ضرورة تحلي واشنطن بالطموح لتتمكن من هزيمة «داعش»

  • 6/28/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يمثل الإعلان هذا الشهر عن إرسال عدد إضافي قوامه 450 من المدربين وقوات الدعم الأميركيين إلى العراق، خطوة متواضعة إلى الأمام في القتال ضد تنظيم داعش. ولكن هذه الخطوة في حد ذاتها لن تغير مجرى الأحداث بالنسبة إلى جهد مترنح. وثمة حاجة إلى جهد أوسع نطاقًا وأكثر كثافة، لأجل النجاح في تحقيق طموح الرئيس أوباما بتدمير «داعش» في النهاية، أو حتى احتواء مكاسبها أو انتزاعها منها. لقد كان سقوط الرمادي في محافظة الأنبار غرب العراق بمثابة ناقوس إنذار في هذه المنطقة التي ترزح تحت وطأة تقدم «داعش»، فقد استولى التنظيم على مدينة تدمر السورية وأعن مسؤوليته عن وقوع هجمات داخل المملكة العربية السعودية، وأنشأ لنفسه وجودًا في ليبيا وشبه جزيرة سيناء، وكسب أنصارًا في بلدان تتباين فيما بينها كأفغانستان ونيجيريا. وتقدر الحكومة الأميركية الآن بأن ما يقرب من 22 ألف مقاتل أجنبي انضموا إلى «داعش» من مائة بلد. يتموضع في العراق الجهد العسكري الأميركي الحالي ضد «داعش»، وتعد استراتيجية الإدارة القائمة على العمل مع ومن خلال القوات العراقية، هي الاستراتيجية الصحيحة لتحقيق مكاسب مستدامة على المدى الطويل. ولكن تنفيذ هذه الاستراتيجية قد افتقر إلى السرعة والموارد اللازمة لإدراك النجاح. وينبغي لنهج أكثر حيوية ومباشرة أن يجمع ما بين العناصر التالية: * تأسيس خطة سياسية – عسكرية متكاملة للعراق. لقد أحرزت الولايات المتحدة تقدمًا في العراق عندما تم تنسيق خطوط جهودها العسكرية والدبلوماسية، وكان كل منها يعزز ويدعم الآخر. وينبغي أن تشمل الخطة السياسية العسكرية المتكاملة تحركًا دبلوماسيًا مكثفًا مع بغداد للدفع من أجل مزيد من المشاركة للسنة، ونقل السلطة والموارد إلى محافظات كالأنبار، وتأسيس حرس وطني يكون بمثابة أداة لأن يصير مسلحو العشائر السنية جزءًا من قوات الأمن العراقية. وفي نفس الوقت، ينبغي على واشنطن مضاعفة جهودها للتعاون مع الحلفاء العرب الذين شاهدوا إيران وهي تملأ الخواء الذي حصل، بينما ظلوا مترددين في تقديم دعم كبير للعراق. * تقديم الأسلحة مباشرة إلى العشائر السنية وقوات البيشمركة الكردية. كان خط نقل الأسلحة عبر بغداد إلى هؤلاء السنة والأكراد المستعدين لمواجهة «داعش»، بطيئًا وغير كافٍ. يجب أن تعجل الولايات المتحدة بالإمداد مباشرة إلى العشائر والوحدات العسكرية المحلية، بينما تقوم بتجميد إمكانية أن يتدفق السلاح عبر بغداد إذا أسست الحكومة المركزية عملية يمكن الاعتماد عليها لنقل الأسلحة وتمرير تشريع لإدراج هؤلاء المقاتلين في قوات الأمن العراقية. * نشر قوات عمليات خاصة على مستوى الكتيبة والسماح لهم بتقديم المشورة خلال العمليات. لقد ترنحت إرادة القتال لدى قوات الأمن العراقية مرارًا في مواجهة تقدم «داعش». وعندما يتم تدريب العراقيين وتجهيزهم بحيث يصبحون مستعدين للقتال، يجب أن يلتحق المستشارون العسكريون الأميركيون بالكتائب وأن يقدموا المشورة للقادة العراقيين خلال العمليات من «آخر نقطة تمويه»، وهي موقع حصين يقع أقرب ما يكون من القتال. من الصعوبة بمكان أن ترفع الروح المعنوية وأن تجعل الناس يتحلون بالجلد أو تعدل خطة معركة من قاعدة تدريب. * تصعيد وتيرة الحملة الجوية للتحالف ونشر مراقبين جويين في نقاط أمامية لطلب الغطاء الجوي عن قرب خلال القتال. تعد الحملة الجوية على «داعش» حتى الآن حجر الزاوية للاستراتيجية الأميركية، ومع هذا، ففي ظل بنيتها الحالية، من غير المرجح أن تساعد في تغيير المسار. ومن شأن توظيف الأصول الجوية الأميركية المتمركزة في العراق أو الدول الشريكة المجاورة، وليس في حاملات الطائرات البعيدة، أن يجعل من الممكن تنفيذ عدد أكبر بكثير من الغارات على نحو يومي سواء في العراق أو سوريا. أما تخويل المراقبين الجويين الأماميين بتحديد الأهداف وطلب الغطاء الجوي القريب للوحدات العراقية التي تتعرض للهجوم، أن يجعل هذه القوات أكثر فعالية إلى حد بعيد. * توفير مزيد من الدعم الملموس للمعارضة السورية. سيظل «داعش» يمثل تهديدًا قائمًا للعراق طالما تمتع بقاعدة خلفية في سوريا. وفي حين تتطلب السياسة الأميركية لسوريا نظرة جديدة، فإنها ينبغي أن تتضمن زيادة كبيرة في الجهود لدعم أولئك المعارضين لكل من «داعش» ونظام الأسد، وكذلك السكان المحاصرين الذين تسعى المعارضة لحمايتهم. * تصعيد وتيرة الحملة العالمية ضد «داعش». يبني التنظيم زخمًا مع كسبه لمزيد من الأنصار ويغرس جذوره في أماكن مثل ليبيا وأفغانستان. وسيستلزم الأمر وجود استراتيجية معززة تجمع بين الجهود العسكرية والاستخبارية والدبلوماسية، لمنعه من أن يتحول إلى تنظيم إرهابي جديد ذي سطوة عالمية وطموح لمهاجمة الأميركيين في عقر دارهم وفي الخارج على غرار تنظيم القاعدة. إن صعود «داعش» في أفغانستان يوفر كذلك سببًا إضافيًا للتراجع عن الانسحاب التدريجي للقوات الأميركية من ذلك البلد بنهاية 2016. بدلاً من هذا، على الولايات المتحدة أن تتبنى نهجًا أكثر استشرافا للمستقبل، يحتفظ بوجود قوة متواضعة لتقديم المشورة ومساعدة القوات الأمنية الوطنية الأفغانية، وإجراء عمليات مشتركة لمكافحة الإرهاب لتأمين كلا البلدين. ستكون هذه الخطوات مجتمعة بمثابة إشارة على تصعيد كبير في الحملة ضد «داعش»، وبخاصة في العراق. نعم، سيتضمن ذلك نشر عدد قليل من القوات البرية الأميركية وسيعرض قواتنا لخطر أكبر. ومع هذا فمخاطر عدم التحرك تظل أعلى. وإذا كنا تعلمنا أي شيء منذ 11 سبتمبر (أيلول)، فهو أن التنظيمات الإرهابية التي ترتكب أعمال عنف وفظائع لا يمكن وصفها ضد الجميع، عدا أولئك الذين يشاطرونها رؤيتها الانتقامية للعالم، يجب حرمانها من الملاذات الآمنة. ومن خلال الإعلان عن تحرك أكثر شمولا إلى جانب الخطوط التي اقترحناها، يمكن لواشنطن أن تتجنب الإحساس بزحف فكرة التغيير التدريجي البطيء، التي ميزت السياسة الأميركية حتى الآن. وسيعطي هذا للسنة المحاصرين في العراق وما وراءها مؤشرا على أن الولايات المتحدة تقف معهم. كما وسيستغل الزخم في وقت يتخندق فيه «داعش». يداخل غالبية الأميركيين ندم على السماح لـ«القاعدة» بتأسيس ملاذ لها في أفغانستان في أواخر التسعينات من القرن الماضي. ونحن لا نريد، بعد سنوات من الآن، أن ننظر إلى الوراء ونندم على هذا الوقت، عندما يقوم «داعش» بإنشاء ملاذاته. لدينا في العراق شركاء لديهم عيوب وغير منظمين، ولكنهم يظلون حلفاء رغم هذا. وقد آن الوقت لتصعيد جهودنا للعمل على توجيههم في حملة لهزيمة «داعش». * ميشيل فلورني هو الرئيس التنفيذي لمركز الأمن الأميركي الجديد ونائب وزير الدفاع السابق للسياسات في إدارة أوباما. وريتشارد فونتين هو رئيس المركز ومستشار السياسة الخارجية السابق للسيناتور جون ماكين * خدمة «واشنطن بوست»

مشاركة :