الأكلات الشعبية تلقى رواجاً بين «عزابية» الدمام.. والأسر المنتجة تفترش الأرصفة وتفتقد لمقومات الاستمرارية

  • 6/27/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

شهدت منتجات الأسر رواجاً خلال شهر رمضان المبارك وخاصة من «العزابية» وسط غياب تنظيمي وتشريعي لهذه الأسر، موزعة داخل الأحياء في حاضرة الدمام، وتتخذ من الأرصفة مكاناً لعرض منتجاتها. وتنوعت الأسر المنتجة في تقديم الأكلات الشعبية التي لاقت إقبالاً من المواطنين والمقيمين، ومن الأكلات «الجريش، المرقوق، الهريس، المعكرونة، المعجنات، ورق العنب، لحم الحنيذ، الخمير، والحلبة، وكذلك العصيرات الطبيعية»، ومن بعد صلاة العصر تبدأ الأسر في عرض منتجاتها معززة تواجدها بتحقيق متطلبات المتسوقين. في جولة ل"الرياض" شرح البعض معاناة الأسر المنتجة بقوله "نعاني من عدم تخصيص مواقع مجهزة من قبل الأمانة بالمنطقة الشرقية، وكذلك المعاناة الحقيقية في العقوبات التي تفرضها الجهات الرقابية بسبب عدم وجود تراخيص رسمية، بالإضافة إلى منافسة العمالة الأجنبية، كما نقف في الشمس الحارقة وسوء الأحوال الجوية من الغبار وارتفاع درجة الحرارة والرطوبة والتي تؤثر على منتجاتنا، ونرى أن المجمعات التجارية هي المكان المناسب". وكانت العشوائية حاضرة بين المتسوقين وكذلك الأسر العارضة لمنتجاتها، زحام من السيارات، ومنتجات مختلفة قد تؤثر العوامل الجوية على جودتها وقد تسبب بعض الأمراض للمواطنين والمقيمين، بالإضافة إلى أن أغلب الأسر المنتجة نساء كما يتواجد بجانبهم رب الأسرة أو الأبناء بهدف المساعدة. وفي مكان ليس ببعيد يقف يحيى غزواني وهو شاب في العقد الثالث من العمر وابنه رشيد يقومون بعرض الأكلات الشعبية الخفيفة، وقدم شرحاً عن منتجاتهما التي يبيعها وقال "إن هذه المهنة جميلة ومشجعة وتجني يوميا ما بين 800 ريال إلى 1000 ريال، إلا أنه يتمنى أن يكون لديه دخل ثابت فهو عاطل عن العمل ولديه عائلة تسكن بالإيجار الشهري مما حدا به لامتهان هذه المهنة الشريفة التي لقي فيها كل الدعم من أصدقائه. د. البخيت: الأسر المنتجة تعيش على أوكسجين المعنويات وستتوقف فجأة وأضاف "نحن بحاجة إلى دعم الجهات الحكومية وخاصة الأمانة من حيث توفير مواقع مخصصة لبيع منتجات الأسر، مشيراً إلى أن كافة الأسر هنا تريد الدعم والتوجيه وتفتقد إلى التدريب في عرض منتجاتها، فهي تجهز الأكلات الشعبية وتعرضها بشكل بدائي يفتقد كذلك للعوامل الرئيسية للحفاظ على صحة المستهلكين من حيث النظافة والموقع وغيرها". من جهتها قالت ليلى حكمي "إننا نقوم بتحضير الوجبات من المساء وفي النهار نعد السريعة منها، نحقق متطلبات المتسوقين، ونجد إقبالاً كبيراً من المستهلكين، حيث تنفذ منتجاتنا أحياناً قبل المغرب بنصف ساعة"، مبينة أنها تهتم بالمنتج الذي يشهد ارتفاعاً في المبيعات، وبجانب ليلى يتواجد ابناها اللذين لم يتجاوزا العقد الثاني من العمر يساعدونها في تلبية متطلبات المتسوقين، حيث يقول ابنها محمد أن هذه المهنة تدر عليهم دخلا يكفي لتغطية احتياجتهم اليومية، حيث نحقق مكاسب تصل إلى صافي ربح يومي ما بين 250 إلى 400 ريال، على حسب جودة وطلب المتسوقين. قاسم الجعفري وزوجته تقاسما رغيف الحياة منذ 45 عاما، وهاهما الآن يتقاسمان الدخل بعد تقاعده منذ سنوات ويقدمان المعجنات وورق العنب والمرقوق والجريش والكشري وغيرها من الأكلات الشعبية الأخرى، وقالوا إن الدخل جيد ويفي بمتطلبات الحياة، مضيفاً "نراعي الله في تجارتنا والحمد لله لدينا زبائن في الموقع ويطلبون منتجاتنا دائماً ونحن سعداء بما نحظى به من تشجيع من قبل السعوديين والذين دائماً يحثوننا على الاستمرارية وتقديم الأفضل". إلى ذلك أشار أحد المتسوقين إلى أن منتجات الأسر أكثر ثقة وصحية أكثر مما تعرضه بعض العمالة المنافسة داخل أحياء المدن، وأوضح صالح المريشد أن نسبة من المتسوقين تتجاوز 50 في المئة هم من "العزابية" الذين يعيشون بعيداً عن أسرهم، مبينا أن الأكلات التي تقدمها الأسر المنتجة هي الأقرب لما يأكله المواطن في بيته"، مبينا أن هناك كذلك العمالة العربية والأجنبية تتواجد للشراء من هذه الأسر. وأكد مختصون أن الأسر المنتجة على مستوى المملكة بحاجة إلى جهة مختصة في تنميتها وتدريبهم على تسويق منتجاتهم، موضحين أن استمرارية هذه الأسر تكمن في تسهيل إجراءاتها وتخصيص مواقع متميزة لهم وبأسعار رمزية، كما يجب أن تتحرك بعض الجهات كالأمانات والغرف التجارية لإنشاء صندوق دائم لتمويل مشاريعها حتى لا تتعرض للخسائر وتفقد حماسها ونشاطها، حيث إن الأسر المنتجة تعيش على أوكسجين المعنويات وستتوقف فجأة إذا لم تنظم مشاريعها. وقالت د. فاطمة البخيت إن مناطق المملكة تشهد نشاطاً واضحاً هذه الأيام من رمضان للأسر المنتجة وتسويقاً جيداً لمنتجاتها البسيطة القيمة ذات الدلالة الكبرى على ما يمكن للمرأة السعودية أن تفعله إن هي وجدت الدعم والتشجيع والمساندة التي تساعدها على أن تكسب قوت يومها وتدخر للمستقبل وتربي أبناءها دون أن تمد يدها لأحد. وأضافت البخيت "هذا الجهد الذي تبذله إمارات مناطق المملكة في جوهره يستحق الشكر والثناء، لكنه في المحصلة النهائية لا يكفي لحل المشاكل التي تواجهها تلك الأسر، فليس المطلوب إقامة معارض لمنتجات موسمية تعاني صاحباتها من ضعف التمويل والتسويق خارج تلك المعارض، وليس من المنطقي أن يُقام معرض كي يحقق نجاحاً مؤقتاً للأسر المشاركة فإذا انقضى وانفض عادت المشكلة مرة أخرى". وأكدت البخيت أن ثمة قيوداً عدة تعيق عمل تلك الأسر وتمنعها من الاستمرارية في ممارسة عملها ونشاطها من منازلها، وتقف حائلاً أمام تسويق منتجاتها، وهي مشاكل تشارك في تعميقها بعض الوزارات والقطاع الخاص إما من خلال القوانين البالية التي لا تراعي واقع الحال، أو الخوف على رأس المال من المشاركة به في دعم أنشطة متناهية الصغر قد لا تؤتي العائد منها، بالإضافة إلى مشاكل أخرى تتعلق بنقل المنتجات، واكتساب الخبرة الكافية لإدارة المشروع المنتج، وضعف التمويل والتسويق، وقلة الثقافة الخاصة بالسوق من قبل تلك الأسر، وعدم وجود حافز قوي للاستمرار في العمل والإنتاج. وبينت البخيت أن الأسر المنتجة تحتاج لعدة أشياء لمساعدتها فعلياً على الاستمرارية منها إنشاء مقرات لها بالأسواق التجارية الكبرى يتم دعمها جيداً حتى لا تتحمل تلك الأسر مبالغ الإيجار الباهظة، وأن تتحرك الغرف التجارية بمناطق المملكة المختلفة تجاه إنشاء صندوق دائم لدعم وتشجيع تلك الأسر مالياً حتى لا تتعرض صاحبة المشروع للحياة على أوكسجين المعونات الذي قد يتوقف فجأة ودون إخطار. وتساءلت البخيت لماذا تظل معظم الجهات المعنية بالدولة تتعامل مع ملف الأسر المنتجة على أنها شأن خيري.. لماذا لا تتعامل معها على أنها رافد اقتصادي هام يساهم في حل مشكلة البطالة ويمنح الأسر التي تتعفف عن السؤال مكاناً في سوق العمل يمكنها من الحياة الكريمة، ويعترف بها ركناً من أركان التجارة البسيطة التي تزدهر في الخارج بشكل كبير وتعتمد عليها كثير من الدول في مساندة اقتصادها العالمي. واختتمت البخيت "نحن بحاجة فعلية إلى تحول الأسر المنتجة وانتقالها من مربع القلق المستمر على تجارتها إلى بر الاطمئنان والأمان والعمل والإبداع، حتى تزداد قصص النجاح في هذا المجال لنبين للأسر إمكانية نجاح مشروعاتهم وتوسعها، وأن نؤكد لرجال الأعمال أن تلك المشروعات رغم بساطتها هي ترس هام في عجلة الإنتاج الوطني الذي يجب أن يُزال من فوقه الصدأ كي تستمر العجلة كلها في الدوران".

مشاركة :