مدفع رمضان.. ذكريات الزمن الجميل لشهر الصيام الفضيل!

  • 6/26/2015
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

مدفع شهر رمضان الكريم من الموروثات الشعبية الي يرتبط بها شهر الخير والبركة ويتلهف الناس لسماع صوته جيلا بعد جيل، وكان من أهم الوسائل الإعلامية في بعض الدول العربية والإسلامية، وذلك للإعلان عن موعد الإمساك والإفطار في شهر رمضان المبارك خاصةً قبل ظهور الوسائل الإعلامية المختلفة والتكنولوجيا. وتروي كتب التاريخ أنَّ والي مصر في العصر الإخشيدي كان يجرب مدفعًا جديدًا أهداه له أحد الوُّلاة وتصادف أن الطلقه الأولى جاءت وقت غروب شمس أول رمضان عام 859هـ وبعد ذلك توافد على قصر (خوشقدم )الشيوخ وأهالي القاهره يشكرونه على إطلاق المدفع في موعد الافطار فاستمر إطلاقه بعد ذلك. وفي روايةٍ أخرى - أنَّ (محمد علي) الكبير والي مصر ومؤسس حكم الأسرة العلوية في مصر من عام 1805 كان يجرب مدفعًا جديدًا من المدافع التي استوردها من ألمانيا. وفي منتصف القرن التاسع عشر في عهد الخديوي (عباس الأول) عام 1853م كان ينطلق مدفعان للإفطار في القاهرة الأول في القلعة والثاني من سراي (عباس باشا الأول) بالعباسية. وفي عهد الخديوي إسماعيل تم التفكير في وضع المدفع في مكان مرتفع حتى يصل صوته لأكبر مساحة من القاهرة واستقر في جبل المقطم وحيث كان يحتفل بخروجه من القلعه محمولا على عربة ذات عجلات ضخمة ويعود بعد نهاية رمضان والعيد، وتطور المدفع فكان أداة للإعلان عن رؤية هلال رمضان. ومدفع رمضان هو عبارة عن دولابين كدواليب العربات، والقذيفة العائدة له عبارة عن حشوة قماش من الكَّتَّان مُعبأة بالبارود ومُتصلة بكبسولة يضعها الجندي في المدفع ويطلقها بواسطة حبلٍ رفيع، وعقب تضرُر وتأثُر المنازل المجاورة والقريبة من موقع ومكان المدفع جرَّاء استخدام الذخيرة الحيَّة، تمَّ استبدالها بأخرى غير حقيقية. المدفع في الأحساء وفي الأحساء بالمنطقة الشرقية كان لمدفع رمضان حضور فعلي على أرض الواقع منذُ أكثر من 100 سنة تقريبًا، حيثُ لا تزال المرتفعات الصخرية التي ينطلق منها دوي مدفع الإفطار والإمساك خلال شهر رمضان المبارك، تقف شامخة في موقعها وسط جبل الطوب في أحد الأحياء بمدينة الهفوف وهو حي الفاضلية الشعبي وهو المدفع الرمضاني الأكثر شهرةً في مُدُن وقرى الأحساء، والجميع من أهل المُدُن والقُرى يسمع دوي وصوت المدفع وقت الإفطار والإمساك نظرًا للهدوء وعدم الضجيج والإزعاج في ذلك الوقت، وكان الصائمون ينتظرون سماع ذلك الصوت بشغف حيثُ يدخل في نفوسهم الراحة والتهيئة النفسية والطمأنينة فهو الميقات والمنبه لهم، ولا يبقى أهل بيت إلاَّ ويسمعون ذلك الصوت كما توجد في الأحساء بعض المدافع الأخرى إلَّا أنها أقل شهرةً من المدفع الرئيس الموجود بحي الفاضلية بالهفوف. ودأبت فرقة عسكرية تابعة للشرطة والحرس الوطني في الأحساء خلال فترة امتدت لأكثر من 40 عامًا تقريبًا، على الإشراف عليه قبل أن يتوقف ضرب المدفع قبل ربع قرن تقريبًا من الآن. وأشار الحاج علي بن صالح الحمد وهو أحد كبار السِّن وهو من سكان مدينة العمران إلى أنَّ فرقة عسكرية تعسكر في الموقع عند صخرة الجبل، وتبدأ معسكرها في منتصف شهر شعبان من كل عام، كما توجد خيمة ويوجد في المعسكر عدد من الأفراد المتناوبين، ويستمر هؤلاء العسكر في عملهم حتى فجر يوم العيد بإطلاق مجموعة من القذائف إيذانا بحلول شهر شوال، لافتا إلى أنَّ صوت دوي المدفع يمتد إلى دائرة قطرها أكثر من أربعة كيلومترات تقريبًا. ويبلغ مجموع الطلقات التي يطلقها المدفع منذُ دخول شهر رمضان المبارك حتَّى الإعلان عن دخول عيدالفطر حوالى 150 طلقة بارود. وأضاف الحمد أنَّ الإرث التاريخي لمنطقة هجر المعروفة بهذا الاسم سابقًا يمتد لأكثر من سبعة آلاف عام قبل الميلاد، وما تحتضنه من إرث حضاري ضارب في عمق التاريخ، يشفعان لها في إحياء المدفع الرمضاني في موقعه الحالي أو في مواقع أخرى من الأحساء. وبيَّن الحمد - أنهُ كان بعض الآباء يحرصون على اصطحاب أبنائهم لرؤية المدفع وسماع صوته واسترجاع ذكريات المدفع الرمضاني مِما يؤصل في نفوس الصغار حُب التمسك بهذه التقاليد والرموز العريقة وجعلهم قريبين إلى ماضيهم الجميل، على عكس الوقت الحاضر فوسائل التكنولوجيا والتطور انتشرت وتوسعت مما جعل الصائم يفقد الكثير من دلالات وتقاليد شهر رمضان الفضيل.

مشاركة :