من دون سابق إنذار، وصلت حملة عسكرية، تضم عشرات المسلحين الحوثيين معززين بأطقم قتالية ومدرعات، وباشرت حصار ومهاجمة منزل حسين محمد الأصبحي في منطقة أصبح بمحافظة البيضاء، من ثلاثة اتجاهات، بهدف اختطافه مع نجله. وجدت زوجة الابن واسمها “جهاد الأصبحي”، نفسها أمام عتاه ومتوحشين هاجموا المنزل سعيًا لاختطاف عمها وزوجها، فحملت سلاحاً ودافعت عن منزلها بشجاعة كل الجيوش المعسكرة في البيضاء منذ خمس سنوات. غادر الأب وابنه وتوقف إطلاق النار، وتمكنت المليشيا الحوثية من اقتحام المنزل وتفتيشه ولم تجد سوى زوجة الابن، فأطلقت عليها الرصاص حتى أردتها قتيلة على الفور. تحرك قبلي ولأن مجرد الاعتداء على النساء يعد في العرف القبلي مثلبة كبيرة قد تشعل مواجهات مسلحة ما لم يتم معالجة مثل هذه الحوادث وفق الأعراف السائدة، فقد فتح دم “جهاد” المسفوك ظلماً أعين وجهاء البيضاء وشيوخها على طغيان جماعة تمارس القتل كرياضة يومية. واستنفر الزعيم القبلي في البيضاء ياسر العواضي زعماء قبائل المحافظة من أجل الوقوف في وجه الجماعة الحوثية وطرد مشرفيها، ردا على قتل جهاد الأصبحي في مديرية الطفة يوم الإثنين الماضي. وقال الشيخ العواضي، في سلسلة تغريدات على “تويتر”، إن المشرفين الأمنيين لمليشيا الحوثي “بغوا وهتكوا الأعراض واغتصبوا الأرض وأهانوا أهلها وهدموا بيوتهم”. وأضاف إن قتل جهاد الأصبحي “جريمة يندى لها الجبين ووصمة عار في جباه فاعليها، ووصمة عار في جبيننا جميعاً، وإن سكتنا فلا بارك الله فينا”. وأمهل العواضي قادة المليشيا برفع مشرفيهم الأمنيين من البيضاء أو تركهم معاً للقتال قبائل ضد قبائل، داعياً جميع مشايخ المحافظة ورجالها وشبابها من جميع الأطراف للجهوزية العالية. ووصف مقتل جهاد الأصبحي على يد الميليشيات الحوثية في مديرية الطفة بأنه “هتك للعرض وجريمة في رابعة النهار يندى لها الجبين ووصمة عار في جباه قبائل البيضاء. وهدد القيادي في حزب المؤتمر الشعبي الجماعة الحوثية ومشرفيها في البيضاء وقال: “سنقاتلهم مقبلين متمسكين بالله وبالحق معتمدين على الله ثم على أنفسنا، وليس مع أي جهة خارجية”، بحسب تعبيره. وفي حين نفى أن يكون لدعوته أي هدف سياسي حذر في الوقت نفسه شيوخ المحافظة من مصير مماثل “لنسائهم وأعراضهم ودمائهم وشرفهم” إذا تهاونوا في الاقتصاص لدم القتيلة جهاد الأصبحي، وقال إنه “إذا لم تقم قيادة الحوثيين بما يلزم شرعاً وعرفاً فإنه لا يغسل العار إلا الدم”، وفق تعبيره. وأعلن العواضي عن تقديم مكافأة مالية قدرها عشرة ملايين ريال يمني لمن يقوم بالثأر لدم المرأة من قاتلها المباشر أو من القيادي الحوثي حمود شثان مشرف الجريمة. وحذر العواضي الجماعة الحوثية من أي تحركات غير محسوبة في المحافظة وقال: “أبلغنا الوسطاء بمطالبنا ورفع مشرفي الجماعة من البيضاء وأعطيناهم ثلاثة أيام، وليعلموا أن كل حركة مرصودة وسيتم التعامل معها”. وشدد على رجال القبائل للاستعداد بالمؤن والزاد “والتعامل الفوري مع أي تحرش أو استحداث حوثي”. تعامل حوثي مخادع ونالت دعوة العواضي للاستنفار القبلي تأييداً كبيراً في أوساط مشايخ البيضاء والشارع اليمني، فيما سعى قادة الجماعة الحوثية بكل السبل إلى احتواء الموقف بالتوازي مع التلاعب بالقضية. وفي حال عدم رضوخ المليشيا، لمطالب القبائل فإن ذلك سيجعلها عرضة للمواجهة المسلحة التي قد تكون بداية النهاية للوجود الحوثي في محافظة البيضاء. ورغم أنها أقرت بمسؤوليتها عن قتل “جهاد” في منزلها بمحافظة البيضاء، وأوفدت لجنة وساطة، بهدف توسل القبائل من اتخاذ موقف تصعيدي ضدها، إلا أن جماعة الحوثيين عمدت إلى التلاعب بالقضية، الأمر الذي كشفه الشيخ الخضر الأصبحي الذي نفى قبول التحكيم مؤكداً بأن موقف المشايخ من موقف الشيخ ياسر العواضي. وتضم اللجنة عضو المكتب السياسي للحوثيين فضل أبو طالب ونائب وزير الخارجية في حكومتها غير المعترف بها، حسين العزي والمشرف الاجتماعي بمحافظة البيضاء عبد الله علي إدرس. وحاولت المليشيا تبرئة عناصرها الأمنية التي داهمت منزل الضحية وفتحت النار عليها، بالقول إن “سوء فهم” قد حدث، وهو ما قوبل برفض من قبائل البيضاء التي تصر على طرد العناصر المليشياوية من مديريتهم. رفض التحكيم ورفض العميد أحمد محمد الأصبحي، والد “جهاد الأصبحي” التحكيم العرفي من جانب مليشيا الحوثي بقضية قتل ابنته بإحدى قرى مديرية الطفة يوم 27 أبريل المنصرم. ونقلت مصادر محلية عن العميد الأصبحي قوله، إن لجنة الوساطة التي شكلها الحوثيون في التحقيق بحادثة مقتل ابنته “جهاد” لم تجر اتصالاً معه. وأضاف “هذه القضية ليست قضيتي، بل هي قضية أبناء البيضاء عامة، وهذا التحكيم لا يعنينا لا من قريب ولا من بعيد”.
مشاركة :