مقالة خاصة: تفشي مرض فيروس كورونا الجديد يعمق صعوبات العراقيين الاقتصادية والمعيشية

  • 5/19/2020
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

بغداد 18 مايو 2020 (شينخوا) بصبر وإصرار يتنقل الشاب محمد فاهم بين المحلات التجارية في شارع الربيع غربي العاصمة العراقية بغداد، بحثا عن فرصة عمل بعد أن أفقده انتشار مرض فيروس كورونا الجديد وما تبعه من إجراءات حكومية للوقاية منه، عمله في إحدى شركات السياحة والسفر. وقال فاهم (23 عاما) لوكالة أنباء (شينخوا) "منذ نحو شهرين وأنا أجلس في البيت بلا عمل، بعد أن أغلقت الشركة التي كنت أعمل فيها أبوابها نتيجة قرارات إيقاف السفر وغلق الحدود التي اتخذتها الحكومة للحد من انتشار مرض فيروس كورونا الجديد". وأضاف "عملي في شركة السياحة والسفر كان يؤمن لي راتبا شهريا مقداره 600 الف دينار (500 دولار) أساعد من خلاله والدي المتقاعد في تدبير احتياجات عائلتنا اليومية، لكن هذا المورد انقطع بعد أن أغلقت الشركة أبوابها وأصبحت مثل المئات من زملائي بلا عمل". وتابع فاهم، بدأت منذ أسبوع رحلة البحث عن عمل جديد ولكن لم أفلح حتى الأن، " وأنا أواصل رحلتي آملا في الحصول على فرصة للعمل في أحد المحال أو المجمعات التجارية"، معربا عن أمله بأن تنتهي جائحة كورونا بأسرع وقت لأنها سببت الآلام للكثير من العوائل. ولا يختلف الحال كثيرا بالنسبة إلى أحمد إبراهيم (45 عاما) سائق حافلة صغيرة لنقل الركاب، الذي قال لـ (شينخوا) "لدي عائلة تتألف من سبعة بنات وزوجتي وأنا المعيل الوحيد لهم وأسكن في بيت إيجار ولدي اشتراك مولد كهرباء فضلا عن مصاريف صيانة السيارة والوقود، بصراحة إيراد السيارة لايكفي لكل تلك المصروفات". وأضاف أن "إجراءات الحظر التي رافقت انتشار مرض فيروس كورونا الجديد خلقت لنا المزيد من الصعوبات المادية وأنا حاليا مدين بشهرين إيجار لصاحب المنزل الذي أسكن فيه مع العلم أن صاحب مولد الكهرباء أعفاني من دفع أجرة المولد لهذا الشهر ولكنه أبلغني بأني يجب أن أدفع المبلغ الشهر المقبل". يذكر أن العراق يعاني من نقص كبير في الكهرباء، ما يدفع العراقيين إلى اللجوء الى مولدات الكهرباء الأهلية للحصول على التيار الكهربائي مقابل أجور أعلى بكثير عن الكهرباء التي تقدمها الحكومة. وأكد أحمد إبراهيم، أنه وسائقي الحافلات الآخرين يعانون كثيرا من إجراءات الحظر وما رافقها من تحديد عدد الركاب في كل حافلة، لكن ليس أمامهم من خيار آخر سوى الاستمرار في العمل لتلبية جزء بسيط من احتياجاتهم اليومية. وأشار إلى أن، السلطات الحكومية حددت مؤخرا عدد الركاب للحافلات الصغيرة (المخصص لـ 11 راكبا) بـ 6 ركاب فقط، مبينأ أن هذا الإجراء خلق لهم صعوبات كبيرة خصوصا وإنهم لأكثر من شهر ونصف بدون عمل بسبب إجراءات الحظر الشامل، موضحا انه يكسب يوميا نحو 25 الف دينار (20 دولارا) وهي لا تكفي لسد حاجة عائلته الكبيرة. أما محمد عبد الله صاحب محل للحلاقة في شارع حيفا وسط بغداد فقال، تأثرنا كثيرا بإجراءات حظر التجول، حيث أن أغلب الزبائن يذهبون إلى محال الحلاقة بعد الساعة الرابعة مساء، وأصبح وقت العمل بالنسبة لنا قليل جدا وتحديدا من الساعة 12 ظهرا إلى الرابعة عصرا. وأضاف "في الشهر الأول من فرض حظر التجول الشامل، أغلقنا المحلات بشكل كامل وتعاطف معنا المؤجر وأخذ منا نصف مبلغ الإيجار ولكن بعد رفع حظر التجول بشكل جزئي بدأ يطالبنا بدفع مبلغ الإيجار كاملا على الرغم من محدودية ساعات العمل والتي لا تتجاوز أربع ساعات يوميا وهذا الأمر يثقل كاهلنا كثيرا، حيث أن لدينا عوائل تحتاج لمصاريف يومية وكذلك علينا دفع فواتير مولد الكهرباء للمنزل والمحل". ومضى يقول والحيرة والألم بادية عليه "بصراحة مردود العمل لم يعد يكفي لسد احتياجاتنا اليومية وهناك صعوبة في تأمين لقمة العيش لعوائلنا، فعلى سبيل المثال بالأمس، ذهبت للتسوق من أحد المجمعات التجارية وعندما طلبت الفاتورة كان المبلغ 37 الف دينار (نحو 30 دولارا) والمبلغ الذي عملت به طيلة ذلك اليوم هو 30 ألف دينار، ما اضطرني لإرجاع بعض المواد التي كنت في حاجة إليها". وتابع عبد الله، خلال الفترة السابقة كان يعمل معي في المحل اثنان من الحلاقين وبسبب إجراءات حظر التجول ولكونهما يسكنان في منطقة بعيدة عن موقع المحل اضطرا لترك العمل وهما يجلسان الأن في البيت بدون عمل. وأضاف لقد أثر قرار حظر التجول بشكل كبير على عملنا، فمن المعروف هنا أن عمل الحلاقين يزدهر في ساعات المساء فإذا كان الحظر يبدأ في الساعة الخامسة مساء فهذا يعني أني يجب أن أغادر المحل بعد الرابعة بقليل، وأمام هذا الواقع الصعب أصبحت مضطرا لكسر تعليمات وإجراءات حظر التجول، حيث يتصل الزبائن عن طريق الهاتف وأذهب إلى منازلهم لأقوم بالحلاقة لهم، وعلى الرغم من أن العمل بهذه الطريقة غير مناسب اقتصاديا وفيه محاذير صحية وأمنية لأني قد أتعرض للاعتقال ودفع الغرامة، إلا أنني مضطر للعمل لسد احتياجات عائلتي. يشار إلى أن قطاع الفنادق تضرر كثيرا بسبب إجراءات حظر التجول ومنع التنقل بين المحافظات، حيث لم يعد بإمكان الناس السكن فيها، ما دفع إدارات الفنادق إلى تسريح الغالبية العظمى من العاملين، كذلك عانت المطاعم من نفس المشكلة والتي شهدت هي الأخرى تسريح الآلاف من العاملين، بعد أن أغلقت جميع المطاعم في كل المدن والبلدات العراقية، والأمر نفسه ينطبق على أصحاب المولات والمقاهي وصالات الألعاب. وكانت الحكومة العراقية قد اتخذت سلسلة إجراءات وقائية للحد من تفشي مرض فيروس كورونا الجديد في البلاد ومنها فرض حظر التجول الشامل الذي تم تخفيفه مع بداية شهر رمضان بشكل جزئي، فضلا عن إغلاق الحدود مع دول الجوار ومنع السفر وتعطيل المدارس والجامعات والدوائر الحكومية ومنع التجمعات بكافة أشكالها وفرض غرامات وإجراءات عقابية على المخالفين إلى ذلك أكد الدكتور فاروق سعد، أستاذ الاقتصاد بالجامعة العراقية ببغداد، أن تفشي مرض فيروس كورنا الجديد وارتفاع حالات الإصابة بشكل يومي وما فرضته السلطات من إجراءات وقائية لمحاصرة المرض أدى إلى خلق صعوبات اقتصادية كبيرة لآلاف العراقيين من أصحاب الدخل المحدود وعمال الأجر اليومي والفقراء، خصوصا وأن العراق يعيش أصلا على وقع أزمات اقتصادية وأمنية وبطالة وفساد شبه مزمنة. وأضاف أن العراق يعتمد أساسا على بيع النفط لتمويل الموازنة العامة للدولة وبنسبة تصل إلى أكثر من 90 بالمائة، وبالتالي فإن أزمة جائحة كورونا أدت إلى انهيار أسعاره عالميا، ما تسبب بتراجع واردات العراق المالية، وهذا الانخفاض في الواردات أثر على القطاعين العام والخاص وأدى إلى فقدان آلاف العراقيين لأعمالهم. وأشار سعد إلى أن إعلان وزير العمل والشؤون الاجتماعية مؤخرا عن تقديم 11 مليون شخص طلبات للحصول على منحة الطوارئ للمتضررين من حظر التجول الصحي، يوضح بشكل صريح عمق الأزمة التي خلفتها الإجراءات الحكومية الخاصة بمرض كورونا على المجتمع العراقي وخصوصا في النواحي الاقتصادية والمعيشية، لافتا إلى أن هذه الأرقام يمكن أن تزداد خلال الأيام المقبلة إذا ما استمر فرض حظر التجول الجزئي أو أعيد فرض الحظر الشامل من جديد.

مشاركة :