرجة على لجنة الاعتراضات المكونة من ثلاثة أعضاء دائمين، والتي تدقق في رد القاضي وإجراءات لجنة التدقيق، وتقرر مدى إجازة هذه النتيجة من عدمها، ثم ترفع هذه النتيجة إلى المجلس الأعلى للقضاء، لدرسها بكامل الهيئة بما فيهم الرئيس. ويقرر العقاب اللازم للقاضي، موضحاً أنه يراوح بين «اللوم وإنهاء الخدمة». وأضاف: «يختلف تقدير العقوبة بحسب الخطأ المُرتكب، وإذا كان خطأ أو مقصوداً».
مشاركة :