تخضع تجربة العديد من مسؤولي كرة القدم في تونس إلى محرار أساسي قوامه الانضباط والعمل في صمت، والأهم من ذلك مراكمة رصيد هائل من الخبرة قادر على الدفاع عن حظوظهم في أي مسار جديد يعتزمون خوضه، ومن بين هؤلاء رئيس الاتحاد التونسي لكرة القدم وديع الجريء الذي كشف هذا الأسبوع أن لديه طموحات لرئاسة الاتحاد الأفريقي لكرة القدم “كاف”. أثار القرار الذي اتخذه رئيس الاتحاد التونسي لكرة القدم وديع الجريء هذا الأسبوع بخوض الانتخابات لرئاسة الاتحاد الأفريقي لكرة القدم “كاف” العديد من ردود الفعل داخل الأوساط الرياضية التونسية وتراوح النقاش حوله بين مرحّب به ومدافع عنه ومستنكر لهذه الخطوة باعتبارها جاءت لقطع الطريق على ممثل تونس الثاني في هذه الانتخابات طارق بوشماوي. وقال الجريء في تصريحات تلفزيونية “هناك اتجاه داخل الاتحاد التونسي لتزكيتي في الانتخابات القادمة للاتحاد الأفريقي، إذا تأكد لنا أنه ستكون لدي حظوظ كبيرة للفوز بالمنصب”. وأضاف “أريد أن أؤكد أنني لم ألتزم بتزكية طارق بوشماوي أو أي شخص آخر، وقلت في تصريحي السابق إنه من البديهي أن أدعم أي تونسي حين يتقدم لرئاسة الكاف، سواء هو أو غيره، لأنه حتى عندما نختلف يبقى ذلك محليا”. وتبدو هذه الخطوة مدروسة جيدا، وفق متابعين للشأن الرياضي التونسي، الهدف منها تسجيل الرجل حضوره وحتى وإن لم ينل شرف الفوز هذه المرة، فإنها تكون تحضيرا لاستحقاقات قادمة. محللون رياضيون يصفون القرار الذي اتخذه الجريء بكونه شجاعا وينمّ عن طموحات مشروعة لرجل عُرف عنه اشتغاله المكثف صلب الاتحاد التونسي لكرة القدم وقال الجريء “أنا متواجد على رأس الاتحاد التونسي منذ ثماني سنوات، وأصبحت أعرف 75 في المئة أو 80 في المئة من رؤساء الاتحادات بالقارة معرفة شخصية وسأدرس معهم الموضوع، وإذا توصلنا إلى أن وديع الجريء يمكنه أن يصبح رئيسا للكاف فسأقدم أوراق ترشحي”. وختم رئيس الاتحاد التونسي “الاتحاد التونسي مبدئيا سيزكيني، ولكن إذا تأكدنا أن حظوظ طارق بوشماوي ستكون أكبر للفوز حينها سندرس الموضوع”. ويصف محللون وصحافيون رياضيون تونسيون القرار الذي اتخذه الجريء بكونه شجاعا وينمّ عن طموحات مشروعة لرجل عُرف عنه اشتغاله المكثف في السنوات الأخيرة صلب الاتحاد التونسي لكرة القدم وخارجه ومشهود له بكفاءة عالية تمكنه من خوض أي تجربة في هياكل رياضية عليا بكل اقتدار. ويرى الصحافي الرياضي مراد البرهومي أن قرار الجريء الترشح لرئاسة الاتحاد الأفريقي لكرة القدم شجاع من رجل طموح. ويقول البرهومي في تصريح لـ”العرب”، “يدرك الجريء جيّدا أنه بخوضه هذه الانتخابات سيخرج مستفيدا بلا شك سواء فاز أم لا”. ويضيف “هو (الجريء) بدأ من الآن التحضير إلى مرحلة ما بعد الاتحاد التونسي لكرة القدم”. وبات دون أدنى شك أنه رهان يرسمه الجريء ضمن مستقبله ويخطط له قياسا بالتجربة التي مكنته من الاحتكاك بالعديد من الوجوه البارزة والشخصيات الرياضية النافذة في الاتحادات الأفريقية والعربية لكرة القدم. مسيرة متواضعة عرف الجريء في جميع الندوات الصحافية التي يعقدها والبرامج التلفزيونية التي يحظرها بطلاقة لسانه والصرامة في الرد على المدافعين عنه قبل الخصوم. يلتزم الرجل كثيرا بالنص وقلّ ما خرج عن أدبياته. يصفه البعض بكونه شديد الحرفية في كل المناصب الإدارية التي تولّى الإشراف عنها فيما يقول عنه منتقدون إنه راكم مسيرة طويلة بفضل “التقلّب” الذي يطبع شخصيته كلما أحس بالخطر. هكذا يلوح وديع الجريء وفق المتابعين لمسيرته على رأس الاتحاد التونسي لكرة القدم. وتكشف السيرة الذاتية للجريء أنه بدأ نشاطه الرياضي كلاعب شغل خطة مدافع، خاض أولى تجاربه مع الاتحاد الرياضي بنقردان ثم ترأس النادي لمدة خمس سنوات وكان تخصصه الأساسي هو الطب الرياضي. وإضافة إلى ذلك أشرف الجريء على المكتب الاتحادي للجامعة التونسية لكرة القدم لمدة ست سنوات، كما تولى الإشراف على بعض لجانه مثل فرق الشباب أو المنتخب الوطني وترأس لجنته الطبية. ثم تم انتخابه رئيسا للجامعة التونسية لكرة القدم سنة 2012 وأعيد انتخابه في العام 2016. وبهذه الصفة تم انتخابه رئيسا لاتحاد شمال أفريقيا لكرة القدم في عام 2014. رغم تواضع مسيرة الرجل في مشواره الرياضي استنادا إلى ما تطفح به سيرته الذاتية إلا أنه تمكن في ظرف سنوات من رسم مسار خاص صلب الاتحاد التونسي لكرة القدم توجه ببقائه لأطول فترة نيابية قياسا بعدد الرؤساء الذين مروا على هذا الهيكل الرياضي في تونس على غرار رؤوف النجار (1994-1995) أو يونس الشتالي (1996-1997) أو طارق بن مبارك (1997-2000) أو حمودة بن عمار (2002-2006) وغيرهم من الرؤساء الذين لم تتجاوز مدة النيابية لأحدهم 4 سنوات. الأكيد أن هذا الترشح له رهاناته بالنسبة إلى رجل تجاوز حلمه البعد المحلي ليعانق الإشراف على هيكل قاري حامت حوله الكثير من الأزمات في الفترة الأخيرة وينتظره قطار التغيير بشهادة رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفاتينو. حظوظ محفوظة الجريء مشهود له بكفاءة عالية تمكنه من خوض أي تجربة في هياكل رياضية عليا الجريء مشهود له بكفاءة عالية تمكنه من خوض أي تجربة في هياكل رياضية عليا التجربة المتواضعة للرجل على رأس الاتحاد التونسي عقدَ خلالها العديد من الصداقات واحتك بالكثير من الشخصيات الرياضية الفاعلة على المستوى القاري والعالمي مما يجعل حظوظه محفوظة حتى وإن أبدى الجريء التزاما بضرورة إعطاء الأولوية لممثل تونس الأوفر حظا، أي إن كان هو أو بوشماوي. ولأن المطلوب في هيكل لم يعد يحتمل المراهنات على أشخاص تحوم حولهم العديد من الأسئلة الاستنكارية فربما منح ذلك الكثير من الثقة للرجل ليدون اسمه ضمن القائمة المرشحة لتولي “كاف”. وفي هذا الإطار يشير البرهومي إلى أن “هذا الرجل يحظى بدعم عدة أطراف وهياكل وأشخاص فاعلين، لذلك يرى أنه من حقه المشاركة في انتخابات الكاف رغم أنه يدرك جيدا أن وجود مرشح تونسي آخر سيشتت الأصوات في مواجهة جبهة أحمد أحمد”. وعلى الجانب الآخر بات التونسي طارق بوشماوي عضو المكتب التنفيذي للاتحادين الدولي والأفريقي من بين الشخصيات المرشحة لمنافسة أحمد أحمد الرئيس الحالي. ويحظى رجل الأعمال التونسي بسمعة طيبة وعلاقات متميزة مع رؤساء الاتحادات القارية وأعضاء المكتب التنفيذي للفيفا، حيث تقلد مناصب عديدة ويشغل حاليا منصب عضو قار في المكتب التنفيذي للاتحاد الأفريقي. وقال الجريء “لم يبلغنا طارق بوشماوي رسميا برغبته في الترشح. بلغنا الخبر عن طريق وسائل الإعلام، لكن حتما هذا طموح مشروع”. وأضاف رئيس الجامعة التونسية أن مكتب الجامعة سيدعم أي كفاءة تونسية إذا ما أعلنت عن ترشحها لرئاسة الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف). وكانت وسائل إعلام محلية وأجنبية كشفت عن نية رجل الأعمال التونسي طارق بوشماوي عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الأفريقي لكرة القدم والاتحاد الدولي للعبة (فيفا) تقديم ترشحه لرئاسة الهيكل القاري خلال الفترة بين عامي 2021-2025 . وكشف الجريء في هذا السياق “جرت العادة عند الترشح لعضوية ‘الكاف’ أو عضوية ‘الفيفا’ أن يجتمع رؤساء الجامعات في بلدان شمال أفريقيا للتشاور.. بالتأكيد عندما يحين الوقت سننظر في المناصب والشخصيات المؤهلة للترشح وأين يمكن أن تكون حظوظ تونس أوفر..”. ورأى أن “الجامعة التونسية لكرة القدم لن تتردد في تقديم الدعم لأي شخصية أو كفاءة قادرة على مساعدة كرة القدم التونسية”. وبخصوص ما تردد عن طموحاته الشخصية في الترشح لأحد المناصب على المستويين القاري أو الدولي رفض الجريء الخوض في الموضوع واكتفى بالقول “لكل شيء أوانه”. يرسم الجريء طريقه نحو تولي مناصب عليا بدهاء وحنكة كبيرين منحتهما إياه تجربته صلب الاتحاد التونسي التي عمرت طويلا وأيضا لخبرة الرجل واطلاعه الواسع على كل كبيرة وصغيرة صلب الكاف، ما يمهد أمام معركة حامية العام المقبل. صراع عربي مفتوح تنتهي ولاية الرئيس الحالي للكاف العام المقبل وهو ما سيفتح المجال أمام تجدد الصراع من أجل قيادة الاتحاد القاري في أفريقيا. وتتجه النية إلى عدد كبير من الشخصيات المعروفة لإزاحة أحمد أحمد عن العرش الأفريقي. وإضافة إلى ممثلي تونس بدأ بعض مسؤولي كرة القدم العربية والأفريقية في التلميح إلى إمكانية دخولهم المعركة الانتخابية على مقعد رئيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم المقرر إقامتها العام المقبل. وتحوم التكهنات حول عدد من الوجوه الرياضية العربية ورؤساء الاتحادات القارية مثل المصري هاني أبوريدة والمغربي فوزي لقجع والسنغالي أوغايستيان سانغور، والإيفواري جاك أنوما. وكان هاني أبوريدة عضو المكتب التنفيذي للاتحادين الدولي والأفريقي أكد مؤخرا أن لديه رغبة في الترشح لرئاسة الاتحاد. وقال أبوريدة “بالتأكيد أرغب في الترشح لانتخابات الاتحاد الأفريقي على منصب الرئيس، ولكن القرار النهائي في هذا الشأن سيكون عقب الانتهاء من أزمة كورونا”. هذا الترشح له رهاناته بالنسبة إلى الجريء الذي تجاوز حلمه البعد المحلي ليعانق الإشراف على هيكل قاري حامت حوله الكثير من الأزمات وينتظره قطار التغيير وأضاف “لن أستطيع اتخاذ قرار الترشح لرئاسة الكاف في الفترة الحالية.. هناك اجتماعات ومناقشات يجب أن تتم أولا مع العديد من المسؤولين في مصر وقارة أفريقيا”. وأوضح أنه لن يخوض انتخابات الكاف إلا في حال اطمئنانه بأن فرصه قوية في الفوز بالمنصب. وأكد أيضا أنه قرر الترشح لرئاسة الاتحاد المصري لكرة القدم. وإضافة إلى أبوريدة يبرز المغربي فوزي الأقجع مرشحا بارزا في الانتخابات القادمة نظرا للرصيد الهام الذي راكمه الرجل طيلة فترات متراوحة، ما يعني أن التنافس سيكون عربيا بين ممثلي تونس والمغرب ومصر. وكان أحمد أحمد قد تولى رئاسة الاتحاد الأفريقي لكرة القدم في مارس من عام 2017 خلفا للكاميروني عيسى حياتو الذي ظلّ في منصبه لمدة 29 عاما. ولم يحسم وزير الرياضية الملغاشي الأسبق موقفه النهائي بشأن إمكانية ترشحه لولاية ثانية العام المقبل أم لا، فيما يؤكد محللون رياضيون أنه حتى وإن تقدم أحمد أحمد بترشيحه فلن يكون ضامنا لبقائه على رأس الاتحاد مرة أخرى بعد موجة الاتهامات بالفساد التي هزت الكاف وطالته هو شخصيا. وواجه الملغاشي العديد من الاتهامات في فترته النيابية حيث تم إيقافه خلال شهر يونيو الماضي في باريس من قبل الديوان الوطني الفرنسي لمكافحة الفساد والجرائم المالية والضريبية، وذلك على خلفية فسخ عقد من جانب واحد وهو الكونفيدرالية الأفريقية لكرة القدم مع شركة ألمانية لتصنيع المعدات الرياضية لصالح شركة أخرى منتصبة في فرنسا. وكشفت تقارير إعلامية عالمية عن تجاوزاته المالية خلال نهائيات كأس العالم في روسيا في 2018، حيث أفادت وسائل إعلام عالمية حصول رئيس الكاف، خلال فترة إقامة بطولة كأس العالم 2018 في روسيا على أموال إضافية. وأعلن الفيفا والكاف في 20 يونيو الماضي تسمية أمينته العامة السنغالية فاطمة سامورا “مفوضة عامة لأفريقيا” لستة أشهر قابلة للتجديد، في خضم سلسلة مشاكل شهدها الاتحاد القاري، وعشية انطلاق بطولة كأس الأمم الأفريقية بمصر. وبدأت سامورا مهامها في الأول من أغسطس وشمل نطاق مسؤولياتها “الإشراف على الإدارة العملانية للكاف بما يشمل الحوكمة والإجراءات الإدارية، لضمان فعالية واحترافية كل منافسات الكاف، ودعم النمو وتطوير كرة القدم في كل البلاد ومناطق الكاف”. يراهن الجريء كغيره من ممثلي بقية الدول العربية الذين يتطلعون إلى خوض غمار هذا الاستحقاق الانتخابي، على الفوز ودخول مرحلة جديدة من العمل تعاظم فيه الرهانات على تغيير واقع كرة القدم العربية والأفريقية وتشتد فيه حماسة جمهور واسع إلى تطوير واقع اللعبة والنهوض بها إلى مستوى أفضل من الذي تعيشه الآن.
مشاركة :