قاعدة باغرام (أفغانستان) – أكد قائد القوات الأميركية في أفغانستان الجنرال جون نيكولسون الأربعاء أن الفترة الحالية هي الأمثل لطالبان للدخول في مفاوضات سلام، محذرا من أن تشديد الحملة العسكرية الجوية والبرية ضد متمردي الحركة سيزيد أوضاعهم سوءا. وعرض الرئيس الأفغاني أشرف غني الشهر الماضي خطة لبدء محادثات تهدف إلى إنهاء 16 عاما من الحرب، عارضا التفاوض مع طالبان بدون شروط مسبقة. وفي غياب رد من الحركة على طرح غني، قال محللون إنه يعكس جدلا في صفوف قادة الحركة حول جدوى الدخول في مفاوضات مع حكومة تعتبرها طالبان غير شرعية. لكن وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس أعلن هذا الأسبوع أن بعض أطراف حركة طالبان منفتحون على إجراء محادثات مع الحكومة الأفغانية. وقال نيكولسون إن طالبان تكبدت خسائر بشرية كبيرة منذ تشديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب حملة الغارات الجوية العام الماضي، مشيرا إلى ازدياد فاعلية الوحدات الخاصة الأفغانية والجيش النظامي الأفغاني. وقال الجنرال نيكولوسن لصحافيين رافقوا ماتيس في زيارته قاعدة باغرام في شمال كابول، أكبر قاعدة جوية أميركية في أفغانستان "تدرك طالبان ما هو الآتي وأن هذه القدرات سوف تزداد". وأضاف "لذا، الآن هو على الأرجح التوقيت الأمثل لهم لمحاولة التفاوض، لأن الأمور ستزداد سوءا بالنسبة إليهم"، وسط استعداد الطرفين لمعارك الربيع التي يتوقع أن تكون طاحنة. وجاءت تصريحات الجنرال نيكولسون في وقت أرسلت فيه السلطات الأفغانية تعزيزات عسكرية اضافية إلى ولاية فرح في غرب البلاد، حيث شنت حركة طالبان عدة هجمات في الأسابيع الأخيرة. واستهدفت طالبان في اعتدائها الأخير الذي وقع فجر الأربعاء في ولاية فرح، المحاذية لإيران، حاجزا أمنيا للشرطة وأجهزة الاستخبارات عند أطراف عاصمة الولاية التي تحمل الاسم نفسه، أدى إلى مقتل سبعة عناصر، بحسب ما أعلن مسؤولون. وتنص خطة غني للسلام على اعتراف طالبان بالحكومة وبالدستور وهو ما شكل نقطة خلافية في المحاولات السابقة لإجراء محادثات، مقابل اعتراف كابول بالحركة كحزب سياسي. وعلى الرغم من تحذيرات نيكولسون شديدة اللهجة، تشير البيانات الأميركية إلى أن حركة طالبان بعيدة كل البعد عن الخروج من ساحات المعارك. وفي أكتوبر/تشرين الأول كان مقاتلو طالبان يسيطرون أو يمارسون نفوذا في نصف المناطق الأفغانية أي بزيادة تفوق ضعفي مساحة مناطق نفوذهم في 2015 بحسب تقرير نشره مكتب المحقق العام لإعادة اعمار أفغانستان (سيغار) في يناير/كانون الثاني. وأفاد التقرير بأنه وفي تلك الفترة تراجعت مساحة المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة الحكومة الأفغانية إلى أدنى نسبة لها منذ ديسمبر/كانون الأول 2015. حماية كابول وبعد أن كان يُنظر إليها يوما على أنها آمنة نسبيا، أصبحت العاصمة الأفغانية المترامية الأطراف كابول المحور الرئيسي لمعركة مكثفة تدعمها الولايات المتحدة ضد طالبان هذا العام بعد سلسلة هجمات على أهداف مهمة كشفت عن ثغرات كبيرة في الأمن. وقال الجنرال نيكلسون "كابول هي محور جهدنا الرئيسي. جعل كابول قوية، حماية أهل كابول وأعضاء المجتمع الدولي الموجودين هنا". وتبرز التصريحات القلق البالغ بشأن اعتزام طالبان شن هجمات كبيرة في كابول بهدف تقويض الحكومة الأفغانية وعزيمة المجتمع الدولي بعد 16 عاما من الحرب. كما أن هذه التصريحات تذكير بأنه في الوقت الذي يتحدث فيه المسؤولون الأميركيون والأفغان بثقة متزايدة حول آفاق محادثات السلام مع عناصر مع طالبان، فإن الجيش يجري أيضا تحضيرات طويلة الأمد لصراع ممتد يشمل العاصمة. وقال نيلكسون إن النمو السريع في عدد سكان كابول من 500 ألف شخص في 2001 إلى خمسة ملايين اليوم تسبب في امتداد عشوائي من الصعب تأمينه. وتساعد وكالات المخابرات الأميركية أفغانستان على رسم خريطة للمدينة حتى يتسنى للشرطة والجنود تصميم الحواجز ونقاط التفتيش على نحو أفضل. وقال نيكلسون "سأكون صريحا جدا. أمامنا الكثير من العمل"، مضيفا "هذا النمو بذلك المعدل يعني أن هناك الكثير من التمدد. من السهل الدخول والخروج من المدينة". وفي السنوات السابقة، نفذ مسلحون تفجيرات كبيرة في العاصمة الأفغانية، بما في ذلك تفجير في يناير/كانون الثاني قتل ما يزيد عن مئة شخص وآخر في مايو/أيار 2017 قرب السفارة الألمانية. ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن هجوم مايو/أيار 2017 لكن مسؤولين أفغان وأميركيين ألقوا باللوم على شبكة حقاني وهي جماعة مسلحة عنيفة تابعة لطالبان. وتبنت طالبان الهجوم الثاني، لكن عددا من المسؤولين يقولون إن الهجوم يحمل بصمات شبكة حقاني التي تقول الولايات المتحدة إنها تتمتع بملاذ آمن في باكستان المجاورة. ومارس الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضغوطا على باكستان لاتخاذ إجراءات بشأن الملاذات الآمنة، معلنا في يناير/كانون الثاني عن تعليق المساعدات المالية الأميركية لإسلام آباد. وقال نيكلسون إن الجيش الأفغاني يتولى على الأقل السيطرة على بعض نقاط التفتيش التابعة للشرطة داخل المدينة والتي تعرضت للاختراق في وقت سابق وإنه يدرب جنودا متخصصين لتولي عمليات الحراسة. والهدف هو إقامة حلقة داخلية من الأمن بجانب حلقة خارجية من الأمن وتطهير كل شيء بينهما. وستشترك مجموعة من المستشارين التابعين للجيش الأميركي الواصلين إلى البلاد حديثا مع بعض القوات الأفغانية في تأمين كابول. وستنفذ القوات الخاصة مداهمات بناء على معلومات استخباراتية في أنحاء المدينة وهو ما قال نيكلسون إنه يحدث بالفعل. والهدف هو القضاء على معاقل طالبان وكذلك من يقدمون تسهيلات للحركة بما في ذلك عصابات إجرامية تمنح المتمردين المأوي أو الأسلحة مقابل دفع الثمن. وقال نيسكلون "طالبان في المدينة لذا فهذه عملية تستهدف تطهير أجزاء من المدينة. لقد بدأ ذلك". ولا يزال مقاتلو طالبان يسيطرون على أجزاء كبيرة من البلاد ولا يمكن أن تبشر أي مكاسب جديدة للقوات الأميركية وتلك الأفغانية التي تدعمها الولايات المتحدة في ساحة المعركة بالتغلب على الانقسامات السياسية المتفاقمة والفساد المتأصل في أفغانستان.
مشاركة :