جدل واسع في مواقع التواصل بعد تعيين توكل كرمان في مجلس "حكماء فيسبوك"، فما هي أسباب هذا الجدل؟ ماذا يقول معارضو هذا التعيين وكيف يرّد المشيدون به؟ وكيف ترى الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل كل هذا الجدل؟ توكل كرمان في مواجهة حملات انتقادات جديدة بسبب تعيينها في مجلس للإشراف على محتوى فيسبوك (أرشيف) خلق تعيين موقع فيسبوك للناشطة الحقوقية اليمنية، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، توكل كرمان في مجلس للإشراف على المحتوى داخل هذه المنصة الاجتماعية جدلاً واسعاً عربياً، ما أدى إلى هجوم واسع عليها، خاصة من مستخدمين ينتمون للدول المشاركة في حرب اليمن، وكذلك من جهات سياسية تصنف كرمان ضمن دائرة الإخوان المسلمين، رغم أن كرمان نفت سابقا أن تكون لها أيّ علاقة بهذا التنظيم. ويقول المجلس الجديد على موقعه، (يعرف كذلك بمجلس الحكماء)، إنه سيقوم باتخاذالقرارات النهائية حول المنشورات التي يتم الإشعار بشأنها، سواء من إدارة فيسبوك أو من المستخدمين،وتكون ذات جدل واسع فيما يتعلّق بمدى احترامها لقوانين النشر على هذه المنصة. وأوضح المجلس أنه يتوفر على تمويل مستقل بـ130 مليون دولار، وأن أعضاءه مستقلون عن فيسبوك، ولا يعملون برواتب عنده كما لا يمكنه التدخل لفصلهم. وتتعرّض توكل كرمان منذ مدة لهجمات منظمة من وسائل إعلام سعودية وإماراتية ومصرية، وكذلك من لدن حسابات على توتير، كثير منها بأسماء مستعارة. ومن أسباب الهجوم عليها معارضتها الشديدة للتحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن، وانتقاداتها العلنية لحكام هذه الدول،رغم أن كرمان تعارض بقوة كذلك انقلاب الحوثيين على الحكومة الشرعية في البلد. إلّا أن جانباً من الانتقادات الموجهة إليها تعود كذلك إلى توجهاتها السياسية، ومن ذلك علاقتها بتركيا، ودفاعها عن قطر في وجه المقاطعة الخليجية. وقد كانت توكل فاعلة في الثورة اليمنية ضد نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح، ما ساهم في حصولها عام 2011 على جائزة نوبل للسلام. بيدَ أن ارتفاع حدة انتقادها للتحالف السعودي-الإماراتي، دفع بحزبها، التجمع اليمني للإصلاح، الإسلامي التوجه، إلى وقف عضويتها عام 2018. ويقول غونتر ماير، الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط، إن وجود كرمان في هذا المجلس أمر مبرّر تماماً نظراً لإسهاماتها الصحفية والحقوقية، خاصة أنها "تضع نفسها ضد الأنظمة العربية السلطوية المدعومة من الغرب، ومنها الإمارات والسعودية، اللتان احتلتا اليمن وتعملا على تقسيمه"، وكذلك "النظام المصري الذي يعادي كرمان كونها دافعت عن أعضاء الإخوان المسلمين المعتقلين دون محاكمة عادلة في مصر". ويتابع ماير لـDW أن الحملات الإعلامية ضد كرمان أمر غير مفاجئ لأن الأنظمة السلطوية المذكورة تملك تحكما كبيراً في الكثير من القنوات الإعلامية. جدل على مواقع التواصل بمجرد ما أعلن فيسبوك عن اسم توكل كرمان حتى تحوّل هذا المجلس إلى موضوع الساعة في كثير من النقاشات. فعلى تويتر، تداول مستخدمون كثر وسم #نرفض_توكل_كرمان، مرفوقاً برابط عريضة على موقع Change، وصلت إلى حوالي 35 ألف موقع (إلى حدود اليوم الاثنين 11 ماي/أيار). وقام بتأسيس العريضة إسلام عباس، وهو محامي مصري، تحدث في العريضة قائلاً: "نحن ضد تعيين توكل كرمان في مجلس فيسبوك بما أن هناك روابط واضحة بينها وبين إرهاب الإخوان المسلمين". ولم تتوقف الحملات في تويتر على مهاجمة كرمان، فقد وصلت إلى انتقاد فيسبوك بدوره عبر وسم #حذف_الفيسبوك_بسبب_توكل_كرمان، بل منهم من نشر صورة شاشة لحسابه على فيسبوك بعد إغلاقه. وكتبت السعودية هيلة المشوح: "الفيس بوك في المملكة والخليج العربي لا يحظى بشعبية واهتمام رواد التواصل الاجتماعي، لذلك فإن إلغاء حساباتنا وحذفه من أجهزتنا أمر سهل". ووصل الانتقاد إلى بعض الصفحات الغربية، إذ كتب موقع "صوت اليهود"، وهو موقع جريدة محافظة في نيويورك،: "شخصية تدعم الإسلام الراديكالي، ستكون واحدة من الشخصيات التي ستقرّر ماذا سيقرأ الناس على فيسيوك". غير أنه في اليمن، وطن توكل كرمان، انقسم المستخدمون حول هذا التعيين، لكن المتعاطفين مع كرمان نشروا حملة مضادة، تشيد بتوكل كرمان وبهذا التعيين، ومنهم الكثير من اليمنيين الذين نشروا وسم #توكل_فخر_اليمنيين. وكتب الصحفي اليمني محمد ديوان المياحي: "نقطة السر في عداء الكثير لتوكل كرمان، هي جائزة نوبل. لن يغفروا لها هذا المجد ولو بعد مائة عام". كما تداول مستخدون آخرون وسم #انا_أدعم_توكل_كرمان، ومنهم الناشط اليمني محمد عبد الله السمري، الذي كتب: "تضامني مع الإكليلة اليمنية توكل كرمان التي تتعرض لحملة شرسة من قبل الذباب الإلكتروني". وردت توكل على الهجوم عليها بالقول في تغريدة: "أتعرض لتنمر واسع وتحريض فظيع من قبل الإعلام السعودي الموجه وحلفائه، المهم أن أسلم من المنشار الذي قُطعت به جثة المرحوم جمال خاشقجي، أنا ذاهبة إلى تركيا وأعتبر هذا بلاغاً للرأي العام العالمي". غير أن الصحافي اليمني سمير النمري لـDW عربية إن اختيار كرمان في المجلس "طبيعي ويتناسب مع المكانة التي وصلت إليها"، لأمور كثيرة منها "اختيارها من مجلة التايم البريطانية ضمن أكثر 100 امرأة تأثيرا خلال القرن الماضي، وحملها الورد مقابل الرصاص الذي كان يطلقه عسكر نظام علي عبد الله الصالح خلال ثورة عام 2011". وفي رده على الانتقادات الموجهة لها، يقول النمري إن الهجوم على كرمان يأتي "من أنظمة عربية معروف أنها تقف ضد تطلعات الشعوب وتقود الثورات المضادة"، متابعا أن وصف كرمان بالإخوانية يعدّ "نكتة تثير السخرية، فتوكل شخصية متحررة من كل الأفكار المتطرفة"، متابعاأنها كانت عضوا في مجلس شورى حزب الإصلاح اليمني المشارك حالياً في الحكومة الشرعية اليمنية والتي تقيم قياداته جميعا في العاصمة السعودية الرياض. كيف تم اختيار أعضاء المجلس؟ يشمل هذا المجلس 20 اسما من دول الولايات المتحدة والكاميرون وإسرائيل والمملكة المتحدة وهنغاريا وغانا وأندونيسيا وكولومبيا وتايوان وباكستان وكينيا والهند والبرازيل وأستراليا والدانمارك. ومن الشخصيات المختارة هناك رئيسة الوزراء الدانماركية السابقة هيل تورنينغ شميت، ورئيس التحرير السابق لصحيفة الغارديان ألان روسبريدغر. بدأ العمل على هذا المجلس نهاية 2018، ووُضعت أول مسودة تخصه بداية 2019. نظم فيسبوك خلال هذه المدة عدة لقاءات حضرها 650 شخصا من 88 بلدا، وفق موقع المجلس، الذي يضيف إن إدارة فيسبوك قامت بعقد لقاءات مع 250 شخصا، واختار أربعة رؤساء داخل المجلس، ثم توصلت بأكثر من 1200 ترشيحا لعضوية المجلس بعد الإعلان عن فتح باب الترشيح، لتكتمل قائمة العشرين. كما كتب عدد من أعضاء المجلس مقالا في "نيويورك تايمز" جاء فيه أن مكونات المجلس قدمت من خلفيات مهنية وثقافية ودينية متعددة ولديها آراء سياسية مختلفة، وكل الأعضاء يملكون تجربة لمساعدة المجلس على النظر في القرارات المهمة التي تواجه مجتمع فيسبوك. وأكد الأعضاء على أنهم "ملتزمون بحرية التعبير في إطار المعايير العالمية لحقوق الإنسان"، وأن قراراتهم ستحترم هذه المعايير دون النظر في المصالح الاقتصادية أو السياسية أو حتى الدعائية لشركة فيسبوك. إسماعيل عزام
مشاركة :