في خضم تخفيف قيود أزمة كورونا وتذبذب أسعار النفط، أصبح عقد الصفقات العملاقة تحديًا غير متوقع لشركات الطاقة الكبرى في العالم. وعلى الرغم من رفع الإغلاق التدريجي للصناعة، إلا أن النفط يتأخر في الصفقات وسط الأسعار المتقلبة على إثر معاودة معظم الأنشطة لما كانت عليه قبل الأزمة. في وقت كانت معظم شركات الطاقة الكبرى قبل أزمة كورونا وصدمة النفط تخطط لبيع مليارات من الأصول للمساعدة في سداد الديون والحفاظ على أرباح الأسهم. إلا أن برامج تصفية تلك المبايعات تواجه مخاطر شتى، بحسب بيانات الصناعة، التي كشفت بأنه منذ بداية العام، تم إعادة هيكلة مبيعات الأصول الرئيسية لشركات بريتيش بتروليوم، وإكسون موبيل، وأوكسيدنتال بتروليوم، أو تأجيلها، بينما القيود المفروضة في مكافحة الوباء واحترازاته تمتد إلى أجل غير مسمى مما أهلك الطلب على الطاقة وأسعار النفط التي انخفضت بنسبة الثلثين. تحركت شركات النفط لخفض التكاليف والإنفاق مع انخفاض الأسعار، وفي الحالات الأكثر تطرفًا، خفض البعض الأرباح. وكان العديد من فرق القيادة في الصناعة قد رأوا في السابق مبيعات الأصول كطريقة لتقوية الشؤون المالية ولكن خياراتهم تضيق حيث يركز المشترون على الحفاظ على النقد وإعادة البنوك تمويل الصفقات مع تزايد احتمال حدوث ركود عالمي. وقال بيراج بورخاتاريا، الرئيس المشارك لأبحاث الطاقة الأوروبية في آر بي سي كابيتال ماركتس: «هناك شكوك كبيرة حول ما سيبدو عليه العالم بعد ظهور هذا الفيروس وما يعنيه بالنسبة لأسعار النفط والغاز، لذلك سيتردد المشترون في الالتزام برأس المال». بينما يهدد الانحدار في أسعار النفط البرنامج الاستثماري الأكثر شمولاً في القطاع المتمثل في خطة إكسون لجمع 25 مليار دولار من مبيعات الأصول بحلول عام 2025. وأجلت الشركة إلى أجل غير مسمى بيع 2 مليار دولار من أصول النفط والغاز في بحر الشمال. وفي وقت سابق من هذا العام، استأجرت الشركة مستشارين لإطلاق عملية البيع ولكن تم تأجيل الجهد بسبب ظروف السوق. وقال الرئيس التنفيذي دارين وودز إن شركة إكسون ما زالت متحفزة لبيع بعض أصولها، لكن سيتعين عليها إيجاد مشترين مهتمين للقيام بذلك. وقال «سيكون من الصعب القيام بذلك في بيئة مثل هذه، حيث يعاني الناس من نقص في السيولة، لذلك أتوقع أن أرى برنامج سحب الاستثمارات بطيئاً». بينما تواجه صفقة أوكسيدنتال، التي تبلغ قيمتها 8.8 مليارات دولار، لبيع أصول أناداركو في إفريقيا إلى شركة توتال الفرنسية، عقبات في بعض البلدان، مما يعرض قدرتها على زيادة العائدات بالكامل للخطر. وقال شخصان مطلعان على الأمر إن بيعها لعمليات النفط والغاز في موزمبيق وجنوب إفريقيا قد أغلق، لكن الحكومة الجزائرية حجبت الموافقة على بيع الأصول هناك. كما واجهت خطة توتال لتصفية 5 مليارات دولار خلال 2019 و2020 عقبات. وفي يوليو، وافقت شركة بتروقاز نيو يو كي ليمتد، ذراع التنقيب والإنتاج التابعة لمجموعة إم بي القابضة العمانية، على شراء حقول توتال النفطية في بحر الشمال مقابل 635 مليون دولار. الآن يبدو أن الصفقة غير مؤكدة، وفقًا لمشاركين في المفاوضات، لأن بتروقاز واجهت صعوبة في تمويل عملية الشراء. وقال عملاق الطاقة البريطاني شركة برتيش بتروليم إن البيئة صعبة لكن خطتها لبيع 15 مليار دولار من الأصول بحلول منتصف عام 2021 تسير على الطريق الصحيح. وقالت الشركة إنها أعادت التفاوض على الشروط المالية لصفقتها لبيع أعمالها في ألاسكا البالغة 5.6 مليارات دولار إلى شركة هيلكورب إنرجي المملوكة للقطاع الخاص استجابة لعمليات بيع حادة في أسعار النفط الخام وبيئة التمويل الصعبة. وبالمثل، ستحتاج الشركة البريطانية على الأرجح إلى التفكير في الموافقة على شروط جديدة إذا كانت ترغب في استكمال بيعها المخطط لحقول النفط والغاز في بحر الشمال إلى شركة برمير للنفط بقيمة 625 مليون دولار بعد البيع الحاد في سعر السهم. وبموجب الشروط الحالية، تخطط برمير لجمع 500 مليون دولار من إصدار أسهم جديدة للمساعدة في تمويل عملية الشراء، لكن قيمة الشركة تراجعت إلى حوالي 308.7 مليون دولار من أكثر من مليار دولار منذ الإعلان عن الصفقة في يناير. ومع استقرار أسعار النفط، يقول المحللون إن الشركات التي تتطلع إلى زيادة أرباح الأسهم أو تسريع تحولاتها لخفض طاقة الكربون، سيتعين عليها اتخاذ قرارات صعبة بشأن ما إذا كان سيتم بيع الأصول في سوق المشتري. وقال كريستيان مالك، رئيس قسم أبحاث النفط في جي بي مورجان في أوروبا والشرق الأوسط: «يجب تحسين نوعية خطوط الأنابيب التي كانت معروضة للبيع سابقًا بشكل كبير من أجل جذب المشترين». وقالت شركة شل الأسبوع الماضي إنها ستخفض توزيعات أرباحها بنسبة 66 % إلى 16 سنتاً للسهم، وهو أول خفض لها منذ الحرب العالمية الثانية، وعلامة على الضغط الذي تسببه جائحة الفيروسات التاجية لشركات النفط الكبرى. وقالت الشركة إنها لا تزال ملتزمة ببيع أكثر من 10 مليارات دولار من الأصول بنهاية هذا العام، لكنها أشارت إلى أن ذلك سيكون صعباً. وقالت جيسيكا أوهل، المديرة المالية لشركة شل: «إن البيئة ليست داعمة للغاية لكامل مجموعة عمليات تصفية الاستثمارات التي كنا ننوي القيام بها في العام. وكانت عملاقتا النفط والكيميائيات في العالم شركتا أرامكو السعودية، وسابك قد أزاحتا شركة شل شريكتهما السابقة في ثلاثة مشاريع للتكرير والبتروكيميائيات بقيمة حوالي 14 مليار ريال، اثنان منها لشركة أرامكو التي استحوذت على كامل حصة شل في مصفاة بورت آرثر في ولاية تكساس الأميركية وهي أكبر مصفاة في أميركا الشمالية بطاقة 654 ألف برميل في اليوم وبقيمة حوالي ثمانية مليار ريال، واستحواذ أرامكو ايضاً على كامل حصة شل في مصفاة ساسرف بالجبيل بقيمة 2,4 مليار ريال، فيما استحوذت شركة سابك على كامل حصة شل في مجمع صدف للبتروكيميائيات بالجبيل بقيمة 3,075 مليارات ريال، ويضم المجمع ستة مصانع عالمية للبتروكيميائيات يتجاوز إجمالي إنتاجها السنوي أربعة ملايين طن متري، ما يتيح المجال أمام «سابك» لتحقيق الاستفادة المثلى من عمليات هذه المصانع وزيادة الاستثمار في منشآتها، والاندماج بشكل أوثق مع الشركات التابعة الأخرى للاستفادة من فرص التكامل في ظل وفرة اللقيم.
مشاركة :