رائد مقدم يكتب: فرصة العمر.. قبل فوات الأوان

  • 5/17/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

نظام التعليم في مصر أصبح مشكلة كبيرة، بل أعتقد أنه سبب كل مشاكل مصر من إرهاب وبطالة وقلة الإنتاجية للفرد والتحديات الأمنية وقلة كفاءة العمالة وندرة الكفاءات والانقسامات المجتمعية والطبقية والتقسيم الجغرافي والديموجرافي على أساس طبقي وديني.وأعتقد أن حل أغلب مشاكل مصر التراكمية سببها التعليم، وسأركز هنا على ظاهرة تقسيم الشعب المصري لأكثر من فئة على أساس مستوى التعليم ونوعيته، فلن أخفي سرًا أن المجتمع المصري ينقسم بخطوات منتظمة إلى أكثر من فئة وأكثر من طبقي؛ وذلك بسبب وجود أكثر من نظام تعليمي تحت راية وزارة التربية والتعليم وهو ما يؤدي إلى وجود مشكلة مستقبلية خطيرة وهي عدم إمكانية التعايش بين خريجي كل نظام تعليمي وغيره نتيجة لاختلاف المنتج التعليمي والتربوي والقيمي لكل نظام. فهناك نظام التعليم الدولي الذي يستفيد منه أبناء الطبقي العليا من المجتمع نتيجة لضخامة مصاريف ذلك النظام والذي يصل إلى ٥٠ ألف جنيه في مرحلة رياض الأطفال وأبناء هذا النظام التعليمي هم بالفعل انفصلوا معيشيا عن باقي فئات هذا الوطن فلهم أماكن معيشتهم المنغلقة عليهم (كومباوند) التي لا يستطيع أحد الوصول إليهم ولهم مفرداتهم اللغوية وقيمهم وأعرافهم وأسلوب حياتهم وأيضا أعمالهم ومستوى معيشتهم، وهم في الغالب يتعاملون مع باقي فئات الشعب بمنتهي الحرص والتوجس وأحيانا التعالي نظرا للفروق الاجتماعية الرهيبة. وهناك أيضا فئة أخرى هم أبناء نظام التعليم الديني. الذين ينشئون ويتشكل وعيهم وثقافتهم بطريقة مختلفة تماما عن باقي فئات الشعب المصري وأيضا لهم أسلوب حياتهم ونموذج ملابسهم المميزة ومفرداتهم اللغوية الفصحى ونظرتهم المختلفة لكل مناحي الحياة والذين أيضا يتعاملون مع باقي الفئات بحرص شديد ونفسير عقائدي متشدد أحياتَنا كل مفردات الحياة العامة، وهناك أيضا أبناء نظام التعليم الحكومي وهم أغلبية هذا الشعب والذين يتم تنشئتهم في ظل نظام تعليمي فاشل من أكثر من ٣٠ عاما. صدر لنا الكثير من التشوهات المجتمعية والعورات الأخلاقية والاختلالات القيمية نظرا لضعف إمكانياته وكثرة المستفيدين منه وأغلبهم ينظر إلي أبناء الطبقات الأخرى من الشعب نظرة غل وحقد واتهام لهم بأنهم السبب فيما آلت إليه مجتمعات أبناء ذلك النظام التعليمي السيئ. وهناك أيضا أبناء النظام التعليمي الخاص وهم في الأغلب أبناء الطبقة المتوسطة الذين يتحملون الكثير من التحديات والأعباء من أجل ترسيخ الأمن الاجتماعي والمجتمعي في هذا الوطن. ولكن أبناء هذه الطبقة أصبحوا حائرين فهم لا يستطيعون السكن في مناطق الطبقي العليا نظرًا للارتفاع الخيالي لأسعار الوحدات السكنيه في مناطقهم المنغلقة ولا يستطعون التعايش مع أبناء الطبقه العامه من أبناء هذا الوطن َمن أصحاب محدودي  ومعدومي الدخل نظرا لتدني مستوي التعامل وخلخلة منظومة القيم والمبادئ نتيجه لثقافة الزحام المنتشره في نلك المناطق وأيضا لندرة الموارد والفرص وتزايد حالات الخروج عن القانون وإبتكار مهن جديده تتميز بالجور والتعدي علي حقوق الغير في الممتلكات العامه في ظل عجز مؤسسات الدوله عن حمايتهم. وأتصور المصيبه الكبري والمشكله المستقبليه الصعبه بعد مرور بضعة سنوات وخروج أبناء تلك الأنظمه التعليميه إلي سوق الهمل وإلي التواجد في المؤسسات القوميه المختلفه مثل أجهزة الشرطه والجيش والقضاء وغيرهم من المؤسسات فكيف سوف يتعامل هؤلاء مع بعضهم البعض وكيف ستكون المعايير الموضوعه لإختيار موظفي تلك المؤسسات في ظل التفاوت العظيم بين مستوي المنتج من كل نظام تعليمي. حتي في حالة وضع شروط وإشتراطات خاصه للإلتحاق بتلك الوظائف والمؤسسات العامه سيكون هناك ظلم وعدم تكلفؤ فرص بين أبناء الوطن. وفي السابق كان النظام التعليمي هو البوتقه التي تنصهر بها كل فئات المجتمع ويتعايش في داخل جدرانه أبناء جميع المستويات المعيشيه. وأعاقد أنه لاتوجد دوله في العالم لديها هذا التصنيف والتقسيم الطبقي التعليمي والذي يفرز فئات مختلفه عاجزه عن التعامل والتعايش مع الأخر. وأعتقد أنه لدينا فرصه تاريخيه لإصلاح نلك التشوهات المجتمعيه الناتجه عن النظام التعليمي الفاسد والفاشل. وذلك نتيجة إنتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد ١٩) والذي أجبر المجتمع علي التعامل مع نظام التعليم عن بعد. بالتالي ذوبان الفواصل الاجتماعية والجغرافية والطبقيه والتعامل مع جميع أبناء هذا الوطن علي مبدأ المساواه. ولذلك يجب إستغلال الفرصه لوضع إستراتيجيه عامه لوضع مظام تعليمي موحد يتم تطبيقه علي جميع أبناء هذا الوطن من أجل القضاء علي الفوارق الإجتماعيه الجغرافيه التي سوف تؤدي إلي تقسيم هذا المجتمع إلي فئات متنافره لاتستطيع التوافق علي أرضيه مشتركه. ويجب أن يتم توجيه معظم إمكانيات الدوله لنجاح تلك الإستراتيجيه ودعم ميزانية التعليم في الموازنه العامه ووضع المعايير والشروط الملزمه لجميع المدارس علي إختلاف مستوياتهم وترسيخ قكرة لم شمل المجتمع وتعظيم هوية الوطن. ومن هنا أعلن دعمي الكامل للوزير طارق شوقي في تجربته العظيمه من أجل تطوير نظام التعليم المصري وأوجه إليه هذا المقال لشموله برعايته من أجل ضمه لإستراتيجية التعليم طويلة الأجل..وحفظ الله مصر وحفظ شعبها..

مشاركة :