الخرطوم - سلّط النائب الأول لرئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، المزيد من الضوء على خلفيات الحملة التي تشنّها قطر بالتعاون مع تركيا وجماعة الإخوان المسلمين على الخرطوم منذ سقوط نظام الرئيس السابق عمر حسن البشير ودخول السودان في مسار انتقالي تقوده نخبة سياسية غير مرتبطة بالإخوان وتحاول جاهدة تجاوز التركة الثقيلة لفترة حكمهم ذات النتائج الكارثية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا. وقال حميدتي إنّ الدوحة ضالعة في مؤامرة على السلطات الجديدة في السودان، كاشفا تفاصيل رفض الخرطوم استقبال وزير الخارجية القطري في أوج تحركات بلاده عقب الإطاحة بنظام البشير. ولم تكفّ قطر في الفترة التي أعقبت سقوط نظام البشير على تسليط أضوائها الإعلامية على الأوضاع الصعبة التي يعيشها السودان بهدف الإيحاء بفشل عملية الانتقال السياسي السلمي، بالتوازي مع تركيزها على شخصيات سودانية بعينها في مقدّمتها حميدتي موجّهة لها الاتّهام بالضلوع بشكل مباشر في الحرب الدائرة في ليبيا بين الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر وميليشيات حكومة الوفاق بقيادة فايز السرّاج والمدعومة من تركيا بالمال والسلاح والمرتزقة الأجانب. وتقول مصادر سياسية سودانية إنّ قطر حاولت بداية استمالة السلطات السودانية الجديدة وإغرائها بالمساعدات، وإنّها تحوّلت لاحقا من الإغراء إلى الضغط عندما اصطدمت بممانعة تلك السلطات ورفضها إعادة التمكين للإخوان في المرحلة السودانية الجديدة. وكشف حميدتي وهو أيضا قائد قوات الدعم السريع في السودان، أن زيارة وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إلى الخرطوم تم رفضها لأنها “جاءت فجأة ومن دون التنسيق المسبق والاستئذان من المجلس العسكري”، مضيفا “المجلس رفض نزول الطائرة، لأنه لم يبلغنا أحد بها”، ومؤكّدا “أبلغونا وطائرته في الجو”. وصنّف الضابط والمسؤول السوداني الكبير زيارة المسؤول القطري ضمن “المؤامرات الخبيثة” لقطر، قائلا “القطريون تحدونا.. وقطر نسقت مع أطراف داخل المجلس العسكري من دون الاستئذان وأرادوا الفتنة”، ومشيرا إلى أن ما حدث يدخل في إطار عمل “اللوبي الذي يعمل على شيطنة المجلس العسكري وقوات الدعم السريع”. وتدعم المصادر كلام حميدتي موضّحة أن من السيناريوهات التي وضعتها قطر وحاولت تنفيذها في السودان شقّ صفوف نخبته الحاكمة الجديدة عبر استمالة عدد من كبار القادة العسكريين والمدنيين وإقناعهم بالإطاحة بقادة آخرين تعتبرهم الدوحة غير متعاونين معها ورافضين تدخّلها في الشأن الداخلي للبلد. لوبي قطري تركي وراء حملة شيطنة المجلس العسكري وقوات الدعم السريع واتهامهما بالتورط في الحرب الدائرة بليبيا ولم تستثن ذات المصادر وقوف قطر وراء محاولة انقلاب خطّط لها ضباط ينتمون إلى جماعة الإخوان وكشفت عنها السلطات السودانية في أبريل الماضي إثر تحرّكات في الشارع كانت تهدف إلى سيطرة معتصمين من جمهور الجماعة على مقر القيادة العامّة للجيش وسط العاصمة الخرطوم، بهدف شلّها وتمهيد الطريق أمام الانقلابيين. وأكّد حميدتي الذي كان يتحّدث في حوار تلفزيوني لقناة سودانية 24 أن “علاقات السودان مع العالم مبنية على المصالح المشتركة ولا اصطفاف في أي محور”. وكان وزير الخارجية القطري الشيخ محمّد بن عبدالرحمن آل ثاني ينوي زيارة الخرطوم بعد أيام قليلة من عزل المجلس العسكري للبشير بعد احتجاجات شعبية عارمة على حكمه الذي استمر نحو 30 عاما وكانت تجمعه بالدوحة علاقات وثيقة هي امتداد لدعم قطر لجماعات الإسلام السياسي بما في ذلك أشدّها تطرّفا وعنفا. ولا توجد حاليا علاقات دبلوماسية بين الدوحة والخرطوم حيث تتهم الأخيرة قطر بالعمل على زعزعة الاستقرار بالبلاد عبر تحركات مشبوهة لدعم إخوان السودان لإعادة تأهيلهم بهدف التشويش على السلطة الجديدة في البلاد. وبشأن المزاعم التي روجها الإعلام القطري عن إرسال السودان لمقاتلين للقتال إلى جانب قوات الجيش الوطني الليبي نفى حميدتي إرسال “أي مرتزق للقتال في ليبيا”، معتبرا أن الأنباء التي تروّجها قطر وتركيا بهذا الخصوصا جزء من حملة شيطنة قوات الدعم السريع التي عملت على حماية المعتصمين من بطش نظام البشير. وكشف حميدتي عن تدخله للوساطة بين الفرقاء الليبيين، بعد زيارة سابقة لنائب رئيس حكومة الوفاق الليبية إلى الخرطوم، مشيرا إلى أن “بعض الأطراف لم تقبل المبادرة”. وقال إن “الادعاء بوجود مقاتلين من الدعم السريع في ليبيا ادعاء كاذب لا أساس له”، كما شدد على أن “وجود القوات السودانية في اليمن يهدف إلى دعم الشرعية ولسنا مرتزقة”. وبخصوص الأحداث التي رافقت عملية الإطاحة بنظام البشير كشف حميدتي أنّ قوات الدعم السريع التي يقودها أحبطت في اليوم الذي أعلن فيه عن عزل الرئيس السابق، مخططا لإبادة المعتصمين أمام القيادة العامة للجيش. وقال إنه “بتاريخ 11 أبريل 2019 تحركت 13 دبابة من المدرعات بالخرطوم بكامل عتادها تتبع لتشكيل من خارج المنظومة العسكرية لإبادة المعتصمين أمام القيادة العامة للجيش” موضّحا أنّه لولا وقفها من قبل قوات الدعم السريع لتحّول المعتصمون إلى رماد.
مشاركة :