لا يزال الأدب الروسى ولا سيما الكلاسيكى منه يحظى باهتمام القراء في عالمنا العربى، فلا تزال روائع دستوفسكى، وتشيخوف وغيرهما من الأدباء والروائيين الذين يمكن وضعهم في مصاف الفلاسفة نظرا لما قدموه من معالجات عميقة للنفس البشرية، هى الأكثر مبيعا، بل وتحرص دور النشر العربية على تقديم ترجمات حديثة لها. وفى الكتاب الحاصل على جائزة المركز القومى للترجمة فئة أفضل كتاب لعام ٢٠١٨، «بابا ياجا: حكايات شعبية روسية»، وهو من تأليف ألكسندر نيكولاييفيتش أفانسييف (١٨٢٦-١٨٧١)، كاتب ومؤرخ روسى ومن أعلام الإثنوجرافيا، نشر ما يقرب من ٦٠٠ حكاية خيالية روسية شعبية، حتى صارت المجموعة التى نشر بها ما جمعه من مختلف الأقطار الروسية، واحدة من أكبر مجموعات الفلكلور في العالم، وترجمته للعربية رولا عادل رشوان.يأخذ الكتاب القارئ في رحلة في الأدب الشعبى الذى لا سيما تأثر به العديد من كتاب روائع الأدب الروسى، «بابا يجا» هكذا تنطق بالروسية – هى المُعادل الرسمى لشخصية الساحرة العجوز في الحكايات الشعبية الروسية القديمة والمُعاصرة على حد سواء، وبينما تتجه شخصية المشعوذة في قصص التراث الشعبى نحو أصل طيب والآخر شرير، تأتى «البابا ياجا» في مزيج غامض مُحير بين هذا وذاك، محطمة الصورة النمطية التى تظهر عليها المرأة الروسية نفسها في الحكايات؛ ذات ميول طيبة أو شريرة، لا بين بين. بين دفتى الكتاب تحاول المترجمة منح بعض لمحات عن التاريخ الروسى عبر القَصص الشعبى الروسى الذى جمع أغلبه البارع «ألكسندر أفاناسييف» وخط بعضه بقلمه العظيم «ليو تولستوي»، وفى تقديم هذا العمل للعربية عام ٢٠١٨، تقول دار نشر كتوبيا: «تعكس الحكايات الخُرافية والشعبية صورة حقيقية عن الوعى الجمعى للشعوب وتُعطى ما هو أكثر من لمحة عن معتقداتهم وقيمهم الأخلاقية، دونت الحكايات والحواديت الشعبية وتم التأريخ لها عبر الازمان وعبر مختلف الأجيال على لسان العجائز والجدات وعن طريق كُتاب وباحثى التاريخ، وسيندهش القارئ إذا حاول البحث في أصول تاريخ الحكايا القديمة وكم المؤلفات الصادرة بخصوصها والمقتبسة عنها بل وحتى الأبحاث التى تنظُر في تاريخ نشأتها وتقارن بين اختلافاتها وتأثيرات رسائلها الواضحة وحتى مبادئها المنثورة ما بين السطور، فمنها ما يحمل طابعًا سياسيا ناقدًا لسلطات القيصر وأطماعه، ومنها ما يُخبر عن عاقبة التخاذل أو ضُعف الحيلة والشخصية، ولأسباب كهذه تطوع العديد من الكتاب والمؤلفين الروسيين لتقصى نصوص الحكايات الشعبية وجمعها حفظًا وتقديرًا لهذا الفصل المهم من التراث الروسى.
مشاركة :