شاهدت كما شاهد الملايين في مصر وفي العالمين العربي والإسلامي عن ترقب وتوتر الحلقة(٢٨) من مسلسل الاختيار"موقعة البرث جنوب رفح" واستشهاد البطل الشهيد العقيد أ.ح أحمد المنسي ورفاقه الأبطال على يد خوارج العصر كلاب أهل النار بعد حربا ضروس دارت رحاها بين الحق والباطل قبيل الفجر حيث الظلام الدامس.لم يكن الأمر مجرد عملية إرهابية عابرة بل كان مخططا كبيرا شاركت فيه قوى دولية تآمرت على مصر من أجل إسقاطها إلى الأبد.أبطال وضعوا أرواحهم على أكفهم فداء للأرض والعرض ولكن الله أراد لهم الحياة.وانا أشاهد هذا العمل الدرامي العملاق ما بين حزن و فرح رجعت؛ ورجعت بي الذكريات مئات من السنين عديدة .استدعت فيها ذاكرتي من مضبطة التاريخ واقعة الطف(كربلاء) حيث استشهد بن بنت رسول الله والثلة المباركة من آل بيته الكرام على يد من يزعمون انتسابهم للإسلام والإسلام برئ منهم براءة الذئب من دم يوسف بن يعقوب عليه السلام.رجعت إلى"الطف" بقلبي وروحي مكلوما ومأسورا من الكمد والحسرة وكأنني عشت فاجعتها ورأيت كيف أحرقت الخيام على بنات رسول الله فكشف سترهن!_خرجت ثورة الإمام الحسين عليه السلام حدًّا فاصلًا منعت نمو الفساد في الهوية الإسلامية الأصلية، فشرّعت الموت من أجل الحياة، وهو مفهوم استوعبته العامّة والخاصّة حينها؛ لأنّ الحدث كان يتطلب مخرجًا من مزلق الظلم الذي ساق الناس كالأنعام، وتسلّط على رقابهم وضمائرهم ممن تستروا بالدين والدين منهم براء!مأساة أدمت صفحات التاريخ.. يموت بن بنت رسول الله غريبا طريدا عطشانا وبجواره نهر الفرات!وكيف لا تكون كذلك، وهي المأساة التي أدمت قلب الإنسانية، وأقرحت جفونها، تألّمًا وتأثّرًا; لأنّ فيها قتل الشيخ الطاعن في السنّ، الذي جاوز السبعين، وقتل فيها الكهل، وهم الغالبية من أصحاب الحسين. وفيها الفتي الذي جاوز الحلم من بني هاشم وأقمارهم، وفتيان أصحابهم. وفيها الطفل الرضيع والمرأة العجوز. وفيها التمثيل بأجساد الشهداء، ورضّها بحوافر الخيل، وقطع رؤوسها. وحرمان النساء والأطفال من الماء، ونهب الخيام وحرقها. وسَوْق بنات رسول الله سبايا من بلد إلى بلد، يتصفح وجوههن القريب والبعيد... وإلى ما هنالك من المآسي والآلام التي حلّت بشهداء هذه الفاجعة الكبرى...فما أشبه الليلة بالبارحة حيث اجتمع من لا دين لهم ولا خلاق على قتل خير أجناد الأرض في خسة وندالة يندى لها جبين الحياء!ارتفع البطل المنسي شهيدا في سماء الرفعة محمولا على جدار كمينه فلم يسقط أرضا وكأنها إشارة ربانية أن أمثال هؤلاء الأبطال لا يسقطون بل يرتفعون أبد الدهر ليظل شموخهم حياة وموتا خنجرا مسموما في صدور أعداء الدين والوطن .تعلمت من الحسين وآل بيته ومن عسكريتنا المصرية الحافلة بالبطولات: أن لا أنحني مهما كان الأمر ضروريا فربما لا تؤاتيني اللحظة لأرفع رأسي مجددا_أرى أنه حان الوقت لكشف القداسة عن فزاعة يرفعها من يجندون شبابنا في كتائب التطرّفها وقد بات ضروريا تفكيك هذه الفزاعة ووأدها إلى الأبد.كما بات ضروريا أيضا على كتائب المثقفين من قوى الوطن الناعمة التحرك وتحمل المسؤولية حسبة لله والوطن وعدم المداراة خوفا من أبواق التأسلم والتفجير!وختاما؛؛ استدعي رثاء الشاعر الكبير نزار قباني للشهيد الفريق عبدالمنعم رياض:لو أن مدمنوا الكلامِ فى بلادناقد بذلوا نصفَ الذى بذلتْلو أنهم من خلفِ طاولاتهمْقد خرجوا.. كما خرجتَ أنتْ..واحترقوا فى لهبِ المجدِ، كما احترقتْجميعهم قد هُزمواووحدكَ انتصرتْ_رحم الله شهداء الوطن الأوفياء ولعنة الله على قاتليهم أبد الدهر وكل من أيدهم بالقول أو حتى بالفعل.وستبقى مصر رغم أنف كل حاقد أو حاسد أو متآمر هنا أو خارج هنا.
مشاركة :