في القصة فتشت عن غد أفضل وأرحب، بعد أن قضيت عمراً أكتب، بلا توقف، في السياسة والفكر والثقافة، وفي الحوار. هذا ما أوضحه الدكتور يوسف الحسن في حديثه عن مجموعته اعتذار إلى البحر التي صدرت أخيراً طبعتها الثانية، عن اتحاد كتاب وأدباء الإمارات بالتعاون مع وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع. وقال د. الحسن في حواره مع البيان: أعترف بأنني لم أغادر السياسة، ظلت تلمع كالماء الموارب بين السطور، حاولت أن أمسك ومضات جديدة، أطارد في ضوئها الماضي لأمسكه. كما أوضح أنه يرى ثقافة النقد والنقاش أساس ارتقاء الفنون والآداب كافة. جناح فراشة بعد أكثر من 30 إصداراً في القضايا الفكرية والسياسية، قرر د. يوسف الحسن إصدار اعتذار إلى البحر، وفسر اتجاهه إلى هذا الصنف الأدبي قائلاً: بين اتباع الديانات والحضارات، أشارك وأتفاعل، بلا ملل، مؤمناً بنظرية أثر الفراشة التي تحدث عنها الشاعر الراحل محمود درويش. وتابع: ذات يوم، جناح فراشة ربما يحرك ورقة شجرة في تونس، وورقة الشجرة يمكن أن تحرك أوراقاً في غابة في المغرب أو مصر.. فكرة بعد فكرة، ربما تشكل مشروعاً فكرياً.. إلخ. وأضاف: خلال ذلك كله، كان في داخلي شيء يريد أن يخرج، فقلت لنفسي، وأنا أحدق في البحر، من نافذة فندق مطل عليه في الجميرا بدبي: ماذا لو استرحت قليلاً، من الوعظ السياسي والتحليل والمؤتمرات والمقالات، فالواقع الراهن صار أكثر إثارة، والمشهد الاجتماعي والسياسي يفجر الخيال، فلم لا أشتبك معه. وقال الحسن: أدركت أنني لا أمتلك أدوات وملكة الرواية، ولا النفس الطويل المسترخي لكتابة رواية التحولات الهائلة والسريعة في مجتمع الإمارات، أو عوالم حياتنا الجديدة، فكانت أمامي القصة القصيرة، وأحياناً القصة القصيرة جداً، تنمو بسرعة وتتشكل. واستطرد: هكذا كتبت هذه القصص القصيرة، وأعرف شخصياتها المتخيلة.. والأمكنة والذاكرة. وأشار إلى محتوى قصصه بأنها تمتلك الرموز والتحدي الجمالي والأدبي واللغوي. وتابع: القصة القصيرة فن أدبي صعب، وتتطلب حساسية عالية، وبشكل مكثف وصادم أحياناً. عوالم التحولات عن العنوان الذي تسيد غلاف مجموعته الأولى، قال د. الحسن: البحر الذي أعتذر له، هو بحرنا هنا، وهناك، نراه في رواحنا وغدونا، وهو هذه العوالم والتحولات الاجتماعية السريعة، هو البحر الذي يطلب إعارته شطآناً جديدة لمائه. وواصل: هو البحر الغاضب من أثر رحيلنا عنه. وبعد أن أضعنا الحب والرحمة، في بحور حمى الاستهلاك، نسينا السماء والصفاء. استحضرت رمزاً لامرأة جديدة حائرة، وشقاء شغيلة آسيويين بيننا، وشيئاً من نتاج تواصل التاريخ مع سواحل إفريقيا، وآخر ملوك غرناطة وهو يسلم مفاتيحها، وهموماً صغيرة في زوايا النفس، وومضات من التاريخ تهدي إلى ملاجئ خضراء لأرواحنا ووجداننا. وعن إصدار المجموعة في طبعة ثانية، قال يوسف الحسن: حين تنفد أعداد الطبعة الأولى يفرح المؤلف والناشر، لكن ما يكدر هذا الفرح هو غياب الحالة النقدية والحوارية والنقاش العام حول وفي نتاجنا الفكري والأدبي. وأردف: بدون ثقافة النقد والنقاش، لا ترتقي ثقافة ولا أدب ولا فنون، فضلاً عن معاناتنا من جراء غياب حركة نشر وتوزيع وتسويق وطنية نشيطة تتجاوز الحدود الجغرافية. إلى البحر تضم المجموعة 23 قصة قصيرة، أو قصيرة جداً، موزعة على 130 صفحة، ومن عناوين القصص: مؤامرة، بحيرة البجع، اعتذار، مطر، المجلس المغلق، ورد جوري، البحر، فراشة، وغيرها من عناوين جاءت مدخلاً لما يدور في عوالم الحسن القصصية.
مشاركة :