تونس تجهّز لأول مسلسل يحتفي بثقافة "الهيب هوب" | صابر بن عامر | صحيفة العرب

  • 5/22/2020
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

للمرة الأولى في تاريخ الدراما التونسية يقع الانطلاق مع انتهاء الموسم الرمضاني الحالي في إعداد مسلسل لرمضان 2021 تحت عنوان “موفما”، وهو عن فكرة للمخرج التونسي إلياس بكار، من المنتظر أن يشمل ثلاثة أجزاء متعاقبة. “العرب” اتصلت بالممثل التونسي محمد علي بن جمعة المشرف على الكاستينغ في المسلسل فكان هذا اللقاء. تونس – يشتغلُ المخرج التونسي إلياس بكّار حول مشروع فنّي أطلق عليه عنوان “موفما” MOOVMA، وهو سلسلة تلفزيونية من ثلاثة مواسم (2023/2022/2021) تصوّر بأسلوب فنّي وفي قالب درامي عالم الهيب هوب في تونس والعالم العربي. عن المشروع يقول الفنان التونسي محمد علي بن جمعة، المشرف على الكاستينغ في العمل الدرامي المرتقب “هو مشروع حلم يروي مسيرة الهيب هوب في تونس منذ أواسط الثمانينات إلى الآن، لكن ليس بالمعنى التوثيقي لظهور الحركة الفنية بالبلد، وإنّما هي دراما تحكي عن فن الشارع الآن وهنا”. وأضاف لـ”العرب”، “معلوم أن الهيب هوب ليس الراب فقط، وهو ما نسعى إلى إبرازه في المسلسل المشروع الذي تجاوز مجرّد كونه عملا دراميا، حيث من المُبرمج أن يؤثّث الإنتاج الموسيقي الخاص بالمسلسل عرضا موسيقيا فرجويا يتجوّل في المهرجانات في صيف 2021”. وينطلق المسلسل في موسمه الأوّل بعالم الهيب هوب في تونس وينفتح في موسمه الثاني أمام التجربة المغاربية في فنون الشارع، في حين يلقي الضوء في موسمه الأخير على ثقافة الهيب هوب وتأُثيرها على مجتمعات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. محمد علي بن جمعة: المشروع سيتحدّث بشكل درامي عن فن الشارع الآن وهنا محمد علي بن جمعة: المشروع سيتحدّث بشكل درامي عن فن الشارع الآن وهنا ويُعيد مشروع “موفما” إلياس بكار إلى بداياته الأولى في عالم الفن. فالسينمائي التونسي وبعد تجارب في فنون الفرجة والمسرح وعدد من الأفلام التي شكلت هويته الفنية، اختار تحقيق حلم قديم، وهو الذي أسّس في العشرين من عمره مع محمد علي بن جمعة فرقة “طاقم الخلق” مع بداية التسعينات. وها هو يحنّ مجددا لعالم الهيب هوب ويجعله موضوعا رئيسيا لمسلسل تلفزيوني يمتدّ على ثلاثة مواسم، ليحكي العمل قصة التجربة التونسية والعربية في فنون الشارع. والمشروع هو الأول من نوعه في تونس والعالم العربي على عدة مستويات إنتاجية، فنية وتقنية وسيؤسّس لثقافة جديدة في الكتابة والإنتاج للتلفزيون، واكتشاف مهن تعرفُ أكثر في أميركا الشمالية مثل “الشاورينور” التي سيضطلع بمهمته إلياس بكار وإدارة الكاستينغ التي سيشرف عليها محمد علي بن جمعة. وعن كتابة السيناريو، قال محمد علي بن جمعة “ستكون في شكل ورشة للكتابة، كما سيتكّفل بإخراج الأجزاء مجموعة من المخرجين، وهي سابقة أولى تحصل في تاريخ الدراما التونسية”. ويضيف “يشارك في خوض هذه التجربة التي سيمنح ولأول مرة ثقافة الهيب هوب وفنون الشارع موقعها الحقيقي في المشهد الفني التونسي، المغاربي والعربي، خمسة مخرجين هم محمد علي النهدي، زياد لتيم، أسامة عزي، أمال قلاتي ووداد الزغلامي إضافة إلى مدير التصوير التونسي- العالمي محمد المغراوي”. ومن ناحيته يُؤكّد إلياس بكار أن مسلسل “موفما” هو تصوّر فني وموسيقي يُعيد اكتشاف فنون الشارع وتأُثيرها على محيطها الاجتماعي والسياسي في الواقع الراهن. وإلياس بكار من مواليد تونس في العام 1971، درس السينما في باريس حيث تخرج في المعهد الحرّ للسينما، وأخرج العديد من الأفلام القصيرة والمسرحيات وبعض الأفلام الوثائقية التي تميز بها وشاركت في بعض المهرجانات. وفي عام 2006 فاز بجائزة أفضل فيلم قصير في مهرجان الجزيرة للأفلام الوثائقية عن فيلمه “باكستان 7.6″، أما فيلمه الوثائقي “حائط مبكى” ففاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة بمهرجان أوسيان السينمائي، وكان فيلم “هو وهي” أول عمل روائي طويل له (إنتاج 2004) أشفعه في العام 2017 بفيلمه الروائي الثاني “تونس الليل”. وسبق أن تناول فنانون تونس عالم الهيب هوب في أكثر من عمل تلفزيوني لعلّ أشهرها مسلسل “ولد الناس” للمخرج المنصف ذويب (إنتاج 1992)، وفيه قدّم محمد علي النهدي شخصية الشاب المراهق المولع بالموسيقى والغناء دون دراية وتأطير، إلى أن يجد في عالم الهيب هوب ملاذا لأحلامه النزقة من وجهة نظر أبيه الصارم. كما قدّم النهدي أيضا في العام 2012 مسرحية “الزمقري” (المهاجر)، وفيها استعرض من بين الأدوار التي قدّمها في مسرحيته المنفردة شخصية راقص “بريك دانس”. دراما تلفزيونية من ثلاثة مواسم دراما تلفزيونية من ثلاثة مواسم أما في عالم الفن السابع، فقد تناول النوري بوزيد في “آخر فيلم” أو “ميكينغ أوف” هذا الفن الذي تحوّل إلى ظاهرة في تسعينات القرن الماضي وبداية الألفية الثالثة. فقدّم شخصية “بهتة” (لطفي العبدلي) الشاب العاطل عن العمل والمولع بالرقص في الساحات العامة، إلى أن يتم استدراجه إلى التيار السلفي، لينتهي منتحرا بعد أن فجّر نفسه دون إلحاق أضرار بشرية. وفي الفيلم رسم بوزيد صورة لشباب مقموع تتجاذبه الرغبة في الحرية والمخارج العقائدية؛ داعيا إلى إعادة تقييم دور الإسلام في المجتمع التونسي الحديث. وفاز الفيلم بالتانيت الذهبي لأحسن روائي طويل في أيام قرطاج السينمائية لسنة 2006. كما فاز بجائزتي أفضل ممثل التي ذهبت لبطل العمل لطفي العبدلي (جسّد شخصية بهتة) وأفضل توليف في مهرجان السينما والتلفزيون الأفريقي بواغادوغو في دورته العشرين. ولتونس أيضا مدارس فنية في عالم الهيب هوب التي أطّرت اليافعين والشباب سنوات التسعينات، لعلّ أبرزها مدرسة سهام بلخوجة للرقص المعاصر التي تخرّج منها ثلة من الراقصين العالميين كحفيظ وعائشة مبارك والأخوين سلمى وسفيان ويسي، اللذين أسّسا في العام 2007 مهرجان “دريم سيتي” الذي يُعنى بفنون الشارع. كما كانت تحتضن “قبة المنزه” بالعاصمة تونس نهاية شهر يونيو من كل عام مسابقة في الرقص المعاصر من تنظيم الجامعة التونسية للرقص المعاصر التي تديرها الفنانة إسمهان الشعري، يأتيها الشباب التونسي من الجنسين من كافة محافظات البلد، ليقدّم أفضل المتوجين سنتها عرضا جماهيريا ضمن فعاليات مهرجان قرطاج الدولي، الذي احتضن في العام 2015، أول عرض “راب” في تاريخ تونس تحت عنوان “هيب هوب أوربان” من إخراج محمد علي بن جمعة والذي ضم أكثر من سبعين فنانا. وأنجبت تونس العديد من الراقصين المحترفين الذين انطلقت تجربتهم الأولى من خلال الرقص المعاصر، على غرار نجيب خلف الله وعماد جمعة اللذين واصلا في عالم الرقص والكوريغرافيا المعاصرة. فيما احترف آخرون على غرار لطفي العبدلي وسندس بلحسن وريم الرياحي ومحمد علي بن جمعة والراحل حاتم بالرابح وغيرهم عالم التمثيل. ما يعني أن فن الهيب هوب كان اللبنة الأولى ومعبّدا استثنائيا لطُرق نجاح بعض فناني تونس، الأمر الذي سيجعل من مسلسل “موفما” عملا منتظرا سواء لعشاق الدراما أو نقاد الفن بتونس لثلاثة مواسم رمضانية متتالية.

مشاركة :