سفينة منظمة التجارة العالمية قد تسربت إليها المياه فعلا، ولم يعد أمام الأعضاء سوى أن يجدوا بسرعة خلفا لروبرتو أزيفيدو المستقيل بحلول 1 أيلول (سبتمبر). وتطالب إفريقيا بدورها في قيادة المنظمة، فيما يلوح في الأفق عديد من المرشحين، بما في ذلك مصري ثنائي الجنسية ووزير بريطاني سابق. المعركة الدبلوماسية هذه أعلنت عن نفسها بأنها ستكون شرسة، فقد أثارت الاستقالة المفاجئة والمتسرعة لروبرتو أزيفيدو من منصبه مديرا للمنظمة حيرة اختيار خليفته، خلال هذا الوقت القصير المتبقي بين 14 آذار (مارس) و31 آب (أغسطس). وقال لـ"الاقتصادية" دبلوماسي - طلب عدم الكشف عن هويته - "إن أفضل سيناريو هو أن يتم اختيار مدير عام جديد، وأن يتولى خلفه منصبه في الأول من أيلول (سبتمبر)، ويمكنه أن يعمل على الفور على التحضير للاجتماع الوزاري المقبل للمنظمة، الذي من المرجح أن يعقد في حزيران (يونيو) 2021، والأهم من ذلك، ينبغي للمدير الجديد أن يعيد المنظمة بسرعة إلى مسارها الصحيح، لأنها تبدو كأنها سفينة بدون قبطان تغرق". ولا يترك المدير المستقيل، الذي يغادر قبل عام من نهاية فترة ولايته، منظمة التجارة في صحة جيدة. فبعد 19 عاما من إطلاقها، دُفنت جولة مفاوضات الدوحة، التي كان طموحها كسر الحواجز أمام التجارة، بما في ذلك المنتجات والخدمات الزراعية، وتوقفت مسائل أخرى، مثل التجارة الإلكترونية وإعانات مصائد الأسماك. الرهانات مفتوحة لكن منظمة التجارة مشلولة في أدائها اليومي، ولم تعد هيئتها لتسوية المنازعات التجارية بين الدول تعمل، ولم يعد لديها عدد كاف من القضاة، حيث جمدت الولايات المتحدة تعيين قضاة جدد، وما يتعلق بموضوع الإصلاحات المؤسسية التي تريد الولايات المتحدة قيادتها، فإنها تعرقل أيضا، وتقلصت منظمة التجارة إلى دور المتفرج السلبي في الحرب التجارية واسعة النطاق بين الولايات المتحدة والصين، حيث تتهم واشنطن بكين بعدم الوفاء بالتزاماتها. وما زاد الأمور تعقيدا أن بيتر ديفازيو وفرانك بالون العضوين في مجلس الشيوخ الأمريكي، قدما الأسبوع الماضي قرارا من الحزبين الجمهوري والديمقراطي يدعو الولايات المتحدة إلى الانسحاب من منظمة التجارة، ودعوا إلى التصويت قبل كانون الأول (ديسمبر) هذا العام. هذه هي الخلفية المعقدة التي ستقوم عليها عملية انتخاب المدير العام الجديد للمنظمة التي تتحكم في نحو 98 في المائة من التجارة العالمية، الأمر متروك برمته لديفيد ووكر سفير نيوزيلندا ورئيس المجلس العام لمنظمة التجارة، للتشاور مع الدول الأعضاء وبدء السباق على الخلافة. من حيث المبدأ، سيتم ذلك بحلول نهاية الأسبوع الحالي. مهندس أم بائع وكان ثلاثة مرشحين دخلوا السباق رسميا في بداية العام أملا في الفوز بمنصب رئاسة المنظمة في 1 أيلول (سبتمبر) 2021، لكنهم، هم ذاتهم يتنافسون الآن على المنصب الذي سيشغر قبل عام من موعده المقرر. أقوى المرشحين: حميد ممدوح، المصري وحامل الجنسية السويسرية، حصل الدبلوماسي المصري السابق على موافقة مبدئية من حكومته في دعم ترشيحه لمنصب المدير العام للمنظمة، كما يتمتع بدعم لم يتم الإعلان عنه رسميا حتى الآن من قِبل الدبلوماسية السويسرية، التي تم الاتصال بها. هناك أيضا يونوف فريدريك أغاه، النيجيري الذي يشغل حاليا منصب أحد نواب مديري منظمة التجارة الأربعة، وإيلوي لاورو، البنيني، سفير الأمم المتحدة لدى جنيف، وحصل الثلاثة على لقب فارس من الاتحاد الإفريقي. والواقع أن الدول الإفريقية تقول، إن دورها قد حان لتولي هذا المنصب. للراديو السويسري "تي إس آر" قال حميد ممدوح، "إنه مستعد لمواجهة التحدي"، وأشار إلى خبرته التي استمرت 35 عاما متواصلة في منظمة التجارة العالمية وسلفها "جات"، "عندما تنهار السيارة، فإنك تحتاج إلى المهندس الذي صممها، الذي يمكنه تشخيص الضرر وإصلاحه، بدلا من البائع"، حسب تعبيره. لكن يمكن لدخيل آخر في شخص الكينية، أمينة محمد، وهي دبلوماسية سابقة في منظمة التجارة، أن تفسد على ممدوح مكانته المتقدمة في القارب، في تصريح لها لصحيفة "ذا فاينانشيال تايمز" البريطانية -الإثنين-، بالكاد تمكنت من إخفاء رغبتها في المنصب، قائلة "إن امرأة إفريقية ستكون في وضع جيد لقيادة منظمة التجارة العالمية للخروج بها من المياه الهائجة". وذكرت "ذا فاينانشيال تايمز" ترشيح بيتر ماندلسون عضو حزب العمال البريطاني، للمنصب، بالنسبة إلى هذا المفوض التجاري السابق للاتحاد الأوروبي "فإن رئيس منظمة التجارة الجديد لا بد أن يكون سياسيا، لديه دفتر عناوين مليء جيدا"، مع ذلك، تلاحظ الصحيفة البريطانية صعوبة جمع تأييد واسع لاسمه، ويمكن أن يذهب العرض الأوروبي البديل إلى سيجريد كاج، وزيرة التجارة الهولندية. ماذا لو لم يتم الوصول إلى توافق لانتخاب مدير جديد لمنظمة التجارة بحلول بداية أيلول (سبتمبر)؟ سيكون هناك مدير بالنيابة، يشغله أحد النواب الأربعة الحاليين لروبرتو أزيفيدو.
مشاركة :