مارلين سلوم منذ سنوات وهي حاضرة معنا في رمضان، وبات وجودها «عادياً»، مكرراً، كأنه واجب نؤديه تجاهها باستقبالها في بيوتنا، وتؤديه بدورها تجاه المهنة، والجمهور، إلا هذه المرة، فحضورها مختلف، وأداؤها أكثر من مميز، وإحساسها وصل إلى القمة فلامس قلوبنا، وبتنا ننتظرها كل مساء بشوق، ونترقب «عهد» يسرا، وانتقام الأم لوحيدها.كل ما قدمته يسرا في الدراما التلفزيونية الرمضانية خلال السنوات الأخيرة، لم يكن بمستوى طاقاتها، وقدراتها، واسمها؛ لذلك كنّا نشعر بأنها تؤدي الشخصية بشكل روتيني، تقليدي، والسبب ليس لتراجع في المهارات، بل لأن ما كان يُكتب ليسرا يبدأ قوياً، ثم يبهت، ويدخل في دائرة المط، أو يشعرك بأنه أقل من أن يستفز هذه النجمة ليخرج منها كل ما يبهرك. وكنا نشتاق إلى يسرا القادرة على الذهاب بعيداً جداً في الأداء، يسرا التي نراها الآن في «خيانة عهد»، والتي تطل في كل حلقة بمفاجآت في الأحداث، وفي الأداء.«خيانة عهد» تدرّج صعوداً في أحداثه، ورفع من حماس الجمهور بجرعات من التشويق والمخططات السرية التي بدأت بملعب أخويّ عهد: فرح (حلا شيحة)، ومروان (خالد سرحان)، ثم انتقلت إلى ملعب الانتقام، حيث تدير عهد الخطط بذكاء، ودهاء. ونجح الكاتبان أحمد عادل، وأمين جمال، في حبْك الدراما بقصة فيها المنطق، والتشويق، والسلاسة، والعبرة. والنجاح ينسب أيضاً للمخرج سامح عبدالعزيز، الذي اختار تقديم إطار مختلف لكسب تعاطف الجمهور، خصوصاً مشهد تعرّف الأم إلى جثة ابنها. مشهد غير مألوف، لا إغماء، ولا عويل، ولا بكاء، ولا نحيب، صدمة هزت الأم فانتابها اضطراب، ورعشة، ورغبة في نفي الخبر، وتكذيبه. وأداء يسرا يُدرَّس، كل ما فيها يتفاعل مع الصدمة، تلفّ، وتدور، تنظر إلى ابنها، وتؤكد أنه ليس هو، تذهب وتعود، والخوف يطغى على البكاء.حلقة وفاة هشام ابن عهد، منحت العمل دفعة قوية، ونقلتنا من مرحلة النصف الأول للمسلسل، حيث التآمر من قبل الأخوين على أختهما، إلى مرحلة النصف الثاني، مرحلة الحب والانتقام، التي تجسدها يسرا بشكل رائع، تكشف فيها عن وجهي الطيبة، والشراسة، ونظرة الكره والشماتة بعينين تخرج منهما نار الغضب. تركت الحزن سريعاً لتتفرغ للانتقام، كأنها تثأر لابنها بذكاء. مرحلة الانتقام هي التي تشفي غليل المشاهدين، وليس فقط المظلوم في المسلسلات، وتجعلهم يترقبون الأحداث بشوق وتفاعل. marlynsalloum@gmail.com
مشاركة :