استنكر أصحاب الفضيلة العلماء، ضيوف صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، التفجير الإرهابي الذي حصد أرواح الأبرياء، أول أمس، في مسجد الإمام الصادق بمنطقة الصوابر في الكويت، خلال تأدية المصلين صلاة الجمعة، مؤكدين أن هذا العمل الإجرامي من صنع أعداء الأمة لنشر الفتنة في المنطقة وزعزعة استقرارها والتلاعب بأمنها، مؤكدين ضرورة التصدي لهذه الهجمات التي تنتهك حرمة المساجد وحرمة دماء الأبرياء باسم الإسلام البريء منهم إلى يوم الدين. ودان فضيلة الشيخ الدكتور ناجي بن راشد العربي حادث التفجير الذي وقع على المصلين في مسجد الإمام الصادق بمنطقة الصوابر في الكويت، مؤكداً أن هذه العملية الإجرامية التي تأتي في هذا الوقت تهدف إلى نشر الفتنة في المنطقة وتأليب أبناء البلد الواحد على بعضهم بعضاً. وأضاف: إن أيادي خفية تعمل على شق الصف، وإفشاء روح العداء بين أبناء الوطن الواحد عبر هذه التصرفات التي لا صلة لها بالإسلام، وعبر مخطط يستهدف دول الخليج، محذراً من امتداد هذه العمليات الإجرامية إلى بقية دول الخليج بعد استهداف المملكة العربية السعودية والكويت. وذكّر فضيلته الجميع بحرمة الدم المسلم في هذا الشهر الفضيل وحرمة المساجد، رافضاً الاعتداء على المصلين تحت أي مبرر وغطاء ديني، قائلاً: إن هذه النبتة المتطرفة فكرياً يجب أن يتصدى لها ويقطع دابرها، وإن هذه الأعمال الإجرامية يقف وراءها أعداء الأمة الذين ينفذون مخططاتهم بأيدي بعض عملائهم الذين ينتمون زوراً وبهتاناً إلى الأمة والإسلام، والإسلام والأمة منهم براء. وشدد العربي على حرمة النفس في الإسلام مهما وصلت درجة الاختلاف، داعياً العقلاء من كل الأطراف للوقوف مع الدولة في التصدي لهذه الأعمال الإجرامية لقطع الطريق على المتربصين، وقال: نذكر أهل العلم بواجبهم في محاربة التطرف الذي يلبسه أعداء الدين لباس الدين، وندعو الجميع لإدراك حجم المؤامرة الخبيثة والإجرام الذي تنتهك فيه قيمة الحياة البشرية من أجل أطماع وأغراض وأهواء، ونتوجه بخالص العزاء و المواساة لأهالي الضحايا. بدوره، قال فضيلة الدكتور إبراهيم الهدهد، نائب رئيس جامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية: إن الإسلام بريء من التفجير والتدمير، وإن ما تعانيه الأمة اليوم من ضيم أعدائها، إنما هو بسبب تصرفات خاطئة باسم الدين تصدر عن بعض بني جلدتنا، وممارسات بنيت على فهم نصوص دينية على غير فقه، وقد ظهر منذ أواخر القرن الماضي مصطلح العمليات الاستشهادية، والتفجيرية، وفكرة تخطيطه وتنفيذه منقولة عن غير المسلمين من الحركات الشيوعية وغيرها، ومن مناهضات استعمار أوطانهم، لكن مع أنهم غير مسلمين إلا أنهم حتى هذه اللحظة يسمونها عمليات انتحارية، ولما استنسختها الحركات الإسلامية، سميت إعلامياً عمليات استشهادية وتفجيرية، ثم سرت تلك العمليات إلى بعض البلدان العربية والإسلامية، مع السياح الأجانب، أو مع الوافدين للعمل من غير المسلمين، بل وضد غير المسلمين من المواطنين في دولهم، بل استباحوا تفجير دور العبادة من المساجد وغيرها، وذلك كله من إيمان من يقومون بهذه العمليات بكفر من يفجرونهم من المسلمين ومن غير المسلمين، فيكون الفهم المغلوط للوحى العظيم، سبيلاً للتكفير، ومن ثم يكون طريقاً للتفجير. وأضاف فضيلته: الملحوظ أن التفجيرات التى تمت وأزهقت الأرواح في الكويت، وتونس، وفرنسا، كلها وقعت في رمضان، لأن عرابي هذه الجماعات أوقعوا في نفوس المفجرين أن ما يصنعونه غزوة، وأن غزوات النبي صلى الله عليه وسلم كانت في رمضان، وهو فساد في الفكر وضلال في الرأي، وقد شجع على ذلك وحرّض عليه منظرو الجماعات الإسلامية، فأسندوا التسمية الإعلامية بالأدلة الشرعية، بل إنهم رفعوا درجتها إلى أعلى الدرجات، وصدرت عنهم دراسات سموها فقهية لتعزيز ما ذهبوا إليه، مما جعل الشباب وذويهم يتخذونها سبيلهم إلى الجنة، ويزف الشاب أهله ليلتها كأنهم يزفونه إلى عروسه، بحسبانها أعلى درجات الجهاد. وأشار فضيلته إلى أن تفجير المساجد يؤدي إلى خرابها، ومنع ذكر الله فيها، وترويع من كان في حمى بيت الله ولا عمل أسوأ من ذلك، ولا أظلم منه لقوله تعالى: ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم، لذا استحق القائمون بتفجير المساجد، وقتل الأنفس، هم ومحرضوهم خزي الدنيا والعذاب العظيم في الآخرة، إذ إن الإسلام هو دين الإعمار، والرحمة، وليس دين التخريب والغلظة. من جانبه، قال الدكتور هشام تهتاه، أستاذ الفقه ومقاصد الشريعة بجامعة سيدي محمد بن عبد الله في فاس بالمملكة المغربية: ليس للمسلم العاقل اللبيب، بَلْهَ العالم بأحكام الشرع المجيد، إلا أن يندّد بالأعمال الهابطة الجبانة التي تقتل وتروّع عباد الله، في بيوت الله، وفي خير شهور الله، وهذه الأعمال الإرهابية المشينة، تجمع في طيّاتها كل معاني الجهل والجهالة، والسفالة والضآلة، والعصبية العمياء، والعقلية الظلماء، وتنم على فكر متحجّر رديء، مطبّق بالجهل، معبّق بالدّم، عاشق للقتل، فالذي يقدم بهذه الأعمال البغيضة ديناً، الممقوتة عقلاً، الممسوخة فطرةً، جاهل بمقاصد الإسلام، معتد على حرمة الإنسان، متمرّد عن أخلاقيات الأوطان، خارج عن طاعة الإمام، وليس له وراء هذه الأفعال الشريرة إلا زعزعة أمن الأمة، وخلخلة صفّها، وتفريق كلمتها، والأقبح من ذلك هو تشويهها لصورة الإسلام في عيون العالم، والإسلام من ذلك أطهر، ومن هؤلاء أكبر، لأن مبناه على العلم والحلم، ونهجه التسامح والتعايش، وصفته الجمال والجلال، ومقصده تكريم الإنسان.
مشاركة :