الضجيج الذي أثاره مسلسل «سيلفي» مردّه من وجهة نظري ليس إلى جودة العمل فنياً، بل إلى اقتحامه بجرأة لبعض التابوهات، وإلا على المستوى الفني كانت هناك فجوة واضحة بين فكرة العمل والرؤية المشهدية النهائية، ناتجة عن غياب «السيناريست» الخبير المتمرس، الذي يكتب أدق تفاصيل العمل ويسلمها للمخرج ليحولها إلى مشاهد مرسومة على الشاشة. هذه الفجوة أضاعت مسار الحوار، ما أدخل الممثلين في ورطة «تمطيط الحوار»، واضطرهم إلى لغة هابطة لم تحترم المشاهد، لتصعيد رتم الأحداث، وافتعال الحبكات، وهذا كان واضحاً في حلقة «الطائفية» التي استُهلك جزء كبير من بدايتها في حوار هابط لا معنى له، رغم أهمية الفكرة، ولم ينقذ الحلقة -مثل أكثر الحلقات- إلا «إفيهات» القصبي، وومضة في النهاية حملت المفارقات. أغلب كتاب نصوص «سيلفي» كتاب رأي وصحفيون، ولا لوم عليهم فقد قدموا أفكاراً جيدة حتى الآن، لكن المشكلة كانت في تحويل هذه الأفكار إلى سيناريو درامي، وهذا ما جعل الحلقة الأكثر إثارة و«الأفضل» حتى الآن، «وا أبتاه» تبدو وكأنها تحقيق صحافي عن تنظيم داعش الإرهابي أكثر من كونها عملا تلفزيونيا. الحلقة كشفت لنا كيف تدور وتدار الأمور في التنظيم، لكنها لم تغص في العمق استكشافاً للخلفيات التي صنعت الحاضر، واستشرافاً لامتدادات هذا الحاضر التي يمكن أن تؤثر في تشكيل ملامح المستقبل! لم تصنع أسئلة، لم تُعمل خيالاً، لم تترك نهايات مفتوحة!. النزوع للجماهيرية حدا بفريق عمل «سيلفي» للتعويل على نجومية ناصر القصبي في إنجاح العمل، على حساب القيمة والبناء الفني، اتكاءً على تاريخ القصبي وتفرّده الحالي خليجياً كنجم أوحد لا منافس له، لكن القصبي لم يقدم أكثر من اسمه وتاريخه الذي شهد كثيرا من النجاحات، ليصادق على مقولة للسيناريست المصري عبدالرحيم كمال: (في الدراما العربية ظاهرة غريبة، كل نجاح حقيقي يتبعه ألف نجاح مزيف).
مشاركة :