رفعت السعيد يكتب: أحكام الإسلام في الدولة العصرية

  • 5/10/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يظل فى تاريخ الإسلام مجددون رفعوا من شأن الدين الحنيف واستوعبوا قيمته كثورة فى الفكر الإنسانى.. وكانت «البوابة» قد نشرت، أواخر 2014 وأوائل 2015، سلسلة مقالات للمفكر الراحل د. رفعت السعيد تناول فيها الدور التاريخى للمجددين الجدد فى الإسلام، ولأهميتها فى تذكيرنا بحملة مشاعل التنوير.«الفنجرى» يؤكد أن الإسلام لا يعرف الحكم باسم الله ونيابة عن المولى عز وجلنمضى منبهرين مع كتاب رائع «كيف نحكم بالإسلام فى دولة عصرية» ومواصفات الحكم الذى يريد ونقرأ «إذا أردنا حكما إسلاميا عادلا فلا بد من وضع كل ما يمكننا أمامه من قيود وضمانات للحريات لأن السلطة المطلقة وخصوصا إذا كانت سلطة دينية فإنها بطبيعتها تدفع أكثر الحكام تدينا وحبا للخير إلى الانحراف والاستبداد ولو دون قصد منه ودون أن يدرى أنه استبد أو ظلم، بل وهو معتقد أنه ينفذ حكم الله» (ص٥٦) ويجيب المؤلف على سؤال مفترض هل يعنى الحكم بالإسلام حكومة من رجال الدين؟ فيقول «لا يوجد فى الإسلام رجل دين بمعنى أن يحكم الناس باسم الله ونيابة عنه، أن مفهوم رجل الدين فى الإسلام أنه مدرس للدين وداعية وليس له سلطان على الناس إلا الوعظ والإرشاد وسوى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وهذه الرسالة هى مهمة كل مسلم عاقل عالم فاهم يستوى فى ذلك الطبيب أو المهندس أو رجل الدين»، ثم: «ومن هنا نقول إن الحكومة الإسلامية لن تكون حكومة من رجال الدين وليست حكومة كهنوتية، بل هى حكومة عادية كأى نظام حكم فى دولة أوروبية عصرية» (ص٥٧) ثم يقتحم الفنجرى عقولنا بسؤال شديد الصعوبة «أيهما نتبع الرأى الدينى أم الرأى العلمي؟ والإجابة «نحن نرفض بشدة أن نكرر المأساة التى حدثت للإسلام فى السودان مثلا وقد بدأت بعد تخلصها من حكم النميرى بالتراجع عن معظم القوانين التى أصدرها باسم الدين وبفتاوى مرتجلة وغير علمية بعد أن تبين لمن جاءوا بعده مدى ما ألحقته تلك القوانين بالبلاد من أضرار وخاصة قوانين البنوك والشركات والمعاملات الاقتصادية. وأيضا نظام تطبيق الحدود فقد أعلنت حكومة السودان التى جاءت بعد الانقلاب على النميرى أن نظام منع الفوائد على القروض جعل البنوك تتوقف عن منح التسهيلات والقروض للشركات مما أضر بالشركات وأضر بالبنوك» (ص٦٠) علما بأن الذين انقلبوا على نميرى كانوا هم أيضا متأسلمون ولكن نميرى كان لا يجرؤ على تعديل قانون شديد الضرر لأنه قال فى بداية إصداره إنه تطبيق للشريعة.. ونمضى مع المؤلف «معروف أن الإسلام لا يتصدى للأمور الدنيوية عملا بقول الرسول «أنتم أعلم بشئون دنياكم» وقوله «إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشيء من أمور دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيء من رأيى فإنما ظننت ظنا فلا تؤاخذونى بالظن» (رواه مسلم) ثم يقول «ومن أهم المسائل التى يحدث حولها الخلاف بين رجال الدين ورجال الدنيا: القضايا الاجتماعية مثل عمل المرأة وحقوقها السياسية والاقتصادية والقضايا المتعلقة بالمعاملات مثل فوائد البنوك ومثل تحديد النسل والقضايا المستحدثة مثل أطفال الأنابيب والتبرع بالأعضاء والقضايا الفنية كالموسيقى والغناء والتصوير.. إلخ» ثم يقول: والقاعدة الفقهية التى يجب الالتزام بها هو الأخذ برأى العلم مهما اختلف مع رأى رجل الدين فالعلم يبنى على التجربة والمشاهدة والدراسة بينما الرأى الدينى يبنى على اجتهاد نظرى فقهى قد يصيب وقد يخطئ» (ص٦٢).ونمضي قُدما مع كتاب لا نمل من التعلم منه.

مشاركة :