تعالج المضادات الحيوية كثيراً من المشاكل الصحية التي نعانيها، وكثيراً ما يصفها الأطباء؛ بهدف الإسراع من عملية الشفاء، والتغلب على الأعراض التي يشكو منها الأشخاص، وهو الأمر الذي ينطبق على كل الفئات سواء الكبار أو الصغار. وتعرّف المضادات الحيوية بأنها مواد تقاوم الكائنات الحية الدقيقة وحيدة الخلية، والتي تتضمن كذلك البكتيريا، وتعتمد آلية عملها على قتل أو تثبيط نمو البكتيريا في جسم الإنسان. يختار الطبيب المعالج المضاد الحيوي الذي يناسب المريض، وكذلك الجرعة والشكل الدوائي الملائم، بناء على مجموعة من العوامل، والتي تبدأ بالتشخيص السريري والفحص المخبري، وكذلك عمر ودرجة تحمل المريض، وحالة المناعة لديه. وتنتشر الكثير من الأفكار والمعتقدات غير الصحيحة، والتي تكون سبباً في سوء استخدام المضادات الحيوية، وبالتالي تتسبب في مضاعفات صحية خطرة، لعل من أهمها مقاومة البكتيريا والجراثيم للمضاد الحيوي. ونتناول في هذا الموضوع الأضرار التي يمكن أن تسببها المضادات الحيوية، وكذلك الأخطاء التي يقع فيها الكثيرون عند تناول هذه الأدوية، والأساليب الصحية في تعاطيها، وأيضاً المضاعفات التي تنجم عن الاستخدام السيىء. توصية من طبيب يسارع عدد كبير من الأشخاص إلى تناول المضادات الحيوية؛ وذلك من دون وصفة أو توصية من طبيب؛ وذلك نتيجة اعتقاد خاطئ أنها تخفف من الأعراض، وتقضي على أسباب المرض، مما يخلق حالة من مقاومة هذه المضادات؛ وذلك حسبما نشر موقع «المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها». ويؤكد خبراء الصحة أن تناولها بهذا الشكل، ربما تسبب في مضاعفات خطرة، كما أنهم يؤكدون أنها لا تعالج البرد أو الإنفلونزا، ومن الممكن أن تؤدي إلى نشاط البكتيريا أو الجراثيم المقاومة لها، وفي بعض الأحيان تصل إلى الوفاة. وتصنف المضادات الحيوية بحسب المنشأ إلى طبيعية ونصف مركبة ومركبة، وتعد أغلب المضادات الموجودة الآن شبه صناعية، أو معدلة كيميائياً من مركبات أصلية توجد في الطبيعة؛ وذلك بفضل تقدم علوم الكيمياء الطبية، وهناك نوع آخر ينتج بعزله من كائنات حية، ونوع ثالث يتم إنتاجه بوسائل صناعية بحتة. أضرار الإفراط وذكر موقع «هيلث لين» أن العديد من التقارير الطبية تشير إلى أن الإفراط في تناول المضادات الحيوية؛ يتسبب في الإصابة بمجموعة من الأضرار، والتي تؤثر في مختلف أجهزة الجسم. وأضاف الموقع: إن المضادات الحيوية تزيد من حالات الإسهال المميتة لدى الأطفال؛ لأن أغلب نزلات البرد الشائعة هي فيروسية، واستخدام المضادات الحيوية لعلاجها لا يفعل شيئاً لوقف العدوى، ويمكن أن يخلق آثاراً جانبية غير مرغوب فيها، ومع ذلك، فقد أظهرت الدراسات أن نصف المضادات الحيوية الموصوفة للأطفال هي لالتهابات الجهاز التنفسي العلوي المرتبطة بالزكام. وتشمل هذه الأضرار مشاكل في الجهاز الهضمي، كالغثيان والقيء والانتفاخ والإحساس بالامتلاء وعسر الهضم، وفي بعض الحالات يعاني الشخص فقدان الشهية وتشنجات في المعدة. ويصاب البعض بالالتهابات الفطرية؛ وذلك لأن المضادات الحيوية يمكن أن تقتل البكتيريا المفيدة، والتي تحمي من الإصابة بهذه الالتهابات، والتي تظهر في الفم أو الحلق. بقع الأسنان يتسبب الإسراف في تناول المضادات الحيوية في إصابة مينا الأسنان بالبقع؛ وذلك بحسب دراسات عديدة، والتي أشارت إلى أن نحو 5.5% ممن يتناولون المضادات الحيوية يصابون بهذه البقع. ويمكن أن تتفاعل المضادات الحيوية مع العديد من الأدوية الأخرى، مثل: حبوب منع الحمل، وأدوية الحموضة والفيتامينات والمسكنات، وبعض أنواع المكملات الغذائية، وكذلك أدوية داء السكري، ومضادات الاكتئاب وأدوية الصداع النصفي، وأدوية الصدفية والتهاب المفاصل الروماتويدي. ويصاب البعض أيضاً بحساسية الجلد؛ لأن هناك عدداً كبيراً من المضادات الحيوية تجعل الجلد أكثر حساسية تجاه الشمس. أفكار خاطئة يزداد خطر مقاومة المضادات الحيوية في مختلف أنحاء العالم، وهو ما يهدد القدرة على علاج الأمراض المعدية الشائعة، وتزداد قائمة هذه الأمراض، ومنها على سبيل المثال الالتهاب الرئوي والسل وتسمم الدم؛ بل أصبح هناك صعوبة في علاجها. وتشير العديد من الدراسات إلى أن هناك مجموعة من الأفكار الخاطئة، والتي أدت إلى الإفراط في تناول المضادات الحيوية، وتشمل هذه الأفكار والخرافات أن الإفراط في تناولها، أو من غير توصية طبية لا يتسبب في أية مخاطر. ويندرج في نفس الفهم الخاطئ استخدام نفس المضاد الحيوي لشخصين مختلفين؛ وذلك لأن هناك اختلافاً في البكتيريا التي تصيب الجسم، ولكل واحد منها علاجه المختلف، وهو الأمر الذي يحتاج إلى استشارة الطبيب؛ لتحديد المرض الذي يعانيه كل شخص. التوقف المفاجئ يتوقف الكثير من المرضى عن تناول المضاد الحيوي بمجرد الشعور بالتحسن، وقبل الانتهاء من الجرعة التي حددها الطبيب، وخطورة هذا التوقف أن البكتيريا لا يتم تدميرها بشكل كامل، وبالتالي فإنها تصبح قادرة على تطوير نفسها ومقاومة المضاد الحيوي، ويصبح الدواء غير ذي نفع. وتعد من أكثر الأفكار الخاطئة أن المضادات تعالج الإنفلونزا ونزلات البرد، ويجب العلم أنها تقضي فقط على البكتيريا، وبالتالي فهي لن تؤثر في هذين المرضين؛ لأن المسبب لهما الفيروسات، وتناول المضادات الحيوية لعلاجهما لن يجدي نفعاً، وإنما سوف يكون سبباً في التعرض فقط للآثار الجانبية للمضاد. ويحتفظ البعض بما يتبقى من المضاد الحيوي؛ بهدف استخدامه فيما بعد، وهو أمر خاطئ، وبالذات في المضادات السائلة؛ لأنها مع مرور الوقت تفقد فاعليتها، وتكون عرضة للتلف. خطأ الأطباء يظن البعض أنه بمجرد تناول جرعة المضاد بالكامل فإن أعراض المرض تشفى؛ لأنه من الممكن أن تستمر بعض الأعراض، وهو ما يجب معه استشارة الطبيب، والذي يمكن أن يكرر جرعة المضاد مرة أخرى، أو يصف دواء بديلاً، ويجب على المريض ألا يكرر من نفسه المضاد من دون استشارة طبية. ويقع بعض الأطباء في خطأ اللجوء إلى وصف المضادات الحيوية من البداية، تحت دعوى أنها العلاج الأكثر تأثيراً، وربما كان هو الأسرع؛ لكنه ليس الأفضل. ويستحسن وصف دواء مناسب لحالة المريض قبل وصف المضاد الحيوي، وجعله هو الخيار الأخير، وبالذات في أمراض الأطفال. ويمكن أن تؤثر المضادات الحيوية في مناعة الأطفال؛ وذلك عند الإفراط في تناولها قبل تمام العامين، وهو الأمر الذي يزيد من سهولة الإصابة بالأمراض. إجراءات للوقاية يشير كثير من الأطباء إلى أن هناك مجموعة من الإجراءات التي يمكن أن تقي من الإصابة بمقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية. وتشمل هذه الإجراءات الحصول على تطعيم الأمراض المختلفة، للوقاية من الإصابة بها، وكذلك الحرص على غسل اليدين بشكل منتظم حتى نمنع انتشار العدوى. ويجب تغطية الأنف والفم في حالة العطس أو السعال، واستشارة الطبيب عند الإصابة بأي مرض مع الحرص على الالتزام بتعليماته. ويحذر من تناول المضادات الحيوية في الحالات التي تعاني الإصابة بالعدوى؛ لأنه يضعف البكتيريا المفيدة، وبالتالي يزيد من مقاومة البكتيريا التي تسبب المرض للدواء. وينبغي الانتباه إلى أن هناك مجموعة من الأمراض لا تنفع معها المضادات الحيوية عند الإصابة بها، ومنها نزلات البرد والإنفلونزا، والتهابات الحلق والأذن، والسعال، وبعض التهابات الجيوب الأنفية، والتهابات المعدة والأمعاء الفيروسية، والمعروفة بإنفلونزا المعدة. نصائح مهمة تتفاعل بعض أنواع المضادات الحيوية مع مادة الحليب، وهو الأمر الذي يحدث نتائج سلبية، وبالتالي يبطل مفعولها، هذا ما أشار إليه أحد التقارير الطبية. وأضاف: إن هذه المضادات الحيوية تشمل مجموعة التتراسيكلين ومثبطات مثل الدوكسيسيكلين، سيبروفلوكساسين والنورفلوكساسين؛ ولذلك ينصح بالانتظار على الأقل ساعتين بعد تناولها وقبل استهلاك الحليب أو منتجات له. وحذر التقرير من أن المضادات الحيوية يمكن أن تقلل من تأثير حبوب منع الحمل؛ ولذلك يجب على المرأة التي تتناول هذه الحبوب الانتباه لهذا الأمر. وأشار القائمون على التقرير إلى وجود اعتقاد خاطئ لدى البعض بأهمية ممارسة الرياضية عقب فترة المرض؛ وذلك بهدف تحريك العضلات. ويوصي الخبراء بتجنب الرياضة أثناء تناول المضاد الحيوي؛ لأن الجسم يكون في مرحلة إعادة بناء الخلايا، الأمر الذي ربما يضر بالجسم ويجهد القلب. زيادة الوفيات يؤكد العلماء أن وراء عدم الاستفادة بالمضادات الحيوية وقلة فعالياتها 3 عوامل، الأول هو الاستخدام الخاطئ، والثاني صرفها من دون وصفة طبية، والثالث عدم التزام المريض بالطريقة الصحيحة التي يصفها له الطبيب. وأشاروا إلى أن هذا الأمر أدى إلى وجود سلالات من البكتيريا طورت نفسها، حتى تكون قادرة على مقاومة أنواع من المضادات الحيوية، والتي تعرضت لها بشكل مخفف سابقاً. وأعلنت منظمة الصحة العالمية عن حملة دولية تحت مسمى الأسبوع العالمي للتوعية حول المضادات الحيوية، وذلك حتى تتم التوعية بمخاطر الاستخدام السيئ لها، وزيادة الوعي بكيفية استخدامها. وحذرت المنظمة من زيادة عدد الوفيات الناجمة عن مقاومة المضادات الحيوية، نتيجة الإصابة بأمراض خفيفة، وهو ما يثير المخاوف، ويجب البحث عن بدائل وحلول سريعة. وكان العالم واكسمان أول من صاغ مصطلح المضادات الحيوية، وذلك عام 1942، ويعني بها أي مادة تنتجها كائنات حية دقيقة تعاكس نمو الكائنات الأخرى في وسط مخفف للغاية، وكان العالم ألكسندر فلمنج أول من اكتشف البنسلين والمضادات الحيوية الطبيعية.
مشاركة :