منيرة صرخت في المسلسل فتركت منى واصف بصمتها بتاريخ الفن (4-15)

  • 5/15/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

لاشك أن فيلم الرسالة كان فعلياً جواز سفر الفنانة السورية منى واصف إلى العالمية، فهذا الفيلم أثار جدلاً كبيراً، خصوصاً بعد أن منعت عرضه عدة دول عربية، لتعود بعد سنوات طويلة وتوافق على عرضه. وفي حوار مع سيدة الشاشتين، سألها الإعلامي اللبناني نيشان عن فيلم الرسالة، وعن قول العقاد في منى واصف: عندما تنهي الممثلات في الغرب جملهن تنتهي، ومنى عندما تنتهي جملتها تبدأ -وكان العقاد قد شاهد لمنى عملاً أو عملين- فاسترجعت واصف ذكرياتها وقالت: عندما جاء إلى دمشق، وكان سمع عني بمصر من الأشخاص المهتمين بالمسرح، خاصة الذين جاؤوا إلى الشام وحضروا لي أعمالاً في مهرجان دمشق المسرحي؛ لما جاء العقاد إلى النقابة بدمشق وقالوا لي: هناك مخرج من هوليوود جاء لمقابلتك لم أصدق. وبعد أن أعجب بعملي وأدائي على المسرح بشكل خاص قال لي: لغة الصمت عندك عظيمة، وإنه لشيء مهم كثيراً أن توجد هذه الميزة في الفنان. نتابع حديثنا مع النجمة القديرة حول فيلم الرسالة، والمرحلة التي بعده وتأثيرها على حياتها الفنية، ونسألها في البداية: ما الذي كنت تودين قوله للعقاد ولكنك لم تتمكني؟ فتقول: كلما كنت أقابله أو أشاهده أقول له: شكراً وأحبك. والحقيقة أنني لا يمكن أن أنساه، لأن فيلم الرسالة كل سنة يعاد أكثر من مرة، ولا يوجد بلد عربي تمت دعوتي إليه في مهرجان أو ندوات إلا كان الناس جميعهم قد حفظوا حواري بالفيلم وحوار غيري طبعا، ودائما ينادونني "يا هند"، لذلك كلما شاهدت الفيلم لا أقدر إلا أن أقول له: أنا أحبك وشكرا لك لأنك اخترتني. كان من المفروض أن أقول كلاما أكثر، لكن هي الجوهرة عندما ترحل تبقى جوهرة بالنسبة لمنى واصف، وضميري لا يؤنبني، لأنني لم أشعر يوما إلا بالامتنان. وأذكر أنه في بداية تعارفنا أعطاني كرتا خاصا به، وطلب مني عندما أسافر إلى المغرب (في ذاك الوقت كنت أحضر لعرض مسرحي في المغرب اسمه "حان الاستسلام أيها الإسرائيلي")، وأصل إلى الرباط أن أذهب إلى مراكش وأعطيهم الكرت الذي أعطاني إياه، لكي أتمكن من مشاهدة المدينة التي يبنونها لتصوير فيلم الرسالة. عندما وصلنا مُنعنا من الدخول كمشتركين بعروض مسرحية وكفنانين، لأننا لم نحضر من قبل وزارة الثقافة بالمغرب حتى نستطيع الدخول. وأتذكر وقتها أنني لم أستخدم الكرت، أحسست حينها أنه لن يتم اختياري لأداء الدور، خصوصا أنني وأنا في رحلتي إلى المغرب بالطائرة قرأت خبراً في مجلة "الحوادث" قال فيه العقاد: إن السيدات نضال الأشقر وسهير البابلي ومنى واصف يتنافسن على دور هند، فاحتفظت بالمجلة وأبقيتها معي (اكتشفت لاحقاً أن هذه المجلة مازالت عندي). وفي وقت لاحق اتصلوا بي بضرورة المجيء إلى بيروت، تحديدا إلى بناية الأمير، حتى نوقع العقد الساعة 4 وأحصل على السيناريو. سباعية أسعد الوراق شاركت الفنانة واصف في عام 1975 في مسلسل أسعد الوراق بالأبيض والأسود، أو ما سمي بالسباعية التلفزيونية (سبع حلقات فقط)، وهو من أشهر الأعمال الدرامية السورية وأكثرها متابعة بنسختيه القديمة والجديدة (ثلاثين حلقة)، والعمل مقتبس عن قصة "الله والفقر" للأديب السوري الراحل صدقي إسماعيل، والإخراج للمخرج السوري علاء الدين كوكش. أما المؤلف وكاتب السيناريو فهو عبدالعزيز هلال، والبطولة: هاني الروماني، منى واصف، ملك سكر، أمل سكر، عدنان بركات، علي الرواس، يوسف حنا... وغيرهم. وكان أداء الفنانة القديرة منى واصف في غاية الإبداع، وتركت بصمتها فيه وفي قلوب الجمهور بدور منيرة التي يعرفها الناس من خلال الصرخة التي تؤديها في نهاية الحلقات السبع. في هذا المشهد يصل نبأ استشهاد أسعد لمنيرة عند مواجهته قوات الاحتلال الفرنسي، لتصرخ حبيبة أسعد الوراق الخرساء باسمه، في مشهد يهز الوجدان (أدت الدور في النسخة الجديدة من المسلسل الفنانة السورية المتألقة أمل عرفة، التي هاتفت واصف واستأذنتها للقيام بدور شخصية منيرة، في حين قامت واصف بأداء دور في المسلسل الجديد لم يكن موجودا في السباعية في عام 1975). أسعد الوراق بنسختيه وقالت واصف عن النسخة الجديدة من "أسعد الوراق" قبل عرضه في 23 ديسمبر 2009: أنا سعيدة لإعادة تصوير المسلسل، الذي قدمني للجمهور. وأضافت أن سعادتها أكبر لأن دور منيرة أسند إلى ممثلة تتمتع بقدرات تمثيلية كبيرة. أما دور أسعد الوراق في السباعية فقد أداه الممثل السوري الراحل هاني الروماني، وفي المسلسل الجديد الفنان الشاب تيم حسن، وقد قدم الاثنان أداء رائعاً، منسجمين انسجاما مطلقا مع الشخصية. أما أسعد الوراق فهو شاب يتيم الأبوين أميّ، تضعه ظروفه الاجتماعية بمواقف كثيرة، وينطلق بحكم تلك الظروف من قاع المجتمع وقسوة الحياة وظلم القدر إلى طريق شاق يتبلور خلاله فهم جديد للحياة الحرة، ويكتسب من خلالها شخصية جديدة تحب الحياة، بعد أن كان الناس يرونه مجذوباً ويبدأ بالدفاع عن حياته هذه بكل ما يملك. وحول هذا المحور في العمل تدور حكايات اجتماعية وعاطفية كثيرة ممزوجة بكل المشاعر من فرح وحزن وأمل وترقب وغيرها، كحكاية مراد التاجر الشعبي الذي خرج إلى الناس بجريمة قتل غامضة يرفض الخوض في أسبابها، وحكاية "عدنان بيك" الضابط المتقاعد بعد عدة حروب ليعكف على كتابة مذكراته الملأى بالأسرار، وحكاية "أيمن" المتنفذ في وكالة الحبوب والمتلاعب سراً بأشياء كثيرة في السوق، وحكاية "خليل السروجي" الحمال البسيط الذي يعطف على أسعد ويزوجه ابنته، وحكاية "كسام ونعيم" اللذين يجسدان نموذجين متميزين للبطل الشعبي ولمفهوم البطولة عموما في مرحلة تاريخية ممتدة بين العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين، كانت فيها سورية خاضعة للانتداب الفرنسي، حيث بدأ الناس بالإعداد لاسترجاع الأرض من المستعمر والحرية. وأما العمل بنسخته الثلاثينية (ثلاثين حلقة) فكتبه السيناريست هوزان عكو، وأخرجته المخرجة رشا شربتجي، التي اختارت مدينة الفارس الذهبي عند أطراف مدينة دمشق لتصويره. وأما الممثلون فهم: تيم حسن، وأمل عرفة، ومنى واصف، وخالد تاجا، وطلحت حمدي، وفراس إبراهيم، ومكسيم خليل، وديمة الجندي، ومحمد قنوع... وغيرهم، فضلاً عن الفنان القدير هاني الروماني الذي توفي قبل إتمام مشاهده في العمل، فكان آخر عمل له. لاقى المسلسل ردود فعل متنوعة؛ بين معجب جدا بالعمل، ومن قارنه بالسباعية الأصلية التي رأى أنها تفوقت وأن إطالة العمل لثلاثين حلقة غيبت معالم الحكاية والشخصية. وعن أسعد الوراق بالأبيض والأسود تقول واصف: كان التلفزيون المنتج للمسلسل هو الذي يحدد الأجر، لأن المنتج عموما هو من يحدد ذلك، فقد تقاضيت عن ثلاث حلقات من العمل 400 ليرة سورية و700 عن أربع حلقات، وعندما نجح المسلسل قدم لنا الرئيس حافظ الأسد مكافأة من خلال وزير الإعلام أحمد إسكندر أحمد وقدرها 1000 ليرة سورية. «اللص الظريف» وفي فترة السبعينيات، وتحديدا في عام 1970 شاركت واصف في فيلم "اللص الظريف" بدور سميرة، حيث تدور أحداث الفيلم حول موظف شريف يحاول المدير استغلاله للتوقيع على أوراق مشبوهة فيرفض، ليقوم المدير بخطط كثيرة تجبر هذا الموظف على ترك العمل، وينجح في ذلك. الفيلم تأليف وإخراج: يوسف عيسى، والممثلون: منى واصف (سميرة)، ونيللي (وداد)، ودريد لحام (عصفور)، ونهاد قلعي (نمر)، وهالة شوكت (والدة وداد)، وعمر حجو، ونجاح حفيظ، وسليم حانا... وغيرهم. وفي عام 1971 تستمر واصف في العمل بالسينما، وهذه المرة في فيلم حمل عنوان "امرأة تسكن وحدها"، حيث تدور قصة الفيلم حول صديقين يحاولان العثور على مسكن مناسب لهما، فيجدان مكانا تسكن فيه امرأة بمفردها، فيؤجرهما صاحب المسكن غرفة في الشقة دون معرفة المرأة، وذلك أثناء غيابها، فتحدث مجموعة من المواقف، منها ما هو طريف وكوميدي. الفيلم من إخراج: نجدي حافظ، والممثلون: منى واصف، ودريد لحام، ونهاد قلعي، ونبيلة النابلسي، وآمال رمزي، وأنطوانيت نجيب، ونجاح حفيظ، وعلى نجيب، وقمر مرتضى... وغيرهم. ما بعد «الرسالة» وعن المرحلة التي تلت فيلم الرسالة وأدائها دور هند بنت عتبة، سألنا مضيفتنا: ألم يكن من الصعب العودة إلى العمل في أدوار جديدة أقل ضخامة؟ فقالت: لا، لم يكن لدي صعوبة، لأنني رجعت مباشرة بعد انتهاء العمل في فيلم الرسالة، واشتغلت مع المؤسسة العامة للسينما بدور جديد في فيلم "الاتجاه المعاكس"، أخرجه الأستاذ مروان حداد، وقد استمتعت كثيرا بالعمل والدور الذي حصلت عليه فيه. لم أجد أي مشكلة. على العكس، لقد شعرت بأنني انتهيت من تصوير فيلم، ومباشرة بدأت بفيلم آخر. صراحةً أو لأكون محقة أكثر فقد اختلفت كل الأمور، حتى ساعات العمل. لكنني أعتبر نفسي امرأة، وقد علمتني الحياة التي عشتها بكل ما فيها أن أكون عملية، وأنا على يقين من أنني لم أحصل على فرصة أخرى وفيلم كالرسالة فيه مواصفاته، أقصد المواصفات الهوليودية، وبالنسبة إلى مواصفاته التقنية أيضا، مع العلم أنني توقعت عدم مجيء فرصة أخرى مشابهة لتلك الفرصة، إلا أن إحساسي بحلمي من داخلي قوي جدا بأنه من الممكن أن أمثل بفيلم آخر قبل وفاتي، أو ربما اثنين أو أكثر. وأنا أيضا امرأة أعرف الواقع جيدا وأعيش هذا الواقع، وأؤكد أني بدأت من الصفر، كما أنني لست مجنونة، لا أمتلك ذاك الجموح الزائد عن الحد. صحيح أنا جامحة، لكن واقعية، وأعرف كيف تسير الأمور في الحياة، ومما أذكره أن العقاد في آخر يوم ودعني وقال لي: لا تفكري كثيراً بأن يأتي مثل فيلم الرسالة كل يوم. فأجبته: أنا أعرف، رغم العرض الذي قدم لي أثناء التصوير، فقد عرض علي الممثل مارتن تيلسون (الذي أخد دور أبوجهل بالنسخة الإنكليزية) الذهاب إلى إنكلترا وأن أعمل على تقوية لغتي الإنكليزية في المعهد الذي يمتلكه، وسيقدم لي المساعدة، بعد اعترافه بقدرتي الكبيرة في التمثيل. في بادئ الأمر شعرت بأنني سأفعل ذلك وأذهب إلى إنكلترا، لكنني في هذه الحالة سوف أخسر عائلتي، وفي نفس الوقت كنت في بلدي أحظى بأهمية كبيرة وذقت طعم الشهرة فيها وحب الناس، ففي سنة 1969 ذهبت إلى حلب وقدمت عرضا بالمسرح القومي؛ قدموني وقتها بطريقة لم تقدم بمثلها أي ممثلة في العالم، واستغربت صراحة وقلت لرفيقتي: هل أنا في حلب لأقدم بريجيت باردو أو صوفيا لورين؟ وعلى الرغم مما أمتلكه من جموح شعرت بأن من الصعب السفر إلى إنكلترا، ولو كنت غير متزوجة وليس لدي أولاد لكان من الممكن القول بإمكانية ذهابي، إذ لا مشكلة عندي، ولا تنسَ أيضا أن بيني وبين الشام علاقة خاصة جدا تربطني بها بكل ما فيها. أما عن فيلم "الاتجاه المعاكس"، الذي شاركت فيه واصف بعد "الرسالة" مباشرة، فقد تحدث عن المرحلة بعد نكسة 1967، حيث يتغير المجتمع تغيراً كثيرا ومؤثرا على مناحي الحياة السياسية والاجتماعية، ويتسبب في مشاعر الخيبة، إلا أن البعض تجاوز تلك المشاعر ولم يقتنع بالهزيمة، مترجماً تلك المشاعر بالعمل، وخصوصا الكفاح المسلح. الفيلم من إخراج: مروان حداد، وتأليف: حسن سامي يوسف، والممثلون: منى واصف، وسلمى المصري، وهاني السعدي، وأمل سكر، وعلي الرواس، ومها المصري، وقمر مرتضى، ونبيل فرام، وسليم كلاس، وصباح الجزائري، وبسام لطفي... وغيرهم. وقبل الرسالة في فترة السبعينيات عملت واصف بمجموعة من الأفلام، ففي عام 1972 شاركت في فيلم "مقلب من المكسيك" للمخرج: سيف الدين شوكت، والتأليف: فيصل الياسري. في هذا الفيلم يعاني تيسير (نهاد قلعي) الرجل المحافظ من عقدة بسبب زواج أخته رغما عنه، لذلك يُضيّق الخناق على بناته، حيث يتقدم شاب لخطبة ابنته كوثر فيرفض بعد معرفته بعلاقتهما، وبعد المقلب الذي يدبره كل من شقيقته (منى واصف) وشقيق زوجته (دريد لحام)، يكتشف أنه مخطئ بخصوص أخته التي تعيش بنزاهة وشرف. الممثلون: سلمى المصري، ونور كيالي، وهالة شوكت، وناهد يسري، وشاكر بريخان، وإيمان قاطرجي، وندى صلاحي، وفاتن حلال، وهيفاء فرنجية... وغيرهم.

مشاركة :