في شهر رمضان المبارك من كل عام يكثر الحديث عن برامج التلفزيون التي تصبح مادة سائغة للحوار والنقاشات في المجالس وعلى صفحات الجرائد، ناهيك عن وسائل التواصل الاجتماعي بكل أشكالها. في خضم كل ذلك، وبعيدا عن الارتباط بأي قناة قلت في نفسي لماذا لا أقوم بجولة متأنية على ما يكتنزه فضاؤنا العربي من قنوات متعددة الأذواق والمشارب لعلي أشبع رغبتي فيما أود زيادة معرفتي به عن سير هذه القنوات وتوجهاتها وما تبثه على مدار الساعة. سميت بالله، وتناولت (الريموت كونترول) وقلت لعله من الأفضل أن أبدأ بالقناة المباركة (قناة القرآن الكريم). رأيت كما هو المعتاد الكاميرات تتنقل في أرجاء الحرم المكي الشريف تصاحبها تلاوات من القرآن الكريم، ويتخلل هذه المشاهد لقطات لمعدات الحفر والبناء وهي لا علاقة لها بالروحانية، ناهيك عن لقطات أخرى لمصلين فيها تركيز على وجه المصلين والداعين وهم أحيانا في أوضاع غير مناسبة. وخلال البحث وجدت أيضا قنوات أخرى تبث القرآن الكريم بأشكال ولوحات مختلفة، إضافة إلى قنوات تشترك في النقل مع قناة القرآن وبعضها ليست عربية ولا تبث حتى من دول إسلامية. فسبحان الله نجد هذا الاهتمام بكتاب الله وبحرمه الشريف في دول غير إسلامية ونفتقده في قنوات تبث من دول عربية وإسلامية. من باب معرفة المزيد، وحيث صادف يوم بحثي في القنوات حادث التفجير في مسجد الإمام الصادق في الكويت، قلت في نفسي لعله الوقت المناسب كي أتابع بعض القنوات الإخبارية لمعرفة المزيد من التفاصيل. وعندما فعلت وجدت الفوارق الغريبة والاختلاف في الانتماءات الطائفية، فهذه قناة تلوم هذه الفئة أو الطائفة، وأخرى تلوم غيرها، والكل يكيل التهم قبل التثبت وظهور نتائج التحقيقات. في هذا اليوم نشطت البرامج الحوارية والتحليلات، وما لفت انتباهي هي الازدواجية في الانتماء وعدم الكفاءة. فحين ترى المعلق أو المحلل الفلاني في قناة (ما) يبدى رأيا حول قضية أو فكر معين تجده بعد فترة في قناة أخرى يقول كلاما يختلف عمّا في تلك القناة، والهدف واضح وهو محاولة إرضاء الجميع، وعلى نحو لا يضر بما يتم إيداعه في حسابه آخر الشهر. وما يلفت الانتباه أيضا هو أنه عندما تتأزم الأمور وتكثر الأحداث تقوم القنوات باستضافة اشخاص لا يملكون الحد الأدنى من الثقافة أو الاطلاع، وقد رأيت الكثير، منهم ولعل السبب هو الحاجة أو الرغبة في تغطية ساعات البث الطويلة لإرضاء المسؤول بدعوى المواكبة بعيدا عن جودة المحتوى. كفانا تجوالا في الأحداث والأخبار وقنواتها ودعونا نرَ ماذا تقدم لنا القنوات العامة من مسلسلات درامية وكوميدية. هنا رأيت العجب فالكل يصر على انتزاع الابتسامة حتى لو كان يحلق في طائرة ويمتهن الآخرين. صحيح أن هناك كوميديا ولكنها لم تعد كما كانت في الماضي باستثناء بعض الحلقات التي نجحت في الحفاظ على قدر من الكوميديا حفظ لها ماء الوجه. ومن العجيب أن ترى قناة خاصة تعتقد أن من الكوميديا السخرية بأخرى حكومية، وهذه ليست المرة الأولى ولكنها تضرب عرض الحائط بأخلاقيات العمل الإعلامي، وكما يقولون (من أمن العقوبة أساء الأدب). أما الدراما، فسمة الكآبة مسيطرة والخداع الأسري والخيانات الزوجية مستمرة، فهذا يتغزل بسكرتيرته، وهذا يمسك بأخته في وضع مخل بالآداب، وثالث يطلق زوجته لإرضاء معشوقته الصغيرة. أين القيم الأسرية ؟ وأين المسؤولية الاجتماعية ؟ لا أدرى.. أعتقد أن جولتي ستطول في القنوات العربية ولكن دعونا نعد من حيث بدأنا إلى قناة (القرآن الكريم) لنستظل في روحانيتها إلى أن يجمعنا لقاء آخر الأسبوع القادم لعلنا نستكمل فيه جولتنا في فضائنا التلفزيوني العربي.
مشاركة :