تعددت المظاهر المعبرة عن الحضارة المصرية في أوج مجدها، وكان على رأس هذه المظاهر الآلهة المصرية القديمة التى عبرت عن وجودها الاجتماعي والطبيعى، والتى كانت من ضمن جوانب هذه الحياة بكل ما بها من زخم وتناغم وازدهار.وقد تخطى عدد المعبودات في الحضارة المصرية القديمة الألف معبود التى كانت تمثل جوانب الحياة المختلفة، كالنمو، والشمس، والخصوبة، والفنون، والحياة والموت، وغيرها، إضافة إلى أن العديد من النصوص المصرية القديمة ذكرت أسماء بعض الآلهة دون الإشارة إلى طابعها أو دورها.«البوابة نيوز» تصطحبكم خلال أيام الشهر الفضيل في جولة لتاريخ مصر القديم، فحينما كانت أغلب دول العالم تنام في العراء، وتقتات من الترحال في دروب الصحارى، وتلتحف السماء غطاء لها، كانت مصر قوة ضاربة على كل المستويات، فمصر أول بلدان الأرض التى عرفت الإله ووحدته وعبدته، بل وجعلت لكل قوة كامنة في الطبيعة أو في الحياة المصرية «رمز» يعبّر عنها، أُطلق عليه لقب «إله». لم يكن هذا الإله يعبد لدى المصريين، ولكنهم كانوا يجلونه ويقدسونه، لاعتقادهم أن روحه تحوى القوة الخارقة المسيطرة على هذا الجانب من جوانب الحياة، وفى حلقة اليوم سنتحدث عن الإله «سخمت».سخمت شخصية ميثولوجية مصرية قديمة، تمثل كسيدة برأس لبؤة جالسة على العرش، هى أحد أعضاء ثالوث منف «بتاح - سخمت – نفرتم». من ألقابها السيدة العظيمة محبوبة بتاح، عين رع، سيدة الحرب، سيدة الأرضيين «مصر العليا والسفلى». سيدة الأرض الليبية، الجبارة وألقاب أخرى كثيرة، والتى يعنى اسمها الأكثر قوة، وقد عُبدت على مداخل الأودية، خاصة في مصر العليا حيث توقفت في أثناء عودتها من النوبة بعد تخاصمها مع والدها رع، واعتبرت سخمت واحدة من الأشكال المختلفة لعين رب الشمس، وبالتالى كانت تجمع بين صفتها كمدمرة وكمنعمة في نفس الوقت؛ فكانت تنشر الأمراض وتشفى منها وكانت تحمى الملك وتهاجم أعداءه.هى أهم المعبودات المصرية في هيئة اللبؤة «أنثى الأسد». وهى ربة الطبيعة المتناقضة للبؤة، حيث جمعت بين الطبيعة الشريرة المنتقمة والمدمرة، وبين طبيعتها الخيرة كربة للحماية والشفاء، وهى زوجة المعبود «بتاح» في ثالوث «منف» «بتاح؛ سخمت؛ نفرتم». وهى ربة البطش في مصر القديمة، وابنة المعبود «رع». وعينه التى تهاجم القوى المعادية؛ فهى إحدى أهم الربات التى تُجسد عين رب الشمس «رع». فوفقًا للأساطير الدينية، أرسل المعبود «رع» عينه «سخمت». أو «حتحور». لمعاقبة الثائرين ضده أو المتمردين عليه من البشر، وذلك بعد أن بلغ به السن عِتيًا؛ فقرر بعد مشاورة أرباب التاسوع أن يهلك البشر بإرسال عينه للقيام بهذه المهمة الفتاكة، وذلك قبل أن يقرر في النهاية أن يعفو عنهم، ويلتمس الوسيلة لرد «سخمت» عن إبادتهم بعد أن عقدت العزم على ذلك.ارتبطت بالربة «حتحور» بقوة من خلال هذا الدور، وارتبطت كذلك بالربة «موت». ربة «طيبة». وبالربة «باستت». ربة «بوباسطة». وبالربات الأخريات اللائى اتخذن هيئة اللبؤة، وقد كانت المعبودة «سخمت» ربة حامية للملوك في حروبهم، وحملت بعض الألقاب الحربية، وربما يرجع ارتباطها بذلك الدور استنادًا إلى قيامها بنفخ النار في وجوه أعدائها، وفى ضوء ذلك أيضًا أُطلق على رياح الصحراء الساخنة اسم أنفاس «سخمت». كما ارتبطت «سخمت» بالوباء، حتى أن الوباء عُرف باسم رسول «سخمت». وقد لعبت دورًا كحامية للملك، وكأم له، كما ارتبطت بالشفاء، فلقبت لذلك باسم «سخمت، سيدة الحياة، وسخمت العظيمة، وسيدة الأرضين». وترتدى «سخمت» رداء حابكًا ملونًا باللون الأحمر غالبًا، وذلك يعكس طبيعتها، حيث نعتت بـ«سيدة الخطوط الحمراء». والذى قد يرمز لطبيعتها كربة لمصر السفلى، أو ربما كربة محاربة، ورغم كون «منف» هى مركز عبادتها الرئيسي، حيث عبدت كعضو في الثالوث المنفى مع «بتاح» و«نفرتم». إلا أن هذه الربة حظيت بالعديد من المعابد في مناطق عديدة أخرى، فقد شُيدت مقصورة لها في «أبوصير». كما ظهرت في نقوش العديد من المعابد حتى العصرين اليونانى والروماني، ويوجد معبد لعبادتها في صورتها «سخمت – حتحور» في «كوم الحصن» غرب الدلتا، وتشير العديد من الفقرات والتعاويذ إلى أنها حظيت بدور مهم وواسع في العلاج بالسحر، وذلك كربة شافية يعنى اسمها «القوية».
مشاركة :