برناديت حديب لـ «الراي»: ما زلتُ «حسن صبي» الطبيعية والعفوية

  • 5/12/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

سنوات العمر تمضي، ومعها يكبر ذلك الطفل الذي خزّن في داخله الكثير من قَصاصات الذكريات المليئة بأفراح وأحزان... آمال وآلام.وقفةٌ أمام المرآة في الكِبر، قد تعيد ذلك الطفل الصغير، أو قد تكشف الوجه الآخَر الذي يُخْفيه صاحبُه عن محيطه الخاص والعام... قد تنطلق محادثةٌ مع الذات، يُحاوِرُها، يَتَأمّلها، يلومها في بعض الأحيان وفي أخرى يكافئها... ليقول في النهاية «هذا أنا» أو «لست أنا».«الراي»، منحت الفنانين الفرصة للوقوف أمام المرآة والانطلاق بالبوح بكل ما يجول في خاطرهم والغوص داخل أعماق النفس. فماذا تقول الممثلة اللبنانية برناديت حديب؟ • عندما تقفين أمام المرآة مَن ترين أولاً، الفنانة أم الطفلة التي كبرتْ وأصبحت ما عليه الآن؟- نادراً ما أقف أمام المرآة، وعادةً أفعل ذلك عندما أغسل وجهي صباحاً أو عندما أكون مرتبطة بمناسبة كي أرتّب نفسي، فأشاهد برناديت الإنسانة في جميع مراحل عمرها، الطفلة والشابة والأكبر سناً وأيضاً الفنانة، لأنه لا يمكن فصل هذه المراحل عن بعض كونها كتلة واحدة. • عادةَ، ماذا تتحدثين مع نفسك؟ - سؤالٌ صعب. عندما أضع رأسي على الوسادة لا أنام بسرعة لأنني أتحدث مع نفسي كثيراً، وعادةً أستحضر كل الأشياء التي حصلت في حياتي. كما أفكر بما يخبئه المستقبل، وفي الأشياء الصغيرة والكبيرة، بدءاً من الطعام الذي سأعدّه لليوم التالي وصولاً إلى الموت، وبأولادي، وأهلي الذين توفاهم الله، بإخوتي الذين مَنَعَني «كورونا» من مشاهدتهم، بالناس الذين أحبهم واشتقتُ اليهم، بلبنان والثورة وإلى أين يمكن أن نصل، وبهواجس الحياة. وبصراحة، فإن مستقبل لبنان هو أكثر ما يشغلني لأنني جزء من هذا الوطن، وعائلتي التي تعيش فيه. • على ماذا ندمتِ في مسيرتك الفنية؟- لم أندم على أي عمل، لأن الناس تقبّلوا كل الأعمال التي قدّمتُها وقدّروها سواء الناس الذين ألتقيهم على الطريق، أو النقّاد الصحافيون ذوي الخبرة والاختصاص. كما أن الأعمال التي نجحتُ فيها كلها أضافتْ إلى مسيرتي الفنية. لم أفشل في أيٍّ من أعمالي، ولكن بعضها لم يكن على المستوى المعتادة عليه، وأتعلم من أخطائي وهذا الأمر مهم جداً لأنه يجعلني أكثر حرصاً على التعامل مع أشخاص عليهم القدر والقيمة، ومن أصحاب الكفاءة، ولكنني أندم على أشخاص وثقت بهم وعبر السنوات شعرتُ بخيبة أمل لأنني تعاطيت معهم. • عندما تلتقين بأصدقاء الطفولة، هل تنسين معهم أنك فنانة مشهورة؟- لا أتعاطى مع الناس المحيطين بي على أساس أنني فنانة مشهورة. والشهرة في ذاتها لا تعني لي شيئاً وهي لم تغيّرني ولن تغيّرني، وهذا الأمر يريحني في التعاطي مع الناس الذين يحيطون بي. ما زلتُ برناديت حديب الإنسانة، وأصدقائي الذين انتقيتُهم وانتقوني في المدرسة لا تزال علاقتنا مستمرة حتى اليوم، وأولاد الجيران لا يزالون أصدقائي، وكذلك أصدقائي في الدراسة صاروا زملاء في المهنة، ونحن نتواصل دائماً ولدينا «واتساب غروب» ونتقابل ونجتمع وندردش معاً. • كل إنسان أخطأ في حياته خلال مرحلة الطفولة أو الشباب وفعل أموراً طائشة. هل تخافين أن يتحدّث بها أحد ما اليوم أمام الآخَرين؟- في كل مرحلة من حياة الإنسان يرتكب الأخطاء، يندم عليها ثم يحاول تصحيح نفسه كي لا يكررها. لا أخاف أن يتحدث الآخَرون عن أخطائي أمام الناس، لأنه لا يوجد ما أخجل به. • ما الشيء الذي تحبين القيام به، لكن لكونك فنانة لا تستطيعين ذلك؟- لا يوجد شيء أحب أن أقوم به ولا أقوم به كوني فنانة، ولا أخاف من الانتقادات ونظرة الناس، بل أشعر بأنني قوية وسيّدة نفسي. لم أدخل مجال الفن بهدف الشهرة، بل لأنني وجدتُ نفسي فيه، ولأنه المجال الذي أبرع فيه. الفن لم يمنعني من النزول عند «الخضرجي» (بائع الخضار) كي أشتري ما أحتاجه أو عند «الدكنجي» (صاحب البقالة) لشراء أغراضي، أو أن أمارس الرياضة في المكان الذي أحب أو حضور ابني في المدرسة. الالتقاء مع الناس الذين يحبونني في الطريق، والتحدث معي وقولهم لي ليتنا نراك أكثر، أمر يُفْرِحُني ويعطيني طاقةً إيجابية. • أي حياة تشعرين بأنها أفضل... ما قبل الشهرة أم بعدها؟- انخرطتُ في مجال الفن بعمر صغير وكنت بعد في صف البريفيه، وكنت أعتلي خشبة المسرح والناس يعرفونني ويدلّون عليّ. أحب حياتي كما هي، منذ أن بدأتُ أعي أنني برناديت حديب وقبل أن يعرفني الناس وبعد أن عرفوني، وما زلتُ أنا ولم أتغيّر. • متى قلتِ «ليتني لم أدخل المجال الفني»؟- لم أقل ذلك أبداً. مَن يدخل الفن بهدف الشهرة ولا يحقّقها يصاب بالإحباط، وكذلك مَن يدخله من دون موهبة ولا يحظى بإعجاب الناس، ومَن لا يتمكن من تحقيق مكانة لنفسه في الوسط الفني، ومَن لا يستطيع التفريق بين حياته الفنية والعيش من الفن وبين مزاولة مهنة أخرى يعتاش من ورائها، هؤلاء يقولون ليتني لم أدخل الفن. أنا لم أندم يوماً على دخولي المجال، لأنني لم أشعر يوماً بالإحباط، بل عرفتُ كيف أنتقي أعمالي الفنية وجعلتُ من الفن المكان الجميل الذي أفرح فيه وأقدّم عبره ما أحب، ومن خلاله قادرة حتى اليوم على تأمين قوتي اليومي ومعيشتي، وأيضاً بمساعدة زوجي أن نكفي أنفسنا. لا أعتمد اعتماداً كلياً على الفن كي أعيش، بل دخلت المجال لأني أحبه، ولم أقل يوماً ليتني لم أدخله، بل على العكس تماماً أشجع ابني لأنه موهوب جداً، وأظن أنه قد يكون ممثلاً أكثر من بارع ومُخْرِجاً أكثر من مهمّ. • متى شعرتِ بأن الفن أنْقذك مِن شيء سيئ؟- لا يوجد شيء يمكن أن ينقذنا من شيء آخَر سيئ، ولكن الفن بلا شك يفتح الأبواب ويجعل الناس يحبوننا أكثر. • ما موقفك في حال كنتِ في مكان ما، ولم يتعرّف عليك أحد؟- عادي جداً، لأن هذا الأمر مرتبط بحبّ الفنان للشهرة التي لا تشكل هاجساً عندي، عدا عن أنه كانت إطلالاتي التلفزيونية في الأعوام الأخيرة قليلة جداً، والناس الذين يتابعون التلفزيون أكثر من الذين يتابعون المسرح. • في العادة، كيف تكافئين نفسك؟- أتسوّق لنفسي. في كل الأعياد أشتري هدية لنفسي، أغلّفها وأفاجأ فيها عند فتْحها. أكثر ما أحب أن أكافئ نفسي بشيء يريحني نفسياً وجسدياً، وذلك عبر إهداء نفسي جلسة مساج تُنْسيني همومَ الدنيا وتريحني ولا أعود أفكر بشيء إلا بلحظة الراحة الجسدية التي أتلقاها. • وفي المقابل، كيف توبّخين نفسك إن أخطأت؟- ولماذا أوبّخ نفسي؟ بمجرد أن أكتشف خطئي فهذا أمر جيّد. أنا أعترف بخطئي، ليس بيني وبين نفسي بل أيضاً بيني وبين مَن أخطأتُ بحقّه فأعتذر منه، وهذا إنجاز في ذاته. • ما الذي تَغَيَّر في شخصيتك مع مَن هم حولك بعد دخول الفن؟- لا شيء. ما زلتُ برناديت حديب «حسن صبي» الطبيعية والعفوية، ولم أتعاط يوماً مع الناس بفوقية لأنني لست أفضل منهم. • متى تنسين أنك فنانة؟- أحب أن أكون على طبيعتي ولا أفرّق بين برناديت الإنسانة وبرناديت الفنانة، لأنهما تكملان بعضهما. منذ أن دخلتُ غمار الفن أتعاطى بالمواضيع التي لها علاقة بالحالات الإنسانية، وأطرح قضايا المرأة التي تتعلق بهواجسها ومتاعبها، علاقتها مع المجتمع وعلاقة المجتمع بها. • هل تشعرين أحياناً بانفصام في الشخصية بين شخصيتك الحقيقية والفنية؟- أبداً، وأنا لا أفصل بين برناديت الفنانة وبرناديت الإنسانة.

مشاركة :