العرب وتحديات العنف والطائفية - محمد محفوظ

  • 6/30/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تعيش المنطقة العربية بكل دولها وشعوبها أزمتين أساسيتين: الأولى انتشار ظاهرة العنف ببعديه السياسي والديني، وهي ظاهرة خطيرة وتؤدي وفق ميكانيزمات عملها إلى تخريب النسيج الاجتماعي والدخول في دورة الدم المسفوك بدون وجه حق. كما أن هذه الآفة تفضي إلى تخريب حالة الاستقرار السياسي العميق. ولعل أبرز مخاطر العنف في الحياة الاجتماعية والسياسية العربية، هو دخول هذه الآفة في المعترك السياسي. والثانية هي بروز الطائفية بكل حمولتها التمزيقية والتقسيمية في المنطقة العربية. بحيث أضحى الجميع يتحدث عن العناوين واليافطات الطائفية، بوصفها هي عناوين الحامل الديني والاجتماعي والسياسي الذي يطالب بالتغيير والتحول الديمقراطي. وكلنا يعلم أن كل النزعات الطائفية هي نزعات تمزيقية في الأمة. ولجوء تعبيرات المجتمع لهذه العناوين يعكس فيما يعكس أزمة عميقة تعيشها المجتمعات العربية كلها. إذ تلاشت أو اضمحلت عناوين ويافطات الانتماء السياسي الحديث، وتم استبدالها بعناوين طائفية عصبوية، تزيد من حالة التوتر الاجتماعي، وتعيد إنتاج أزمات المجتمعات العربية بإحن ومشكلات ذات طابع تاريخي مليء بالأحقاد والإرث الدامي للعلاقة بين الطوائف الإسلامية في حقب التخلف الحضاري. ثمة ضرورة ثقافية واجتماعية وسياسية، لتحليل ظواهر العنف واللجوء إلى الطائفية بوصف أن التحليل العميق لهذه الظواهر، هو الذي يوصلنا إلى معالجات حقيقية وجادة لهذه الآفات التي بدأت بالبروز في الحياة العامة، وأدخلت جميع المجتمعات العربية في تهديد مباشر لأمنها ووحدتها الوطنية واستقرارها السياسي العميق والصعوبة تكون مضاعفة حينما تتحالف قوى العنف والتعصب مع القوى الطائفية التي لا ترى استقرارها السياسي والاجتماعي إلا باجتثاث القوى الطائفية المقابلة. فالأحقاد الطائفية تصنع مبررات ومسوغات استخدام العنف في الحياة العامة، وهي ذاتها أي الأحقاد الطائفية هي التي تغطي فعل العنف الهمجي الذي يدمر الإنسان والمجتمع والبنية التحتية للحياة الكريمة بكل تفاصيلها. كما أن بروز هذه المشكلات ومتوالياتها الأمنية والسياسية والاجتماعية، هي التي تربك الساحة الاجتماعية، وتضيع فرص التحول الديمقراطي في المنطقة العربية. لذلك ثمة ضرورة ثقافية واجتماعية وسياسية، لتحليل ظواهر العنف واللجوء إلى الطائفية بوصف أن التحليل العميق لهذه الظواهر، هو الذي يوصلنا إلى معالجات حقيقية وجادة لهذه الآفات التي بدأت بالبروز في الحياة العامة، وأدخلت جميع المجتمعات العربية في تهديد مباشر لأمنها ووحدتها الوطنية واستقرارها السياسي العميق. وكل الأطراف المعنية بمتابعة هذه الظواهر بحاجة، لبناء تفسير علمي موضوعي لظواهر العنف والطائفية التي برزت في المشهد العربي. لأننا نعتقد أن استيطان هذه الظواهر في الاجتماع العربي المعاصر، سيضيع على المنطقة العربية فرصة التحول الديمقراطي الذي يستهدف بناء حياة سياسية جديدة في المنطقة العربية خالية من العنف الذي يدمر كل مكسب ويحول السياسة إلى فضاء لممارسة التوحش بكل صنوفه. والطائفية بوصفها هي سلاح تفجير التناقضات الداخلية في الاجتماع العربي المعاصر، كما أنها تُدخل الجميع في أتون صراعات وحروب عبثية لا طائل من ورائها، فالمستقبل السياسي للعرب يكون مزدهرا بمقدار ما يتخلص من ظواهر العنف والطائفية. وستضيع كل فرص العرب في المدنية والتحول الديمقراطي حينما تتحكم هذه الظواهر في مساره ومصائره. من هنا فإننا نعتقد أن من أهم الأزمات والمشكلات التي تواجه العالم العربي اليوم، هي مشكلة العنف وبالخصوص العنف الديني الذي يقتل ويفجر ويدمر كل شيء يقف في طريقه. ومشكلة الطائفية التي تفرق بين المواطنين على أسس واعتبارات طائفية ومذهبية. وهذه المشكلة تهدد استقرار وأمن كل المجتمعات التي تعيش حالة من التنوع والتعدد المذهبي. وأمام هذه الأزمات ومتوالياتها الخطيرة على أكثر من صعيد ومستوى، من الضروري الوقوف أمام هذه المشكلات عن طريق النقاط التالية: 1 رفع الغطاء الديني والاجتماعي عن كل الممارسات العنفية والطائفية، لأن فعالية هذه الأزمات تكون حيوية، حينما تغطى دينيا واجتماعيا. ونعتقد أن رفع الغطاء الديني والاجتماعي سيجنب كل المجتمعات التي تعاني من هذه الأزمات الكثير من الاحتمالات السيئة، التي يمكن وصفها بأنها احتمالات كارثية؛ لأن العنف الديني يمارس القتل والتفجير في سياق مبررات دينية. وإن هذه المبررات الدينية، لا يمكن أن تتوقف، لذلك هي بمثابة الزخم الشرعي الذي يمد صناع القتل والتفجير بكل المبررات والمسوغات التي تبرر له قيامه بعمله العنفي. لذلك إذا لم تسارع كل النخب الدينية والاجتماعية بممارسة موقفها الناقد من كل الممارسات العنفية والطائفية فإن هذه الممارسات ومفاعيلها الأمنية والسياسية والإستراتيجية ستهدد بشكل جدي أمن واستقرار أكثر المجتمعات العربية التي تعاني من مشكلة العنف والطائفية. 2 بناء حقائق السلام والتسامح وصيانة حقوق الإنسان وجودا ورأيا، والابتعاد عن كل نزعات التعصب الأعمى وكراهية المختلف والشعور بامتلاك الحق والحقيقة. فمواجهة العنف والطائفية، لا يمكن أن تتحقق بالرغبات المجردة، والمواعظ الأخلاقية، وإنما هي بحاجة إلى كل الحقائق المضادة في الواقع الاجتماعي والوطني. 3 تجسير العلاقة بين المختلف وتوفير كل أسباب التفاهم والتلاقي بين المختلفين، فليس قدرنا أن نتحارب ونتواجه مع بعضنا البعض، وإن تصميمنا ينبغي أن يتجه صوب كل المبادرات التي تعزز كل فرص التلاقي والتفاهم بين المختلفين. لمراسلة الكاتب: mmahfood@alriyadh.net

مشاركة :