إن سلامة أوطاننا من كل هذه الأمراض، هو الذي يمنحنا القدرة والقوة، وإن جميع أبناء الوطن يجب أن يرفعوا أصواتهم ضد العنف والطائفية. لأن التخلص منهما هو ضمان أمننا واستقرارنا السياسي العميق أثار اكتشاف خلية العبدلي بالكويت ومخازن الأسلحة والمتفجرات التابعة لها، الكثير من الأسئلة والاتهامات. وأعاد إنتاج بعض أشكال التوتر الطائفي في دولة الكويت وعموم منطقة الخليج العربي. كما أن حجم الأسلحة المكتشفة أثار الكثير من الرعب والخوف حول جدية وطبيعة الاستعدادات العسكرية، وماذا تخطط هذه الخلايا ومن يقف وراءها للمنطقة من سيناريوهات ومخططات. وعلى كل حال ما نود أن نثيره في هذه المقال من نقاط وأفكار تتعلق باكتشاف هذه الخلية والترسانة العسكرية التي تمتلكها هي الأفكار التالية: الوطن خط أحمر: قد نختلف مع بقية مكونات وتعبيرات الوطن في الكثير من الأمور، وقد نختزن رؤية نقدية لبعض جوانب الحياة في مجتمعنا، إلا إننا مع كل ذلك نرفض رفضاً قاطعاً أن يتعرض وطننا لسوء. وبالتالي فإننا نعتبر أن الوطن من أقصاه إلى أقصاه من الخطوط الحمر الذي نرفض تجاوزها أو التعدي عليها. ومن منطلق حرصنا على الوطن وأمنه واستقراره، نرفض أي توجه عنفي أو عسكري في هذا الوطن العزيز علينا جميعاً. ورفضنا العميق إلى العنف بمقدماته المختلفة، لا يتعلق بمكون دون آخر، أو بشريحة اجتماعية دون أخرى. إننا نرفض أي توجه مسلح وعنفي في هذا الوطن سواء كان هذه التوجه العنفي أو المسلح ينتمي إلى أهلنا من أهل السنة أو إلى أهلنا من أهل الشيعة. فالعنف بكل مستوياته، مدان ومستنكر، ولا يمكن القبول ببعضه ورفض بعضه الآخر. ومن هنا فإننا نعتبر الوطن بكل مخزونه الرمزي والمعنوي من الخطوط الحمراء الذي نرفض التعدي عليها بأي شكل من الأشكال. وبالتالي فان رفضنا للعنف والتسليح هو رفض استراتيجي وعميق، ولا يمكن السكوت والصمت أمام أي عمل يفضي إلى ممارسة العنف المسلح في هذا الوطن العزيز علينا جميعاً. ورفضنا للعنف لا يمكن المساومة عليه، ولا يمكن أن نغض النظر عن بعض جوانبه أو مستوياته. فهو مرفوض جملة وتفصيلاً. ومشاكل الوطن لا يمكن أن تعالج بالعنف واستخدام القوه العنفية العارية. من هنا فإننا نرفض رفضا قاطعاً، التوجه نحو اقتناء الأسلحة أو تخزينها، ونعتبر أن هذا التوجه من التوجهات الخطيرة، التي تعقد مشاكل الوطن ولا تعالجها، وتزيد من الإحن والخوف بين المواطنين. ونعتبر أن هذا التوجه خطير وفق كل المقاييس على راهن المنطقة ومستقبلها. والمطلوب دائماً من كل المكونات والتعبيرات رفع الغطاء الديني والاجتماعي والسياسي عن كل المجموعات والأفراد الذين يلجأون إلى العنف أو يدعون إليه ويحرضون على ممارسته واستخدامه. فالعنف ضد الاستقرار العميق في مجتمعاتنا، ولا يمكن اللجوء إلى هذا الخيار مهما كانت الصعوبات والمشاكل. فمن حق أي مواطن أن يعالج مشاكله ويطالب بتحسين أوضاعه، ولكن ليس من حق احد حرق الوطن وإسقاطه في محرقة العنف الأعمى الذي يدمر كل شي بدون جدوى وفائدة. ولنا عبرة عميقة من كل التجارب والمجتمعات، فالعنف دمر كل المجتمعات والتجارب، واللجوء إليه، هو بمثابة اللجوء إلى الخيار الخاسر على كل المستويات. فالعنف يدمر ولا يبني، يقتل ولا يحيي، يفاقم من الأزمات ولا يعالجها. إن عملية اكتشاف خلية العبدلي وكذلك الأعمال التفجيرية والإرهابية التي قامت بها داعش في بيوت الله في أكثر من موقع في المملكة، كل هذا يؤكد أننا في المنطقة نواجه عدوين أساسيين وهما: 1- العنف واستخدام القوه العارية، كوسيلة من وسائل تغيير المعادلات أو الوصول إلى الأهداف والغايات. 2- والطائفية بكل مخزونها الإلغائي والإكراهي. وان العنف يتغذى ضمن ما يتغذى عليه على الطائفية، وان مسوغ ممارسة العنف شيوع ظاهرة التخندق الطائفي. لذلك فإننا نعتقد أن أمن واستقرار المنطقة، يتطلب العمل على إنهاء الطائفية والعنف في المنطقة. وهذا بحاجة إلى عمل امني وثقافي وسياسي واجتماعي، لتغيير بعض المعادلات، التي تغذي أهل العنف كما تغذي أهل الطائفية. وبدون هذا العمل المستديم والمتواصل والجاد، ستبقى المنطقة تعاني من جراء هذه الممارسات التي تستهدف تفكيك مجتمعاتنا وإسقاطها في أتون الفتن الطائفية، وتدمير مكاسب الوطن عبر ممارسة العنف والتفجيرات. من هنا ينبغي أن نرفع الصوت عاليا ضد العنف بكل مستوياته ومبرراته. وندعو الجميع إلى ضرورة تفعيل صيانة الوطن من كل المخاطر والتحديات. وإن هذه الصيانة تتطلب من الجميع الوقوف بحزم ضد كل نزعة تفرق بين المواطنين على أساس طائفي أو مذهبي. وخلاصة القول: إن سلامة أوطاننا من كل هذه الأمراض، هو الذي يمنحنا القدرة والقوة، وإن جميع أبناء الوطن يجب أن يرفعوا أصواتهم ضد العنف والطائفية. لأن التخلص منهما هو ضمان أمننا واستقرارنا السياسي العميق. لمراسلة الكاتب: mmahfood@alriyadh.net
مشاركة :