مجموعة شركات فِيْرجن الدولية، ومقرها في لندن، تُعْلِنُ قبل أيام عن (إجازة أُبُوّة) لموظفيها الرجَال قد تصل لـ(12 شهرًا)!! وقال السير ريتشارد برانسون مؤسس المجموعة، وهو يتلو القرار: (إذا اعْتَنَيْتَ بمُوَظّفِيْك، فإنهم سَوف يَعْتَنُون بأعمالك)! طبعًا لن نطالب في مجتمعنا (نحن الرّجال المُفْتَرى عليهم) بإجازة مماثلة، لأن أول مَن سيرفضها (معاشر النساء)، بحجة أننا سنقضيها في السّفَريّات، أو النوم والتّبطّح في الاستراحات، بينما مسؤولية الأبناء كاملة هُنّ مَن سيتحملها كعَادتنا المباركة!! ولكن دعونا نُعيد مُسَوِّغَات القرار المفاجئ لتلك المجموعة البريطانية (إذا اعْتَنَيْتَ بمُوَظّفِيْك، فإنهم سوف يَعْتَنُون بأعمالك)! فهذا المبرر الإنساني والعقلاني الذي اهتم ببيئة العمل بمفهومها الشامل الذي من أبرز عناوينه: (إعطاء الموظفين حقوقهم، والعناية بهم وتطوير السياسات والأنظمة، والقوانين، والعلاقات التي تحكمهم، وكذا صناعة ثقافة ومناخ مناسبين لهم)، أرى فيه رسالة تنادي بإعادة النظر في بيئة العمل عندنا؛ سواء كانت حكومية أو خاصة، وهو ملف طال انتظار فتحه، ومعالجة سلبياته؛ بما يساهم في بناء وتنمية الوطن! فعلى المستوى الحكومي يعاني الموظفون المَدنيون من (التجَمَّد الوظيفي، وقلة البدلات والعلاوات والحوافز التي تكافئ المجتهد؛ وتفضله عن الخامل والمتلاعب، وبالتالي فالإنتاجية ضعيفة)! أمّا في قطاع الوظائف الخاصة فهناك (قلة الرواتب والحوافز، وطول ساعات الدّاوم، وعدم وجود الأمان الوظيفي، فالشاب الذي يعمل في مؤسسة خاصة يظلّ تحت رحمة وتهديد مزاج صاحبها أو مَن يديرها، وهو غالبًا من الأعزاء الوافدين)! فمَن يعلق جرس برنامج تطوير بيئة العمل لدينا (الخدمة المدنية أم وزارة العمل)؟! وذلك بدراسة تُشَخّص الواقع، وتضع الحلول العاجلة وطويلة المدى؛ فالأوطان تُبنَى بالإنتاجية والعمل، وليس بالخمول والكَسَل، واسألوا اليابانيين والصّينيين! أخيرًا لفت نظري تعليق تَذَيْلَ خَبر (إجازة الأُبُوّة لموظفي شركات فيرجن الدولية) في إحدى الصحف الإلكترونية، حيث كتب أَحَدنَا: تمام إذا أرادَ اللهُ وطُبِّقَت تلك الإجازة عندنا؛ فأنا مدرس.. وإذا رزقني الله بعيال قبل الصيف بشهر، سوف أشبكها مع إجازة الصيف، فأرتاح خمسَة أشهر!! فكم نحن مبدعون في التحايل وتحويل القرارات والقوانين الإيجابية إلى محطات سلبيّة!! aaljamili@yahoo.com