الملاحق الرمضانية للصحف المغربية تتحدى حصار كورونا

  • 5/18/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

اضطرت العديد من ملاحق الصحف المغربية المخصصة لشهر رمضان إلى مواكبة التغيرات التي فرضتها إجراءات العزل الصحي بسبب كورونا، بالنشر الرقمي أو تضمين المواد داخل الصحف نفسها، لكن هذه التغيرات لا تخلو من تحديات إضافية بالنسبة إلى تقليد اعتاده القارئ لسنوات طويلة. تخوض الصحف اليومية المغربية، تجارب جديدة في التعاطي مع القراء في شهر رمضان كل عام، لكن الوضع اختلف تماما هذه السنة، باحتجاب النسخ الورقية تماشيا مع التوجه المتعلق بالحد من انتشار كوفيد – 19، فتم الاستنجاد بالعالم الرقمي من أجل الاستمرار في التواصل مع قرائها. وتراهن الصحف المغربية على زيادة مبيعات النسخ الورقية طوال العام عبر كسب ود المزيد من القراء، لكن خلال شهر رمضان الحالي خصوصا، شكل الانتقال إلى النسخ الإلكترونية تحديا إضافيا بالنسبة إليها، لأن هذا العالم الافتراضي يعج بسيل من المنشورات التي تتنافس فيما بينها لتحقيق أكبر نسبة من الاطلاع على منتوجها واستهلاكه. وضمن هذا السياق تضطلع الملاحق أو المواد الرمضانية، التي تعد فضاء إضافيا للتفاعل مع القراء، بدور مهم في توسيع مجال القراءة، لأنها تشمل العديد من المواد التي تختلف تماما عن المعتاد، ما دامت تركز على التناول العميق لأحداث ووقائع وقضايا مشوقة. وبفضل الوقت الطويل المتوفر خلال الحجر الصحي، مدعوما بخصوصيات شهر رمضان، كانت الفرصة أكبر للقراء كي يطلعوا على منتوج إعلامي متنوع وأكثر تشويقا، في العالم الافتراضي الذي يضم فئات عريضة من المجتمع ووصل الاهتمام به إلى حد الهوس. ويرى بعض الصحافيين وخبراء الإعلام أن هناك قيمة مضافة لهذا الانتقال إلى النسخ الإلكترونية الذي فرضه الفايروس التاجي وقيمة المواد المنشورة خلال رمضان. واعتبر حسن العطافي رئيس تحرير صحيفة “الصحراء المغربية”، أن هذه الصحيفة شهدت عدة متغيرات ترتبط في المجمل بما يشهده العالم في الوقت الراهن، وخضوعه لأحكام فايروس كورونا المستجد كوفيد – 19. وأوضح العطافي، في تصريحات نقلتها وكالة المغرب العربي للأنباء، “كان الانتقال إلى إنجاز الصحيفة عن بعد منذ منتصف مارس الماضي، أي قبل فرض الطوارئ الصحية بخمسة أيام”، مضيفا “كنا في تلك الفترة نصدر ما يشبه عددا خاصا بكوفيد – 19، وتأثيره على مختلف الأنشطة ومجالات الحياة”. ولفت إلى أن العمل عن بعد لم يكن صعبا، نظرا إلى توفيره جميع الوسائل التي تتطلب ذلك، ويرى أن ذلك “مكننا من دخول التاريخ بكوننا ننتمي إلى أول جيل إعلامي مغربي ينجز صحيفة ورقية عن بعد”. وتابع، إن إيقاع أسلوب عملنا عن بعد لم يتغير في الواقع، بعد أن تقرر تعليق طبع الصحف الورقية، حيث تواصل العمل بالإيقاع وبالحماس نفسيهما مع “الحرص على عدم توجيه الصحيفة إلى القارئ إلا بعد أن نحيط بكل الأخبار وأيضا بعد تغطية كل الأحداث، لذلك كنا نقفل العدد متأخرين”. ومع اقتراب شهر رمضان، يضيف العطافي، عدنا إلى الحديث في لقاءات افتراضية عما سبق أن تناقشنا فيه خلال اجتماعات التحرير في شهر رمضان، والجديد بالنسبة إلى الصحيفة هو تخفيض منسوب حضور كوفيد – 19، والعودة بنسبة معينة إلى العادات القديمة، والمتمثلة في الإحاطة بكل جوانب الحياة، ومنها تقديم أطباق إعلامية خاصة بشهر رمضان المبارك رغما عن كوفيد – 19. وخلص إلى أن عرض هذه السنة جاء مختلفا، إذ لم يتم إصدار ملحق خاص برمضان “بل أحدثنا تغييرا على الصفحات وتكفل كل قسم بعرض ما أنجزه، وفق ما جرى التوافق عليه في الصفحات الخاصة به”. وأشار إلى أن سبب هذا التغيير هو تفادي الارتباك وما يتطلبه الأمر من تنسيق قد لا يخلو من تعثرات، قائلا إنه يحبذ عدم تغيير تبويب الصحيفة، خلال شهر رمضان، ثم العودة إلى التبويب العادي، قبل التغيير من جديد في فصل الصيف،” لأنني أفترض أن كثرة التغييرات فيها تشويش على القارئ”. وشكل شهر رمضان دوما بالنسبة إلى الصحف المغربية مناسبة للدفع بعجلة التواصل والتفاعل مع القراء، وتكريس تقليد سمح بمراكمة تجارب ساهمت في تحقيق إنجازات إعلامية مهمة، من قبيل نشر كتب في شكل حلقات، واستعادة حوادث شغلت بال الناس، إلى جانب إفراد مساحات كبيرة تشمل الفائدة والتسلية، وطبعا استقطاب قراء كثر. فالتعاطي مع تجارب النسخ الإلكترونية، إذا طال أمدها الزمني، قد يجعل التفكير في ممارسات إعلامية مغايرة أمرا لا مفر منه، ولعل فترة رمضان تشكل تمرينا لأخذ الدروس والعبر، ربما من أجل رسم ملامح المستقبل، سواء تعلق الأمر بالنسخ الورقية أو بالنسخ الإلكترونية. ويتحدث حكيم بلمداحي مدير تحرير “الأحداث المغربية”، عن تجربته مع الملاحق الرمضانية، قائلا “إن الصحيفة كعادتها كل سنة، أفردت ملحقا رمضانيا متنوعا تميز بالغنى المعرفي والارتباط بالمرحلة التي تعيشها بلادنا مع جائحة كورونا”. وأضاف بلمداحي، تماشيا مع متطلبات هذه المرحلة، يتضمن الملحق ركنا أطلق عليه “إبداعات من وحي زمن كورونا”، مع الإشارة إلى أن هذه النافذة تنفتح على كوكبة من الإبداعات الشعرية والقصصية المستوحاة من زمن وباء كورونا. وهي نصوص أدبية واكبت الجائحة واستلهمت الجو العام الذي فرضته على الناس. وتابع أن هذه النافذة تبين أيضا قدرة الأدب الخلاقة على تحويل النوائب والجوائح والفواجع والملمات الكبرى إلى مادة إبداعية تغني الخيال الإنساني، وتخفف من غلواء الأحداث المأساوية، وتبث حس المقاومة وتشيع روح الأمل. وهناك ركن آخر يحمل عنوان “من تاريخ جوائح المغرب المنسية”، وهي زاوية تسلط الضوء على عدد من الأوبئة في مختلف العصور، لافتا إلى أن “الأحداث المغربية” تفتح من خلال هذه الزاوية صفحات منسية من الجوائح والأوبئة. وأكد أن هذه المواد أظهرت أن الجوائح وسنوات المجاعات والقحط خلفت خرابا بالغا ونزيفا بشريا ترك ندوبا عميقة في الذاكرة المغربية، “يعكسها الخوف والتوجس وقسوة الموت الذي أعقب سنوات الطاعون والكوليرا والجذام والجذري والتيفويد والقحط والجراد..”. لكن للأسف، تبقى أزمنة الأوبئة والمجاعات، تاريخا منسيا، ومجرد قضايا مغمورة أو هامشية في تاريخ المغرب، والأبحاث والدراسات حولها جد نادرة، كما أن المصادر التاريخية تعاني شحا كبيرا وثغرات وتشتتا، ليس من السهل جمعها وتنسيقها، حيث تقتصر على إشارات ونتف متفرقة، وفق بلمداحي. ويضاف إلى ذلك ركن “ديانات خارج المألوف”، الذي يرصد مختلف الديانات في جميع أنحاء العالم، والتي يشكل المؤمنون بالديانات التوحيدية الثلاث أغلبية أتباعها.

مشاركة :