د. مصطفى عوض يكتب: نظرات وأحداث تاريخية في رمضان (1)

  • 5/21/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

رمضان شهر الانتصارات العظيمة والكبيرة، قديمًا وحديثًا، تلك الانتصارات التي لم ولن ينساها المسلمون على مر تاريخهم الطويل، والتي من ضمنها الانتصار الكبير الذي سطره المصريون بأيديهم، انتصار العاشر من رمضان عام1393هـ/ 6 من أكتوبر1973م.حيث تمكنت في هذا اليوم العظيم القوات المسلحة المصرية العريقة من النجاح في عبور قناة السويس البحرية، والتي عُرف عنها أنها من ضمن أقوى وأصعب الموانع المائية في العالم، وعبور خط بارليف والنجاح في تحطيمه، ذلكم الخط الذي كان يوصف بأنه أقوى ساتر وخط دفاع ترابي في العالم في ذلك الوقت، والذي امتد على طول خط القناة من محافظة بورسعيد الباسلة إلى محافظة السويس المنيعة بطول يصل لحوالي 160 كيلو مترًا، وهذا الساتر الترابي الذي شيدته قيادة العدو الإسرائيلي، وكانت تفتخر به؛ لقوته ومناعته، وهذا الانتصار العظيم للقوات المسلحة المصرية الباسلة اعتبره المؤرخون أول وأعظم انتصار عسكري للمصريين في العصر الحديث على اليهود.دخل الجيش المصري هذه المعركة وهو يعلم أنها معركة المصير -الحياة أو الموت-؛ لأنه لو هُزم الجيش المصري لا قدر الله في تلك المعركة كان معناه سيادة إسرائيل على المنطقة بكاملها؛ لأن مصر كانت قد خسرت قبل هذه المعركة بست سنوات خسارة فادحة بهزيمةعام 1967م، هذه الهزيمة التي جعلت العدو الصهيوني يقدم نفسه للمجتمع الدولي على أنه الجيش الذي لا يقهر، والقوة التي لا يستطيع أحد في الشرق الأوسط أن يقف في وجهها، بل استطاع العدو بعد هزيمة 1967م أن يعربد في سماء مصر على مر سنوات عدة وهو ما عُرف بحرب الاستنزاف.لكن الجندي المصري في صفوف قواته المسلحة الباسلة أدرك أنه عليه أن يعيش بعزة وكرامة، وأن يثأر لشهدائه، وأن يعيد أرضه التي سلبها منه عدوه الصهيوني، وظل المصريون يخططون لهذه اللحظة التي سيسطرون فيها أعظم انتصار في تاريخهم بدمائهم الزكيَّة، ودخلوا معركة العاشر من رمضان وهم يد واحدة، وصوتهم يزأر بكلمة الله أكبر، ونجحوا في تحطيم خط بارليف المنيع، وعبور القناة، والقضاء على أسطورة أن الجيش الصهيوني لا يقهر.نعم نجح الجنود والضباط المصريون في إنهاء هذه الأسطورة من التاريخ، ونجحوا في كسر العسكرية الإسرائيلية؛ ولذلك سيظل يوم العاشر من رمضان رمزًا للمجد والعز والفخر،ويومًا مشهودًا للعسكرية المصرية الباسلة، والتي لا تقبل بأن تتنازل عن شبر واحد من أرضها في أي يوم من الأيام على مر تاريخها الطويل، بل هي تكون دائمًا على استعداد للتضحية بالغالي والنفيس من أجل الحفاظ على أراضي مصر الحبيبة.ويكفي تلك الكلمات التي قالها العديد من القادة والرؤساء والمراسلون عن انتصار العاشر من رمضان1393هـ/ السادس من أكتوبر 1973م لتدرك حجم الانتصار الذي سطره المصريون بدمائهم الغالية.قال حاييم هيرتزوج الرئيس الإسرائيلي الصهيوني السادس: لقد تحدثنا أكثر من اللازم قبل أكتوبر 1973م، و كان ذلك يمثل إحدى مشكلاتنا، فقد تعلم المصريون كيف يقاتلون، بينما تعلمنا نحن كيف نتكلم، لقد كانوا صبورين كما كانت بياناتهم أكثر واقعية منا، كانوا يعلنون الحقائق تمامًا حتى بدا العالم الخارجي يثق في أقوالهم و بياناتهم.وقال الجنرال الصهيوني شموئيل جونين قائد جيش إسرائيل في جبهة سيناء: كان الجندي المصري يتقدم في موجات تلو الموجات، وكنا نطلق عليه النار وهو يتقدم، ونحول ما حوله إلى جحيم ويظل يتقدم، كان لون القناة قانيا بلون الدم ورغم ذلك ظل يتقدم.وكتبت مجلة نيوزويك الأمريكية تقول: إن كل يوم يمر يحطم الأساطير التي بنيت منذ انتصار إسرائيل عام1967م، وكانت هناك أسطورة أولًا تقول: إن العرب ليسوا محاربين وإن الإسرائيلى سوبرمان، لكن الحرب أثبتت عكس ذلك.وكتب جورج ليزلي رئيس المنظمة اليهودية في ستراسبورج يوم 29 أكتوبر1973م يقول: لقد أسفرت الجولة الرابعة عن كارثة كاملة بالنسبة لإسرائيل، فنتائج المعارك والانعكاسات التي بدأت تظهر عنها في إسرائيل تؤكد أهمية الانتصارات التي أنهت الشعور بالتفوق الإسرائيلي وجيشها الذي لا يقهر، وأكدت كفاءة المقاتل العربي وتصميمه، وفاعلية السلاح الذي في يده.وغيرها من الكتابات التي تحدثت عن انتصار المصريين في العاشر من رمضان، ليبقى هذا الانتصار في ذاكرة أبنائنا جيلًا بعد جيل، وأنه كلما قدم شهر رمضان تذكر العالم أجمع الانتصار الرائع للجيش المصري وقواته المسلحة الباسلة.

مشاركة :